العقوبة الرضائية في الشريعة الاسلامية والانظمة المعاصرة-دراسة مقارتة

ISBN 9789957169824
الوزن 1.500
الحجم 17×24
الورق ابيض
الصفحات 864
السنة 2017
النوع مجلد

تحتل نظرية الدعوى العمومية مكاناً أساسياً في القوانين الإجرائية الجنائية المختلفة، فهناك تلازم بين سلطة الدولة في العقاب وبين الدعوى الجنائية، فمن المقرر أنه لا عقوبة بغير دعوى جنائية، حيث إن حق الدولة في العقاب هو حق قضائي وتباشرها النيابة العامة، ولا يجوز التصرف فيها بالتنازل عنها أو التعهد بعدم تحريكها أو بالتخلي عن الطعن في الأحكام الصادرة بشأنها، وكل تصرف منها يفيد ذلك يقع باطلاً، وقد جاء في الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية المصري أنه لا يجوز ترك الدعوى الجنائية أو وقفها أو تعطيل سيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون، وبذلك لا يجوز لها الدخول في أية مساومة مع الجاني بغرض إعفائه من المسؤولية الجنائية أو إفلاته من العقاب، ولو كان ذلك في مقابل التزامه بإصلاح الضرر الناشئ عن جريمته، فالنيابة لا تملك أن تتنازل عن حقها في ذلك بالتصالح مع المتهم، وبذلك تعد الدعوى الجنائية وبحق إحدى حلقات الشرعية التي حرصت الإنسانية على التمسك بها؛ لما تنطوي عليه من ضمان إجراء محاكمة عادلة للفصل في إدانة الفرد من عدمه عن أي جريمة تنسب إليه، حيث تهدف إلى تحقيق العدالة، وتعتبر ضمانة مؤكدة من ضمانات المتهم، بيد أن الدعوى الجنائية ليست حفلة عامة لإذلال المتهم، وهذه أصول قدمت البشرية لإقرارها كثيراً من التضحيات، وبقيت متمسكة فيها كرد فعل إزاء ما كانت تعانيه من تعسف في التجريم والعقاب في أغلب المجتمعات وبالفعل وفي بدايات القرن العشرين تدخلت الدولة في شتى مجالات الحياة رافقه تضخم تشريعي في المجال الجنائي inflation pénale، جعل أجهزة العدالة الجنائية ترزح تحت وطأة كم هائل من القضايا والأعباء التي تتجاوز بكثير هذه الأجهزة، مما أدى إلى تأخير في حسم القضايا، وحال دون قيام القضاء بممارسة دوره في تفريد العقوبة بالشكل المناسب، كما حال دون ممارسة الأجهزة المختصة بتنفيذ العقوبة لدورها في تفريد المعاملة العقابية وتحقيق الإصلاح المنشود، فبدت العقوبة قاصرة عن تحقيق أهدافها في الردع والإصلاح، فارتفعت نسب العود والتكرار، وبدأ الشك يحيط بالعقوبة وفاعليتها كوسيلة في قمع ظاهرة الإجرام والقضاء عليها أو التخفيف منها، فنشأ ما بات يعرف بأزمة العقوبة. وأدى التوسع في التجريم إلى الإسراف في استخدام الدعوى الجنائية لتحقيق سلطة الدولة في العقاب، وتزامن هذا الإسراف مع طول الإجراءات الجنائية فأصبحت المعاناة ذات وجهين؛ وجه عقابي سببه هذا التوسع في التجريم، ووجه إجرائي سببه الدعوى الجنائية بإجراءاتها الطويلة. وظهر إلى السطح ما يعرف بأزمة العدالة الجنائية la crise de la Justice pénale، فالعوامل التي تعرقل سير العدالة الجنائية تتعدد وتتضاعف يوماً بعد يوم، من تعقيد في الإجراءات، وإغراق في الشكليات، ووحدة السلاح الإجرائي المستخدم - كقاعدة عامة - على الرغم من أن الظاهرة الاجرامية متعددة ومتنوعة إلى جانب الزيادة الكبيرة في عدد الجرائم كماً ونوعاً، إلى الحد الذي أمكن معه القول بأن العدالة الجنائية - المرفق الذي ينصف الآخرين- قد أصبح في حاجة لمن ينصفه ، ويربط بعض الباحثين بين طبيعة النظام الإجرائي السائد في الدولة وبين سرعة الإجراءات، حيث إن النظام الاتهامي يحقق أكبر سرعة ممكنة في الإجراءات، عن النظام المختلط، بينما يشوب النظام التنقيبي بالبطء وتعقيد سير الدعوى الجنائية. ففي فرنسا يتم كل عام إثبات حوالي 3,5 مليون جريمة، وهذا المعدل تم تسجيله في الأعوام الأخيرة، بالإضافة إلى ذلك المعدل الأسود الشهير للإجرام، وهذه الظاهرة في مجموعها تكشف عن وجود أزمة للعدالة الجنائية، وهذا بالإضافة إلى قرارات الحفظ حيث تم حفظ 80% من الشكاوى التي وردت إلى النيابة العامة على سبيل المثال في عام 1993، وهذا يدل على حجم الأزمة. وهو نفس الحال في جميع الأنظمة القضائية، ففي مصر ترد إلى النيابات ملايين الشكاوى، وفي فلسطين هناك 58 ألف قضية مدورة، حتى منتصف عام 2009، ويزيد عدد الدعاوى التي تعرض على النيابة العامة الألمانية سنوياً على ثمانية ملايين قضية، والحقيقة التي لا يمكن إنكارها، أن كماً من الأدلة ضاعت بسبب طول الإجراءات وتعقيدها، أو كماً من المجرمين ارتكبوا أشد الجرائم فتكاً وضاعت أدلة الاتهام ضدهم، فعادوا إلى مجتمعاتهم أبرياء كما ولدتهم أمهاتهم، ومن ناحية أخرى، فإن سنوات طوالاً تفصل بين وقوع الجريمة وتوقيع العقاب تقود إلى عدم الثقة في القانون، وتضعف من نفوذه وهيبته في نظر الجميع، فالرأي العام لا يهتم بالعقوبة قدر اهتمامه بالجريمة، ولا شك أن بطء العدالة يطمر فكرة الردع القانوني. ومع مرور الوقت ينسى الناس أن هناك عقاباً سوف يطبق، وتظل الجريمة قائمة في أذهانهم ويتزايد لديهم الإحساس بأن المجرم قد مر دون عقاب، ولا شك أن كل ذلك يخلع من المجتمع إحساسه بالثقة والأمن، ويولد نزعات الثأر الفردي مع ما يقود إليه من هدم لوجود الدولة ذاتها. فالتجربة أثبتت قصور العدالة التقليدية في مواجهة ظاهرة تزايد منازعات الجمهور في النطاق الجنائي وكذلك كشفت خطورة أزمة وسائل التنظيم الاجتماعي، فضلاً عن قصور السياسة الجنائية التقليدية في معالجة هذا النقص. وأمام هذه المؤشرات الخطيرة كان لابد للسياسة الجنائية أن تعيد النظر في إستراتيجيتها المتبعة في مكافحة الإجرام، وبالفعل بدأت السياسة الجنائية منذ منتصف القرن الماضي تبحث عن وسائل تحقق أقصى فاعلية ممكنة في مكافحة الإجرام. وقد حاولت التشريعات المختلفة وضع آلية لهذه السياسة محل التطبيق، وهذه الآلية اختلف نظامها ومداها من تشريع إلى آخر تبعاً للظروف الخاصة بكل دولة، والأهداف المرسومة للسياسة الجنائية فيها. وعليه اتجهت السياسة الجنائية اتجاهين: أحدهما موضوعي، ويتمثل في سياسة الحد من التجريم La décriminalization، وسياسة الحد من العقاب La dépénalisation، وإحلال التدابير الاحترازية محل العقوبات التقليدية، والآخر اتجاه إجرائي يتمثل في الوسائل الممكنة في تيسير إجراءات الدعوى الجنائية، أو بدائل الدعوى الجنائية، فكانت من أهم آليات السياسة الجنائية المعاصرة لمواجهه أزمة العدالة الجنائية، فلم يقتصر بدائل الدعوى الجنائية في نطاق الإجراءات الجنائية، وإنما يجب النظر بعين الاعتبار إلى القوانين الجنائية الموضوعية والإجراءات على السواء، فلكل قانون من هذه القوانين دوره في الوصول إلى الأهداف المبتغاة من بدائل الدعوى الجنائية، وبذلك بدأت تضعف قيمة الدعوى الجنائية كأسلوب قانوني لإعمال سلطة الدولة في العقاب، بعد أن لوحظ أن جهود المجتمع لمعالجة المجرمين كانت في أسوأ تقدير غير إنسانية، وفي أحسن تقدير غير فعالة، وأنها في الغالب عقيمة، وفي جميع الأحوال مشوشة، وبهذا الوضع يتأكد التداخل بين القطاع العقابي، والقطاع الإجرائي، ويوجب التعاون بينهما لتحقيق أهداف السياسة الجنائية المعاصرة، ومن هنا كان هناك تعاصر حتمي بين بدائل العقوبة، وبدائل الدعوى الجنائية، وعليه لا بد من ظهور بدائل إجرائية عن الدعوى الجنائية، تستقيم مع فكرة التخلص من العقوبة التقليدية، وتجعل من هذه البدائل وعاء يحقق فيه آفاقه المستقبلية بالرغم من معرفة قانون الإجراءات لبدائل الدعوى الجنائية من الناحية الإجرائية منذ زمن غير قصير. فنجد مثالاً لذلك في المذكرة رقم (1) لمشروع قانون الإجراءات الجنائية المصري الحالي الصادر في 3 سبتمبر 1950: "أن يحدد قانون الإجراءات الجنائية الطريق الذي يكفل للدولة حقها في القصاص من المجرم، ويعني بصفة خاصة بالنظم والأحكام التي ترمي إلى تبسيط الإجراءات الجنائية وسرعتها، لينال الجاني جزاءه في أقرب وقت، وذلك بغير إخلال بالضمانات الجوهرية التي تمكن البريء من إثبات براءته". فأخذت النزعة الاجتماعية تملي على السياسة الجنائية، وذلك لحل الصراعات، وتوجيه مصير المجتمع في وسائل يغلب عليها المظاهر الاجتماعية؛ مثل العدالة الجنائية الرضائية، والتصور الجديد للعدالة الجنائية يجمع في طياته عنصرين أساسيين: التحول من العدالة القهرية الى العدالة الرضائية من جانب، والإسراع في الإجراءات الجنائية التقليدية من جانب آخر، ولكن بمباركة القضاء وتأييده لها لرفعها إلى مرتبة الأحكام القضائية من حيث القوة التنفيذية، فتعالت الأصوات في مجلس وزراء أوروبا باتباع نظام العقوبة الرضائية البديلة، فكانت توصيته في عام 1987، للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باللجوء إلى إجراءات الاعتراف بطريق المفاوضة plea-guilty، أحد انظمة العقوبة الرضائية، وكذلك في المؤتمرات الدولية فقد أوصى مؤتمر الأمم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد في فيينا – في الفترة من 10 إلى 17 إبريل سنة 2000، بنهج آليات العدالة الرضائية أوالتصالحية، وقد أوصى مؤتمر تطوير نظام العدالة الجنائية - والمنعقد بالقاهرة في الفترة من 13 إلى 15 أكتوبر 2003، باستخدام نظام الإقرار بالجرم المكتوب (مفاوضة الاعتراف) والتوسع في نطاق التصالح والصلح، والأمر الجنائي. وهذا ما انتهجته السياسة التشريعية، ففي مصر وبعد عودة نظام التصالح إلى الحياة بموجب القانون رقم 174 لسنة 1998، بتعديل قانون الإجراءات الجنائية؛ وحرصاً من المشرع المصري على الإصلاح التشريعي من خلال إجراء تعديلات في القوانين بغية تطبيق الأحكام الواردة في الدستور بهدف تحقيق غايات محددة تنحصر في تيسير إجراءات التقاضي وكفالة تقريب جهات القضاء من المتقاضين، وسرعة فصل المحاكم في القضايا المعروضة عليها مع الحفاظ على الحريات والحقوق العامة والخاصة معاً، فقد أصدر المشرع القانونين رقم 74 سنة 2007، 153 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، وذلك بالتوسع في نظامي التصالح والأمر الجنائي، ــ من ضمن أنظمة العقوبة الرضائية ــ، ولهذين التعديلين أهداف يمكن حصرها كما يأتي: أولاً: التخفيف عن المحاكم بالتوسع في تفعيل تطبيق نظام التصالح في الدعاوى الجنائية من خلال إضافة جرائم أخرى يمكن إعمال هذا المبدأ عليها. ثانياً: تحديث الأوامر الجنائية، وزيادة نطاق تطبيقها، لتشمل جميع الجنح المعاقب عليها بالغرامة أو بالحبس الجوازي، أو بعبارة أخرى غير المعاقب عليها بالحبس وجوباً. ثالثاً: سرعة الفصل في قضايا الجنح المنظورة أمام المحاكم وتبسيط إجراءات الطعن فيها؛ حفاظاً على حقوق الأفراد. وهو ما شرعه أيضاً المشرع الإيطالي حين تبنى بإقراره القانون رقم 447، بتاريخ 16 فبراير 1988، لإجراءات جميع صور نظام العقوبة الرضائية من العقوبة بالاتفاق "مفاوضة الاعتراف"، والمحاكمة الإيجازية، والأمر الجنائي، والتصالح، وكذلك المشرع الألماني حيث أقر في المادة 153 في الفقرات أ،ب، والمادة 154 إجراءات جنائية نظام الحفظ تحت شرط قيام المتهم بواجبات معينة، وإقراره أنظمة الوساطة الجنائية والتصالح والأمر الجنائي، فالعامل المشترك في جميع هذه الأنظمة البديلة عن الدعوى الجنائية هو الرضائية القائمة بين سلطة تنفيذ القانون والمتهم في اختصار إجراءات الدعوى الجنائية، والاعتراف الصريح أو الضمني بالوقائع؛ في مقابل فرض عقوبة رضائية مخفضة متفق عليها. أما المشرع الفرنسي فهو لم يتوان عن تحقيق ذات الهدف، فأصدر العديد من القوانين الساعية نحو تبسيط إجراءات التقاضي وتفعيل العدالة، بتبني أنظمة العقوبة الرضائية، من الوساطة الجنائية، والأمر الجنائي، والتسوية الجنائية، ونظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم، وكان آخرها وأهمها على الإطلاق قانون مواءمة العدالة لتطورات الجريمة رقم 2004-204 الصادر في 9 مارس 2004، فهو القانون الأكثر أهمية، منذ قانون الإجراءات الجنائية الصادر عام1959، ويشكل علامة بارزة على تطور الدعوى الجنائية، وبذلك أراد المشرع أن يوفق ما قد يستعصي على التوفيق بمعنى أن يقلل من عدد قرارات الحفظ، وفي ذات الوقت أن يعالج ذلك التزاحم من قبل القضايا أمام قضاء الحكم وبذلك فإن هذه الأنظمة تمثل ما يسمى بالطريق الثالث la troisème voie، بمعنى أن النيابة العامة في سبيل معالجة الدعوى الجنائية ليست بين الخيارين التقليدين فقط، وهما إحالة الدعوى للمحاكمة أو حفظ الدعوى، وإنما هناك طريق ثالث يتمثل في بدائل الدعوى - نظام العقوبة الرضائية- المنصوص عليها في المواد 1-41، 2-41، 3-41 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي، وقد أولت هذه آليات الرضائية اهتمامها بالمجني عليه الطفل المدلل enfant chéri للمشرع الفرنسي في ضوء السياسة الجنائية المعاصرة ، ولا شك ان نظام العقوبة الرضائية يضمن الحق في المحاكمة السريعة. وبذلك نستطيع القول: بأن السياسة الجنائية تتجه نحو التحول من عدالة عقابية الى عدالة رضائية، تقوم على مراعاة البعد الاجتماعي في المنازعات الجنائية، من مراعاة حقوق المجني عليهم، وتأهيل الجاني ليصبح فرداً صالحاً في المجتمع وإعادة الانسجام بين أفراد المجتمع لتحقيق السلم الاجتماعي. والعامل المشترك بين جميع أنظمة العقوبة الرضائية هو الرضائية، بمعنى رضا الجاني الصريح أو الضمني بإجراء نظام العقوبة الرضائية والعقوبة المفروضة بواسطته من خلال الاتفاق بين سلطة تنفيذ القانون من القضاء، أو النيابة العامة، أو مأموري الضبط القضائي، أو الإدارة مع الجانح مرتكب الوقائع على الإجراء والعقوبة معاً، وبذلك تتحقق العقوبة الرضائية ، ونقصد بنظام العقوبة الرضائية كونه نظاماً إجرائياً وإن تزامن معه بدائل العقوبة، وبذلك فقد تجلت صورة أخرى للعدالة الجنائية سميت العدالة الرضائية La Justice consensuelle، وقد تأخذ العدالة الجنائية شكلاً تفاوضياً La Justice Negociée، وهذا يعني خصخصة الدعوى الجنائية، فاستخدام نظام العقوبة الرضائية يعتمد على قبول الأطراف الخاصة وبمعاونة القضاة، على إبرام اتفاق بخصوص مصير الدعوى الجنائية، وقد تصبح الرضائية منذ هذه اللحظة أمراً محيراً، بل وأحيانا مفزعاً. فكيف نتصور في الواقع أن تتلاقى الإرادات الخاصة مع السلطات العامة، وفي أغلب الأحيان ــ بناء على اقتراح هذه الأخيرة ــ على إصابة القواعد الجنائية بالشلل، وهي تلك القواعد التي تعد من قبيل النظام العام. ولقد كان للشريعة الإسلامية قصب السبق في تبني فكرة الرضائية، وبخاصة نظام الوساطة الجنائية الذي يتماثل مع نظام الصلح في النظام الجنائي الإسلامي، حيث حثت عليها منذ ما يزيد عن أربعة عشر قرناً، وخير دليل على ذلك قوله تعالى: (وأن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) سورة الحجرات، الآية رقم:.9 ، وقد جاءت السنة المطهرة مؤكدة ومحبذة للوساطة بين المسلمين، حيث روى أبو هريرة ــ رضي الله ــ عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أصلح بين اثنين استوجب ثواب شهيد" وقد كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري: "ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث الضغائن". ولا يستقيم بحثنا في نطاق العقوبة الرضائية على حكم التشريع الوضعي، وأن نغفل دراسة أحكام الشرع الحنيف في هذا، لذلك فقد أفردنا في كثير من الأحيان مباحث خاصة بأحكام الشريعة الغراء ومقارنتها بأحكام التشريع الوضعي حيث يقتضي الأمر، حتى يمكننا استنباط الضوابط والأحكام التي تكفل حسن تطبيق النظام بما يحقق الغاية التي شرع من أجلها.

الصفحةالموضوع
27 المــــــلـــــخـــــص
29 مقـدمة عامة
القسم الأول
الأحكام العامة لنظام العقوبة الرضائية
54 الباب الأول: أزمة العدالة الجنائية ... وبدائل الدعوى الجنائية
55 الفصل الأول: أزمة العدالة الجنائية
55 المبحث الأول: أزمة العدالة الجنائية في الأنظمة القضائية المختلفة
61 المبحث الثاني: أسباب أزمة العدالة الجنائية
62 المطلب الأول: ظاهرة التضخم التشريعي
64 المطلب الثاني: أزمـة العقــوبة
65 المطلب الثالث: ظاهرة الحبس قصير المدة
67 المطلب الرابع: ظهور نماذج إجرامية معقدة
68 المطلب الخامس: قصور السجن في دوره الإصلاحي وارتفاع تكلفة الجريمة
71 المطلب السادس: سياسة الإغراق في الشكليات الإجرائية
73 المطلب السابع: فقد فعالية أجهزة العدالة الجنائية
76 المبحث الثالث: آثار أزمة العدالة الجنائية
76 المطلب الأول: البطء في الإجراءات الجنائية
79 المطلب الثاني: حفــظ الملفــات والحد من قدرة الجهاز القضائي على مواجهة الجريمة
80 المطلب الثالث: الإخلال بمبدأ المساواة
82 المطلب الرابع: خشية إدانة الأبريـــاء
84 الفصل الثاني: بدائـل الدعوى الجنــائية
84 المبحث الأول: ماهية بدائل الدعوى الجنائية
85 المطلب الأول: تحديد مفهوم بدائل الدعوى الجنائية
87 المطلب الثاني: تطوّر سلطة الدولة في العقاب وبدائل الدعوى الجنائية
92 المطلب الثالث: مدى دستورية بدائل الدعوى الجنائية
95 المبحث الثاني: أشكال البدائل في ضوء السياسة الجنائية المعاصرة
96 المطلب الأول: البدائــل العقابيــة
97 الفرع الأول: سياسة الحد من التجريم
101 الفرع الثاني: سياسة الحد من العقاب
109 المطلب الثاني: البدائــل الإجرائيــة
110 الفرع الأول: آليات تيسير الإجراءات الجنائية وتفعيلها
132 الفرع الثاني: سياسة بدائل الدعوى الجنائية
139 المبحث الثالث: تقييم سياسة البدائــل
142 الفصل الثالث: صور نظام العقوبة الرضائية في القانون المقارن
142 المبحث الأول: نظام العقوبة الرضائية في الدول ذات النظام الأنجلوأمريكي
143 المطلب الأول: نظام العقوبة الرضائية في إنجلترا
143 الفرع الأول: التنظيم القضائي
145 الفرع الثاني: صور نظام العقوبة الرضائية في إنجلترا وويلز
152 المطلب الثاني: نظام العقوبة الرضائية في اسكتلندا
153 المطلب الثالث: نظام العقوبة الرضائية في أمريكا
153 الفرع الأول: الدعوى الجنائية في الولايات المتحدة
156 الفرع الثاني: صور نظام العقوبة الرضائية في أمريكا
164 المطلب الرابع: نظام العقوبة الرضائية في كندا
165 الفـرع الأول: نظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم (مفاوضة الاعتراف)
166 الفرع الثاني: الوساطة الجنائية في كندا
167 المبحث الثاني: نظام العقوبة الرضائية في الدول ذات الأصل اللاتيني والجرماني
168 المطلب الأول: نظام العقوبة الرضائية في فرنسا
168 الفرع الأول: تحول المشرّع الفرنسي نحو تبني بدائل الدعوى الجنائية وزيادة فعالية الإجراءات الجنائية
169 الفرع الثاني: صور نظام العقوبة الرضائية في فرنسا
178 المطلب الثاني: نظام العقوبة الرضائية في إيطاليا
179 الفرع الأول: الإصلاح القضائي في نظام العدالة الجنائية في إيطاليا
182 الفرع الثاني: صور نظام العقوبة الرضائية
189 المطلب الثالث: نظام العقوبة الرضائية في ألمانيا
189 الفرع الأول: النِّظام القضائي الألماني
191 الفرع الثاني: صور نظام العقوبة الرضائية في ألمانيا
201 المطلب الرابع: نظام العقوبة الرضائية في الدول الأخرى
201 الفرع الأول: نظام العقوبة الرضائية في بلجيكا
207 الفرع الثاني: نظام العقوبة الرضائية في هولندا
208 الفرع الثالث: نظام العقوبة الرضائية في سويسرا
211 الفرع الرابع: نظام العقوبة الرضائية في فلندا
213 الفرع الخامس: نظام العقوبة الرضائية في كلٍ من البرتغال وإسبانيا
215 المبحث الثالث: نظام العقوبة الرضائية في الدول العربية
215 المطلب الأول: استقراء لنظام التصالح الجنائي في الدول العربية
217 الفــرع الأول: التصالح في القانون الفلسطيني
218 الفرع الثاني: التصالح في القانون الأردني
219 الفرع الثالث: التصالح في القانون الليبي
220 الفرع الرابــع: التصالح في القانون اليمني
221 الفرع الخامس: التصالح في القانون الجزائري
221 الفرع السادس: التصالح في القانون الموريتاني
222 الفرع السابع: التصالح في القوانين العربية الأخرى
225 المطلب الثاني: استقراء لنظام الأمر الجنائي في الدول العربية
228 الفرع الأول: نظام الأمر الجنائي في التشريع الفلسطيني
228 الفرع الثاني: نظام الأمر الجنائي في التشريع الأردني
229 الفرع الثالث: نظام الأمر الجنائي في التشريع اللبناني
230 الفرع الرابع: نظام الأمر الجنائي في التشريع السوري
231 الفرع الخامس: نظام الأمر الجنائي في التشريع الكويتي
232 الفرع السادس: نظام الأمر الجنائي في التشريع المغربي
233 الفرع الســابع: نظام الأمر الجنائي في التشريع الجزائري
234 الفرع الثــامن: نظام الأمر الجنائي في التشريع الليبي
234 المطلب الثالث: استقراء نظام الوساطة الجنائية في البلدان العربية
235 الفرع الأول: نظرة على القانون الجنائي العرفي
237 الفرع الثاني: تطبيق الوساطة في الدول العربية
246 الباب الثاني: ماهية نظام العقوبة الرضائية
247 الفصل الأول: مفهوم نظام العقوبة الرضائية
247 المبحث الأول: تعريف نظام العقوبة الرضائية
254 المبحث الثاني: ذاتية نظام العقوبة الرضائية
254 المطلب الأول: نظام العقوبة الرضائية وقيود الدعوى الجنائية
255 الفرع الأول: أوجــه الاتفـــــاق
256 الفرع الثاني: أوجــه الاختـــلاف
257 المطلب الثاني: نظام العقوبة الرضائية والصلح الجنائي
258 الفرع الأول: أوجـــه الاتفــــاق
260 الفرع الثاني: أوجـــه الخــــلاف
264 المطلب الثالث: نظام العقوبة الرضائية ونظام وقف التنفيذ مع الالتزام بالعمل للمصلحة العامة
265 الفرع الأول: أوجـــه الاتفـــاق
267 الفرع الثاني: جوانب الاختـــلاف
270 المبحث الثالث: أساس مشروعية نظام العقوبة الرضائية
271 المطلب الأول: النظريات العلمية والمبادئ التي يقوم عليها أساس حق العقاب في القانون المعاصر
271 الفرع الأول: طبيعة سلــطة العقــــاب
275 الفرع الثاني: مدى مشروعية نظام العقوبة الرضائية
277 المطلب الثاني: أساس مشروعية نظام العقوبة الرضائية
277 الفرع الأول: الجريمــة الخاصــة
278 الفرع الثاني: ترجيح مصلحة المجني عليه على المصلحة العامة
278 الفرع الثالث: الموازنة بين أغراض العقوبة
279 الفرع الرابع: اعتبارات الملاءمــــة
281 الفرع الخامس: الظروف المخففة
282 الفرع السادس: الطبيعة المدنية للجزاءات المالية المقررة للجرائم الاقتصادية
283 الفرع السابع: اعتبــــارات النفعيـــة
283 الفرع الثامن: الضرورة الاجتماعية والإجرائية
284 الفرع التاسع: رأينا في الموضوع
285 المبحث الرابع: السمات العامة والفروقات المختلفة لنظام العقوبة الرضائية
286 المطلب الأول: السمات العامة لنظام العقوبة الرضائية
286 الفرع الأول: الرضـائيــة
289 الفرع الثاني: نظام العقوبة الرضائية بديل عن الدعوى الجنائية
290 الفرع الثالث: نظام العقوبة الرضائية لا يكون إلا بمقابل
292 المطلب الثاني: الفروقات المختلفة لنظام العقوبة الرضائية
292 الفرع الأول: الفروقات المختلفة بين نظامي العقوبة الرضائية في كل من نظامي الأنجلوالأمريكي، والدول ذات الأصل اللاتيني
296 الفرع الثاني: موقف نظام العقوبة الرضائية من ضرورة الاعتراف
299 الفرع الثالث: دور المحكمة في نظام العقوبة الرضائية
308 الفرع الرابع: نظام العقوبة الرضائية والإدانة
312 الفرع الخامس: نوعية العقوبة الرضائية المفروضة بواسطة نظام العقوبة الرضائية
316 الفرع السادس: قابلية العقوبة الرضائية للطعن فيها
319 الفصل الثاني: نظام العقوبة الرضائية بين المعارضة والتأييد
320 المبحث الأول: خصوم فكرة نظام العقوبة الرضائية
320 المطلب الأول: الاعتراضات الفلسفية لنظام العقوبة الرضائية
320 الفرع الأول: الإخلال بمبدأ المساواة والعدالة
326 الفرع الثاني: التعارض مع أغراض السياسة العقابية
334 الفرع الثالث: أنظمة العقوبة الرضائية تمثل افتئاتاً على السلطة القضائية
339 المطلب الثاني: الاعتراضات القانونية لنظام العقوبة الرضائية
339 الفرع الأول: الإخلال بالمبادئ العامة في القانون الجنائي
343 الفرع الثاني: التعارض مع حق المتهم في الاستفادة من الضمانات القضائية
348 الفرع الثالث: الخشية من إدانة الأبرياء
352 المطلب الثالث: الاعتراضات العملية لنظام العقوبة الرضائية
352 الفرع الأول: المس بثقة المجتمع
253 الفرع الثاني: الإضرار بحقوق المضرور من الجريمة
357 الفرع الثالث: اضطراب العلاقة بين سلطة تنفيذ العقوبة والمخالف
358 المبحث الثاني: أنصار فكرة نظام العقوبة الرضائية
359 المطلب الأول: المزايا الاجتماعية لنظام العقوبة الرضائية
359 الفرع الأول: تحقيق السلام الاجتماعي بين أفراد المجتمع
360 الفرع الثاني: تجنب آثار الإدانة الجنائية
361 الفرع الثالث: التوفيق بين القوانين والتطور في مفاهيم الأخلاق والأعراف المجتمعية السائدة
362 المطلب الثاني: المزايا الاقتصادية لنظام العقوبة الرضائية
363 الفرع الأول: توفير الوقت لصالح أطراف الدعوى الجنائية
365 الفرع الثاني: توفير النفقات لصالح أطراف الدعوى الجنائية
365 الفرع الثالث: توافق نظام العقوبة الرضائية مع غايات المشرّع في الجرائم الاقتصادية والمالية
366 المطلب الثالث: المزايا العملية لنظام العقوبة الرضائية
366 الفرع الأول: الإسهام في علاج أزمة العدالة الجنائية
369 الفرع الثاني: نظام العقوبة الرضائية بمنزلة وسيلة مثالية لتحقيق فعالية العقوبة
370 الفرع الثالث: نظام العقوبة الرضائية يحقق مصالح أطراف الدعوى الجنائية
376 الفصل الثالث: مبدأ الرضائية في النظام الجنائي الإسلامي
377 المبحث الأول: أنواع الجرائم وأهداف العقاب في الشريعة الإسلامية
377 المطلب الأول: أنواع الجرائم في الشريعة الإسلامية
382 المطلب الثاني: أهداف العقوبة في الشريعة الإسلامية
384 المبحث الثاني: أشكال التنظيم القضائي الإسلامي وسلطة ولي الأمر في مباشرة العقاب
384 المطلب الأول: أشكال التنظيم القضائي الإسلامي
385 الفرع الأول: نظـــام القــــاضي
387 الفرع الثاني: قضــاء المظـــالم
390 الفرع الثالث: ولايــة الحســبة
395 المطلب الثاني: سلطة ولي الأمر في مباشرة سلطة العقاب
395 الفرع الأول: سلطة ولي الأمر في العقوبات المقدرة
397 الفرع الثاني: سلطة ولي الأمر في جرائم التعزير
398 المبحث الثالث: مفهوم الرضائية في النظام الجنائي الإسلامي
398 المطلب الأول: تحديد مفهوم الرضائية في النظام الجنائي الإسلامي
403 المطلب الثاني: فلسفة مبدأ الرضائية في النظام الجنائي الإسلامي
404 المطلب الثالث: الطبيعة القانونية لنظام الرضائية في النظام الجنائي الإسلامي
408 المبحث الرابع: شروط تطبيق نظام الرضائية وآثاره في الفقه الإسلامي
408 المطلب الأول: الشروط الموضوعية لصحة تطبيق الرضائية
410 المطلب الثاني: الشروط الإجرائية لتطبيق نظام الرضائية في الفقه الجنائي الإسلامي
412 المطلب الثالث: آثار نظام الرضائية في الفقه الإسلامي
القسم الثاني
تطبيقات نظام العقوبات الرضائية في الشريعة الإسلامية والأنظمة الجنائية المعاصرة
418 الباب الأول: نظام العقوبات الرضائية القضائية
419 الفصل الأول: نظام التسوية الجنائية La Composition Pénale
419 المبحث الأول: ماهية نظام التسوية الجنائية ونشأته
423 المبحث الثاني: الطبيعة القانونية لنظام التسوية الجنائية
423 المطلب الأول: تحديد مدلول العقوبة الرضائية البديلة
425 المطلب الثاني: العقوبات الرضائية البديلة الواردة في نظام التسوية الجنائية
425 الفرع الأول: العقوبات الرضائية البديلة العينية
428 الفرع الثاني: العقوبات الرضائية البديلة الشخصية
431 المطلب الثالث: الطبيعة القانونية لنظام التسوية الجنائية
433 المبحث الثالث: نطاق نظام التسوية الجنائية
434 المطلب الأول: النطاق الشخصي لنظام التسوية الجنائية
434 الفرع الأول: المـتّهــــــــــــم
440 الفرع الثاني: النيـــابة العــــامة
444 الفرع الثالث: القاضـي المصــدق
445 المطلب الثاني: النطاق الموضوعي لنظام التسوية الجنائية
446 الفرع الأول: الجرائم محل التسوية الجنائية طبقاً لقانون تدعيم فعالية الإجراءات الجنائية
452 الفرع الثاني: الجرائم محل التسوية الجنائية بمقتضى قانون مواءمة العدالة لمواجهة تطورات الظاهرة الإجرامية
453 المبحث الرابع: إجراءات نظام التسوية الجنائية
454 المطلب الأول: اقتـراح التسوية
455 المطلب الثاني: التصديق على التسوية
457 المطلب الثالث: تنفيــذ التسوية
458 المبحث الخامس: آثار نظام التسوية الجنائية
459 المطلب الأول: أثر التسوية على الدعوى الجنائية
461 المطلب الثاني: أثر التسوية الجنائية على الدعوى المدنية
463 المبحث السادس: مدى تقبل الفقه الإسلامي لنظام التسوية الجنائية
464 المطلب الأول: سلطة القاضي في إجراء التسوية الجنائية في جرائم الحدود
465 المطلب الثاني: سلطة القاضي في إجراء التسوية الجنائية في جرائم القصاص والدية
466 المطلب الثالث: سلطة القاضي في إجراء التسوية في جرائم التعزير
467 المبحث السابع: تقييم نظام التسوية الجنائية
471 الفصل الثاني: نظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم (مفاوضة الاعتراف)
472 المبحث الأول: ماهية نظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم ونشأته "مفاوضة الاعتراف"
472 المطلب الأول: نشأة نظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم (مفاوضة الاعتراف)
475 المطلب الثاني: مدلول نظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم (مفاوضة الاعتراف)
478 المبحث الثاني: الطبيــعة القانونية لنظام المثول على أســاس الاعتراف المسبق بالجرم
482 المبحث الثالث: نطاق نظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم
482 المطلب الأول: النطاق الشخصي لنظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم
482 الفرع الأول: المتهــم أو وكيــله
486 الفرع الثاني: سلطـــة الاتهـــام
487 الفرع الثالث: الـقـــــــاضــي
490 المطلب الثاني: النطاق الموضوعي لنظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم
491 المبحث الرابع: إجراءات نظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم
491 المطلب الأول: مرحـلة الاقتـراح
495 المطلب الثاني: مرحــلة التصـديق
500 المطلب الثالث: الحق في الاستئناف
503 المبحث الخامس: آثار نظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم
504 المطلب الأول: آثار النظام على الدعوى الجنائية
504 المطلب الثاني: آثار النظام على الدعوى المدنية
506 المبحث السادس: نظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم في القانون المقارن
507 المطلب الأول: ماهية نظام الإقرار بالجرم
507 المطلب الثاني: تصور فريق العمل عن كيفية تطبيق النظام من الناحية العملية
510 المطلب الثالث: الجرائم محل تطبيق نموذج الإقرار بالجرم المكتوب عليها
520 المطلب الرابع: العقوبات البديلة التي يمكن تطبيقها على المتهم
521 المبحث السابع: نظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم ونظام التوبة في الشريعة الإسلامية
521 المطلب الأول: نظام التوبة في الشريعة الإسلامية
522 الفرع الأول: تحديد مفهوم نظام التوبة
525 الفرع الثاني: نطاق نظــام التوبــة
531 الفرع الثالث: توقيت نظام التوبة وتقريرها
532 الفرع الرابع: آثار نظــام التوبة
533 المطلب الثاني: مقارنة بين نظام التوبة في الفقه الإسلامي والمثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم
533 الفرع الأول: من حيث الأساس الفلسفي
534 الفرع الثاني: الطبيعة القانونية
535 الفرع الثالث: من حيث نطاق التطبيق
535 الفرع الرابع: من حيث شروط التطبيق
536 الفرع الخامس: من حيث الآثـــــار
537 المبحث الثامن: تقييم نظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم
537 المطلب الأول: تقييم نظام مفاوضة الاعتراف في القانون الأمريكي
540 المطلب الثاني: تقييم نظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم
544 البـاب الثــاني: نظام العقوبة الرضائية ذات الطبيعة المزدوجة
545 الفصل الأول: نظام الوساطة الجنائية
546 المبحث الأول: ماهية نظام الوساطة الجنائية ونشأته
547 المطلب الأول: تحديد مفهوم الوساطة الجنائية
552 المطلب الثاني: نشأة الوساطة الجنائية في فرنسا
552 الفرع الأول: الصور القريبة من نظام الوساطة الجنائية
554 الفرع الثاني: الوساطة الجنائية المفوضة قضائياً
560 المطلب الثالث: مبررات نظام الوساطة الجنائية
564 المطلب الرابع: صور نظام الوساطة الجنائية
564 الفرع الأول: الوساطة المفوضة la médiation délequée
566 الفرع الثاني: الوساطة المحتفظ بها "الاستئثارية la médiation retenve
568 المبحث الثاني: الطبيعة القانونية لنظام الوساطة الجنائية
568 المطلب الأول: وظيفة الوساطة الجنائية في ضوء السياسة الجنائية المعاصرة
571 المطلب الثاني: الطبيعة القانونية للوساطة الجنائية
571 الفرع الأول: الوساطة الجنائية صورة من صور الصلح
573 الفرع الثاني: الطبيعة الاجتماعية للوساطة الجنائية
574 الفرع الثالث: الوساطة الجنائية أحد بدائل الدعوى الجنائية
575 الفرع الرابع: الوساطة الجنائية إجراء إداري
576 الفرع الخامس: رأينـا في المســـألة
580 المبحث الثالث: نطاق نظام الوساطة الجنائية
580 المطلب الأول: النطاق الشخصي لنظام الوساطة الجنائية
580 الفرع الأول: النيــابة العــــامة
581 الفرع الثاني: الوســيـط le médiateur
585 الفرع الثالث: المتهم "الجـــــــانح"
587 الفرع الرابع: المجني عليـــه
588 المطلب الثاني: النطاق الموضوعي لنظام الوساطة الجنائية
589 الفرع الأول: استعراض تجارب الوساطة في المدن الفرنسية
592 الفرع الثاني: تحديد الجرائم محل نظام الوساطة الجنائية
593 المبحث الرابع: إجراءات نظام الوساطة الجنائية
593 المطلب الأول: المرحـلة التمهيدية
595 المطلب الثاني: مرحلة اجتماع الوساطة
596 المطلب الثالث: مرحلة اتفاق الوساطة
597 المطلب الرابع: مرحلة تنفيذ اتفاق الوساطة
598 المبحث الخامس: آثار نظام الوساطة الجنائية
598 المطلب الأول: في حال نجــاح الوساطة
600 المطلب الثاني: في حال فشل الوساطة
601 المبحث السادس: الوساطة الجنائية في الشريعة الإسلامية
602 الفرع الأول: الوساطة في جرائم الحدود
606 الفرع الثاني: الوساطة في جرائم القصاص والدية
608 الفرع الثالث: الوساطة في جرائم التعازير
609 المبحث السابع: تقييم نظام الوساطة الجنائية
610 المطلب الأول: الانتقادات الموجهة لنظام الوساطة الجنائية
611 المطلب الثاني: مزايا نظام الوساطة الجنائية
613 الفصل الثاني: نظام الأمـر الجنــائي (الأصول الموجزة“L’ordonnance pénale”)
613 المبحث الأول: ماهية نظام الأمر الجنائي ونشأته
614 المطلب الأول : نشأة نظام الأمر الجنائي
617 المطلب الثاني: تحديد مفهوم نظام الأمر الجنائي
617 الفرع الأول: السمات العامة لنظام الأوامر الجنائية
619 الفرع الثاني : أساس نظام الأمر الجنائي
620 الفرع الثالث: تعريف نظام الأمر الجنائي
622 المبحث الثاني: الطبيعة القانونية لنظام الأمر الجنائي
623 المطلب الأول: إضفاء صفة الحكم على الأمر الجنائي
623 الفرع الأول: الأمر الجنائي هو حكم
625 الفرع الثاني: الأمر الجنائي حكم معلق على شرط
625 الفرع الثالث: الأمر الجنائي حكم ذو طبيعة خاصة
626 المطلب الثاني: تغيّر تكييف الأمر الجنائي حسب المراحل المختلفة المتعلقة بإصداره
626 الفرع الأول : الأمر الجنائي يمثل إخطاراً عند صدروه وحكماً عند الاعتراض عليه
626 الفرع الثاني: الأمر الجنائي مشروع حكم عند صدوره وحكم إذا لم يعترض عليه الخصوم
627 الفرع الثالث: الأمر الجنائي ليس حكماً عند صدوره وقبول الخصم له ينشئ التزاماً تعاقدياً واجب التنفيذ
627 الفرع الرابع: الأمر الجنــائي حكم غيابي عند صدوره نهائي إذا لم يعترض عليه
628 المطلب الثالث: الأمر الجنائي عرض للتسوية أو التصالح
629 المطلب الرابع: رأينـا في المســـألة
630 المبحث الثالث: نطاق نظام الأمر الجنائي
630 المطلب الأول: النطاق الشخصي لنظام الأمر الجنائي
630 الفرع الأول: الأشخاص المتهمون محل تطبيق نظام الأمر الجنائي
632 الفرع الثاني: السلطة المختصة بإصداره
643 المطلب الثاني: النطاق الموضوعي لنظام الأمر الجنائي
648 المبحث الرابع: إجراءات إصدار نظام الأمر الجنائي
648 المطلب الأول: إجراءات إصدار الأمر الجنائي في القانون الفرنسي
649 المطلب الثاني: إجراءات إصدار الأمر الجنائي في القانون المصري
650 الفرع الأول: إصدار الأمر الجنائي
652 الفرع الثاني: رفض إصدار الأمر
653 الفرع الثالث: إلغاء الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة
654 الفرع الرابع: مشتملات الأمر الجنائي "البيانات"
658 الفرع الخامس: إعلان الأمر الجنائي
659 المبحث الخامس: الآثار القانونية لإصدار نظام الأمر الجنائي
659 المطلب الأول: قبول الأمر الجنائي
659 المطلب الثاني: عدم قبول (الاعتراض) على الأمر الجنائي
660 الفرع الأول: في القانون الفرنسي
661 الفرع الثاني: عدم قبـــول "الاعتـراض" على الأمر الجنــائي في القـــانون المصري
666 المطلب الثالث: الإشكال في تنفيذ الأمر الجنائي
667 الفرع الأول: موقف التشريعات المختلفة من مسألة الإشكال في تنفيذ الأمر الجنائي
668 الفرع الثاني: الإشكال في تنفيذ الأمر الجنائي في القانون المصري
670 الفرع الثالث: حجية الأمر الجنائي
672 المبحث السادس: موقف الفقه الإسلامي من نظام الأمر الجنائي
673 المبحث السابع: تقييم نظام الأمر الجنائي
676 الفصل الثالث: نظام التصالح الجنائي
677 المبحث الأول: ماهية نظام التصالح الجنائي ونشأته
677 المطلب الأول: تحديد مفهوم نظام التصالح الجنائي
680 المطلب الثاني: نشأة نظام التصالح الجنائي وتطوره
681 الفرع الأول: قانون تحقيق الجنايات القــديم لسنة1883م والأهـلي لسنة 1904م
682 الفرع الثاني: في ظل قانون تحقيق الجنايات المختلط سنة 1937
682 الفرع الثالث: في ظل قانون الإجراءات الجنائية الحالي لسنة 1950
684 المبحث الثاني: الطبيعة القانونية لنظام التصالح الجنائي
685 المطلب الأول: الطبيعة العقدية لنظام التصالح الجنائي
686 الفرع الأول: التصالح عقد مدني
691 الفرع الثاني: التصالح عقد إداري
692 الفرع الثالث: التصالح عقد جنائي تعويضي
693 المطلب الثاني: الطبيعة الجزائية لنظام التصالح الجنائي
693 الفرع الأول: التصالح جزاء إداري
695 الفرع الثاني: التصالح عقوبة جنائية
697 المطلب الثالث: رأينا في المســألة
699 المبحث الثالث: نطاق نظام التصالح الجنائي
700 المطلب الأول: النطاق الشخصي لنظام العقوبة الجنائية
700 الفرع الأول: المتـهـــــــــــم
706 الفرع الثاني: محرر الضبــط
708 الفرع الثالث: النيابة العامة والمحكمة المختصة
714 الفرع الرابع: الجهــة الإداريــة
721 المطلب الثاني: النطاق الموضوعي لنظام التصالح الجنائي
721 الفرع الأول: نطاق تطبيق التصالح في قانون الإجراءات الجنائية
726 الفرع الثاني: نطاق تطبيق التصالح في الجرائم الاقتصادية والمالية الواردة في القوانين الخاصة
747 الفرع الثالث: نطاق التصالح في الجرائم الواردة في التشريعات الجنائية الخاصة الأخرى
764 المبحث الرابع: إجراءات نظام التصالح الجنائي
766 المطلب الأول: أن يكون في جريمة من الجرائم الجائز التصالح فيها
766 المطلب الثاني: أن يصدر التصالح من الشخص أو الجهة التي حددها القانون
768 المطلب الثالث: اتفاق الطرفين على التصالح
770 المطلب الرابع: التزام المتهم بأداء مقابل التصالح في المواعيد المحددة
772 الفرع الأول: تقدير مقابل التصالح
774 الفرع الثاني: سداد مقابل التصالح
775 الفرع الثالث: ميعــاد التصــالح
776 المبحث الخامس: آثار نظام التصالح الجنائي
776 المطلب الأول: آثار التصالح على الدعوى الجنائية
776 الفرع الأول: انقضاء الدعوى الجنائية
778 الفرع الثاني: وقف العقـــوبة
779 الفرع الثالث: زوال الآثار الجنائية للحكم
780 الفرع الرابع: عدم جواز الطعن
780 المطلب الثاني: آثار التصالح على الدعوى المدنية
781 المطلب الثالث: آثار التصالح بالنسبة للغير
782 المبحث السادس: الدية كعقوبة رضــائية بديلة موجبة للتصالح في الشريعة الإســلامية
782 المطلب الأول: ماهية الدية ونشأتها
783 الفرع الأول: تعريف الدية في اللغة والشريعة
783 الفرع الثاني: نشــــــأة الدية
784 الفرع الثالث: مشروعية الدية
784 المطلب الثاني: طبيعة الدية والحكمة من تشريعها
785 الفرع الأول: الدية تعويض مدني
786 الفرع الثاني: الدية عقوبة جنائية
787 الفرع الثالث: الدية عقوبة مختلطة (الدية عقوبة وتعويض معاً)
789 المطلب الثالث: مسقطات القصاص في الاعتداء على النفس
789 الفرع الأول: فوات محل القصاص وإرث حق القصاص
789 الفرع الثاني: العفــــــو
790 الفرع الثالث: الصلــــح
791 المطلب الرابع: شروط وجوب الدية
791 الفرع الأول: ما يرجع إلى الجاني
791 الفرع الثاني: ما يرجع إلى المجني عليه
792 الفرع الثالث: ما يرجع إلى الفعل الموجب للمسؤولية
792 الفرع الرابع: ما يرجع إلى الضرر الموجب للمسؤولية
793 الفرع الخامس: ما يرجع إلى مقدار الدية وميعادها
795 المطلب الخامس: انقضــاء الديــة
795 الفرع الأول: انقضاء الدية بالأداء
795 الفرع الثاني: الإبـــــــراء
796 الفرع الثالث: التقادم "مضي المدة"
797 المبحث السابع: تقييم نظام التصالح الجنائي
799 الخاتمــة
813 المراجـــــع

كتب المؤلف

القانون     الجنائي العقوبة الرضائية في الشريعة الاسلامية والانظمة المعاصرة-دراسة مقارتة
 
اضافة الكتاب الى سلة المشتريات
  الكمية:
حذف الكتاب:
   
   
 
 
انهاء التسوق
استمر بالتسوق
9789957169824 :ISBN
العقوبة الرضائية في الشريعة الاسلامية والانظمة المعاصرة-دراسة مقارتة :الكتاب
أ.د احمد محمد براك :المولف
1.500 :الوزن
17×24 :الحجم
ابيض :الورق
864 :الصفحات
2017 :السنة
مجلد :النوع
$50 :السعر
 
:المقدمة

تحتل نظرية الدعوى العمومية مكاناً أساسياً في القوانين الإجرائية الجنائية المختلفة، فهناك تلازم بين سلطة الدولة في العقاب وبين الدعوى الجنائية، فمن المقرر أنه لا عقوبة بغير دعوى جنائية، حيث إن حق الدولة في العقاب هو حق قضائي وتباشرها النيابة العامة، ولا يجوز التصرف فيها بالتنازل عنها أو التعهد بعدم تحريكها أو بالتخلي عن الطعن في الأحكام الصادرة بشأنها، وكل تصرف منها يفيد ذلك يقع باطلاً، وقد جاء في الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية المصري أنه لا يجوز ترك الدعوى الجنائية أو وقفها أو تعطيل سيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون، وبذلك لا يجوز لها الدخول في أية مساومة مع الجاني بغرض إعفائه من المسؤولية الجنائية أو إفلاته من العقاب، ولو كان ذلك في مقابل التزامه بإصلاح الضرر الناشئ عن جريمته، فالنيابة لا تملك أن تتنازل عن حقها في ذلك بالتصالح مع المتهم، وبذلك تعد الدعوى الجنائية وبحق إحدى حلقات الشرعية التي حرصت الإنسانية على التمسك بها؛ لما تنطوي عليه من ضمان إجراء محاكمة عادلة للفصل في إدانة الفرد من عدمه عن أي جريمة تنسب إليه، حيث تهدف إلى تحقيق العدالة، وتعتبر ضمانة مؤكدة من ضمانات المتهم، بيد أن الدعوى الجنائية ليست حفلة عامة لإذلال المتهم، وهذه أصول قدمت البشرية لإقرارها كثيراً من التضحيات، وبقيت متمسكة فيها كرد فعل إزاء ما كانت تعانيه من تعسف في التجريم والعقاب في أغلب المجتمعات وبالفعل وفي بدايات القرن العشرين تدخلت الدولة في شتى مجالات الحياة رافقه تضخم تشريعي في المجال الجنائي inflation pénale، جعل أجهزة العدالة الجنائية ترزح تحت وطأة كم هائل من القضايا والأعباء التي تتجاوز بكثير هذه الأجهزة، مما أدى إلى تأخير في حسم القضايا، وحال دون قيام القضاء بممارسة دوره في تفريد العقوبة بالشكل المناسب، كما حال دون ممارسة الأجهزة المختصة بتنفيذ العقوبة لدورها في تفريد المعاملة العقابية وتحقيق الإصلاح المنشود، فبدت العقوبة قاصرة عن تحقيق أهدافها في الردع والإصلاح، فارتفعت نسب العود والتكرار، وبدأ الشك يحيط بالعقوبة وفاعليتها كوسيلة في قمع ظاهرة الإجرام والقضاء عليها أو التخفيف منها، فنشأ ما بات يعرف بأزمة العقوبة. وأدى التوسع في التجريم إلى الإسراف في استخدام الدعوى الجنائية لتحقيق سلطة الدولة في العقاب، وتزامن هذا الإسراف مع طول الإجراءات الجنائية فأصبحت المعاناة ذات وجهين؛ وجه عقابي سببه هذا التوسع في التجريم، ووجه إجرائي سببه الدعوى الجنائية بإجراءاتها الطويلة. وظهر إلى السطح ما يعرف بأزمة العدالة الجنائية la crise de la Justice pénale، فالعوامل التي تعرقل سير العدالة الجنائية تتعدد وتتضاعف يوماً بعد يوم، من تعقيد في الإجراءات، وإغراق في الشكليات، ووحدة السلاح الإجرائي المستخدم - كقاعدة عامة - على الرغم من أن الظاهرة الاجرامية متعددة ومتنوعة إلى جانب الزيادة الكبيرة في عدد الجرائم كماً ونوعاً، إلى الحد الذي أمكن معه القول بأن العدالة الجنائية - المرفق الذي ينصف الآخرين- قد أصبح في حاجة لمن ينصفه ، ويربط بعض الباحثين بين طبيعة النظام الإجرائي السائد في الدولة وبين سرعة الإجراءات، حيث إن النظام الاتهامي يحقق أكبر سرعة ممكنة في الإجراءات، عن النظام المختلط، بينما يشوب النظام التنقيبي بالبطء وتعقيد سير الدعوى الجنائية. ففي فرنسا يتم كل عام إثبات حوالي 3,5 مليون جريمة، وهذا المعدل تم تسجيله في الأعوام الأخيرة، بالإضافة إلى ذلك المعدل الأسود الشهير للإجرام، وهذه الظاهرة في مجموعها تكشف عن وجود أزمة للعدالة الجنائية، وهذا بالإضافة إلى قرارات الحفظ حيث تم حفظ 80% من الشكاوى التي وردت إلى النيابة العامة على سبيل المثال في عام 1993، وهذا يدل على حجم الأزمة. وهو نفس الحال في جميع الأنظمة القضائية، ففي مصر ترد إلى النيابات ملايين الشكاوى، وفي فلسطين هناك 58 ألف قضية مدورة، حتى منتصف عام 2009، ويزيد عدد الدعاوى التي تعرض على النيابة العامة الألمانية سنوياً على ثمانية ملايين قضية، والحقيقة التي لا يمكن إنكارها، أن كماً من الأدلة ضاعت بسبب طول الإجراءات وتعقيدها، أو كماً من المجرمين ارتكبوا أشد الجرائم فتكاً وضاعت أدلة الاتهام ضدهم، فعادوا إلى مجتمعاتهم أبرياء كما ولدتهم أمهاتهم، ومن ناحية أخرى، فإن سنوات طوالاً تفصل بين وقوع الجريمة وتوقيع العقاب تقود إلى عدم الثقة في القانون، وتضعف من نفوذه وهيبته في نظر الجميع، فالرأي العام لا يهتم بالعقوبة قدر اهتمامه بالجريمة، ولا شك أن بطء العدالة يطمر فكرة الردع القانوني. ومع مرور الوقت ينسى الناس أن هناك عقاباً سوف يطبق، وتظل الجريمة قائمة في أذهانهم ويتزايد لديهم الإحساس بأن المجرم قد مر دون عقاب، ولا شك أن كل ذلك يخلع من المجتمع إحساسه بالثقة والأمن، ويولد نزعات الثأر الفردي مع ما يقود إليه من هدم لوجود الدولة ذاتها. فالتجربة أثبتت قصور العدالة التقليدية في مواجهة ظاهرة تزايد منازعات الجمهور في النطاق الجنائي وكذلك كشفت خطورة أزمة وسائل التنظيم الاجتماعي، فضلاً عن قصور السياسة الجنائية التقليدية في معالجة هذا النقص. وأمام هذه المؤشرات الخطيرة كان لابد للسياسة الجنائية أن تعيد النظر في إستراتيجيتها المتبعة في مكافحة الإجرام، وبالفعل بدأت السياسة الجنائية منذ منتصف القرن الماضي تبحث عن وسائل تحقق أقصى فاعلية ممكنة في مكافحة الإجرام. وقد حاولت التشريعات المختلفة وضع آلية لهذه السياسة محل التطبيق، وهذه الآلية اختلف نظامها ومداها من تشريع إلى آخر تبعاً للظروف الخاصة بكل دولة، والأهداف المرسومة للسياسة الجنائية فيها. وعليه اتجهت السياسة الجنائية اتجاهين: أحدهما موضوعي، ويتمثل في سياسة الحد من التجريم La décriminalization، وسياسة الحد من العقاب La dépénalisation، وإحلال التدابير الاحترازية محل العقوبات التقليدية، والآخر اتجاه إجرائي يتمثل في الوسائل الممكنة في تيسير إجراءات الدعوى الجنائية، أو بدائل الدعوى الجنائية، فكانت من أهم آليات السياسة الجنائية المعاصرة لمواجهه أزمة العدالة الجنائية، فلم يقتصر بدائل الدعوى الجنائية في نطاق الإجراءات الجنائية، وإنما يجب النظر بعين الاعتبار إلى القوانين الجنائية الموضوعية والإجراءات على السواء، فلكل قانون من هذه القوانين دوره في الوصول إلى الأهداف المبتغاة من بدائل الدعوى الجنائية، وبذلك بدأت تضعف قيمة الدعوى الجنائية كأسلوب قانوني لإعمال سلطة الدولة في العقاب، بعد أن لوحظ أن جهود المجتمع لمعالجة المجرمين كانت في أسوأ تقدير غير إنسانية، وفي أحسن تقدير غير فعالة، وأنها في الغالب عقيمة، وفي جميع الأحوال مشوشة، وبهذا الوضع يتأكد التداخل بين القطاع العقابي، والقطاع الإجرائي، ويوجب التعاون بينهما لتحقيق أهداف السياسة الجنائية المعاصرة، ومن هنا كان هناك تعاصر حتمي بين بدائل العقوبة، وبدائل الدعوى الجنائية، وعليه لا بد من ظهور بدائل إجرائية عن الدعوى الجنائية، تستقيم مع فكرة التخلص من العقوبة التقليدية، وتجعل من هذه البدائل وعاء يحقق فيه آفاقه المستقبلية بالرغم من معرفة قانون الإجراءات لبدائل الدعوى الجنائية من الناحية الإجرائية منذ زمن غير قصير. فنجد مثالاً لذلك في المذكرة رقم (1) لمشروع قانون الإجراءات الجنائية المصري الحالي الصادر في 3 سبتمبر 1950: "أن يحدد قانون الإجراءات الجنائية الطريق الذي يكفل للدولة حقها في القصاص من المجرم، ويعني بصفة خاصة بالنظم والأحكام التي ترمي إلى تبسيط الإجراءات الجنائية وسرعتها، لينال الجاني جزاءه في أقرب وقت، وذلك بغير إخلال بالضمانات الجوهرية التي تمكن البريء من إثبات براءته". فأخذت النزعة الاجتماعية تملي على السياسة الجنائية، وذلك لحل الصراعات، وتوجيه مصير المجتمع في وسائل يغلب عليها المظاهر الاجتماعية؛ مثل العدالة الجنائية الرضائية، والتصور الجديد للعدالة الجنائية يجمع في طياته عنصرين أساسيين: التحول من العدالة القهرية الى العدالة الرضائية من جانب، والإسراع في الإجراءات الجنائية التقليدية من جانب آخر، ولكن بمباركة القضاء وتأييده لها لرفعها إلى مرتبة الأحكام القضائية من حيث القوة التنفيذية، فتعالت الأصوات في مجلس وزراء أوروبا باتباع نظام العقوبة الرضائية البديلة، فكانت توصيته في عام 1987، للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باللجوء إلى إجراءات الاعتراف بطريق المفاوضة plea-guilty، أحد انظمة العقوبة الرضائية، وكذلك في المؤتمرات الدولية فقد أوصى مؤتمر الأمم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد في فيينا – في الفترة من 10 إلى 17 إبريل سنة 2000، بنهج آليات العدالة الرضائية أوالتصالحية، وقد أوصى مؤتمر تطوير نظام العدالة الجنائية - والمنعقد بالقاهرة في الفترة من 13 إلى 15 أكتوبر 2003، باستخدام نظام الإقرار بالجرم المكتوب (مفاوضة الاعتراف) والتوسع في نطاق التصالح والصلح، والأمر الجنائي. وهذا ما انتهجته السياسة التشريعية، ففي مصر وبعد عودة نظام التصالح إلى الحياة بموجب القانون رقم 174 لسنة 1998، بتعديل قانون الإجراءات الجنائية؛ وحرصاً من المشرع المصري على الإصلاح التشريعي من خلال إجراء تعديلات في القوانين بغية تطبيق الأحكام الواردة في الدستور بهدف تحقيق غايات محددة تنحصر في تيسير إجراءات التقاضي وكفالة تقريب جهات القضاء من المتقاضين، وسرعة فصل المحاكم في القضايا المعروضة عليها مع الحفاظ على الحريات والحقوق العامة والخاصة معاً، فقد أصدر المشرع القانونين رقم 74 سنة 2007، 153 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، وذلك بالتوسع في نظامي التصالح والأمر الجنائي، ــ من ضمن أنظمة العقوبة الرضائية ــ، ولهذين التعديلين أهداف يمكن حصرها كما يأتي: أولاً: التخفيف عن المحاكم بالتوسع في تفعيل تطبيق نظام التصالح في الدعاوى الجنائية من خلال إضافة جرائم أخرى يمكن إعمال هذا المبدأ عليها. ثانياً: تحديث الأوامر الجنائية، وزيادة نطاق تطبيقها، لتشمل جميع الجنح المعاقب عليها بالغرامة أو بالحبس الجوازي، أو بعبارة أخرى غير المعاقب عليها بالحبس وجوباً. ثالثاً: سرعة الفصل في قضايا الجنح المنظورة أمام المحاكم وتبسيط إجراءات الطعن فيها؛ حفاظاً على حقوق الأفراد. وهو ما شرعه أيضاً المشرع الإيطالي حين تبنى بإقراره القانون رقم 447، بتاريخ 16 فبراير 1988، لإجراءات جميع صور نظام العقوبة الرضائية من العقوبة بالاتفاق "مفاوضة الاعتراف"، والمحاكمة الإيجازية، والأمر الجنائي، والتصالح، وكذلك المشرع الألماني حيث أقر في المادة 153 في الفقرات أ،ب، والمادة 154 إجراءات جنائية نظام الحفظ تحت شرط قيام المتهم بواجبات معينة، وإقراره أنظمة الوساطة الجنائية والتصالح والأمر الجنائي، فالعامل المشترك في جميع هذه الأنظمة البديلة عن الدعوى الجنائية هو الرضائية القائمة بين سلطة تنفيذ القانون والمتهم في اختصار إجراءات الدعوى الجنائية، والاعتراف الصريح أو الضمني بالوقائع؛ في مقابل فرض عقوبة رضائية مخفضة متفق عليها. أما المشرع الفرنسي فهو لم يتوان عن تحقيق ذات الهدف، فأصدر العديد من القوانين الساعية نحو تبسيط إجراءات التقاضي وتفعيل العدالة، بتبني أنظمة العقوبة الرضائية، من الوساطة الجنائية، والأمر الجنائي، والتسوية الجنائية، ونظام المثول على أساس الاعتراف المسبق بالجرم، وكان آخرها وأهمها على الإطلاق قانون مواءمة العدالة لتطورات الجريمة رقم 2004-204 الصادر في 9 مارس 2004، فهو القانون الأكثر أهمية، منذ قانون الإجراءات الجنائية الصادر عام1959، ويشكل علامة بارزة على تطور الدعوى الجنائية، وبذلك أراد المشرع أن يوفق ما قد يستعصي على التوفيق بمعنى أن يقلل من عدد قرارات الحفظ، وفي ذات الوقت أن يعالج ذلك التزاحم من قبل القضايا أمام قضاء الحكم وبذلك فإن هذه الأنظمة تمثل ما يسمى بالطريق الثالث la troisème voie، بمعنى أن النيابة العامة في سبيل معالجة الدعوى الجنائية ليست بين الخيارين التقليدين فقط، وهما إحالة الدعوى للمحاكمة أو حفظ الدعوى، وإنما هناك طريق ثالث يتمثل في بدائل الدعوى - نظام العقوبة الرضائية- المنصوص عليها في المواد 1-41، 2-41، 3-41 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي، وقد أولت هذه آليات الرضائية اهتمامها بالمجني عليه الطفل المدلل enfant chéri للمشرع الفرنسي في ضوء السياسة الجنائية المعاصرة ، ولا شك ان نظام العقوبة الرضائية يضمن الحق في المحاكمة السريعة. وبذلك نستطيع القول: بأن السياسة الجنائية تتجه نحو التحول من عدالة عقابية الى عدالة رضائية، تقوم على مراعاة البعد الاجتماعي في المنازعات الجنائية، من مراعاة حقوق المجني عليهم، وتأهيل الجاني ليصبح فرداً صالحاً في المجتمع وإعادة الانسجام بين أفراد المجتمع لتحقيق السلم الاجتماعي. والعامل المشترك بين جميع أنظمة العقوبة الرضائية هو الرضائية، بمعنى رضا الجاني الصريح أو الضمني بإجراء نظام العقوبة الرضائية والعقوبة المفروضة بواسطته من خلال الاتفاق بين سلطة تنفيذ القانون من القضاء، أو النيابة العامة، أو مأموري الضبط القضائي، أو الإدارة مع الجانح مرتكب الوقائع على الإجراء والعقوبة معاً، وبذلك تتحقق العقوبة الرضائية ، ونقصد بنظام العقوبة الرضائية كونه نظاماً إجرائياً وإن تزامن معه بدائل العقوبة، وبذلك فقد تجلت صورة أخرى للعدالة الجنائية سميت العدالة الرضائية La Justice consensuelle، وقد تأخذ العدالة الجنائية شكلاً تفاوضياً La Justice Negociée، وهذا يعني خصخصة الدعوى الجنائية، فاستخدام نظام العقوبة الرضائية يعتمد على قبول الأطراف الخاصة وبمعاونة القضاة، على إبرام اتفاق بخصوص مصير الدعوى الجنائية، وقد تصبح الرضائية منذ هذه اللحظة أمراً محيراً، بل وأحيانا مفزعاً. فكيف نتصور في الواقع أن تتلاقى الإرادات الخاصة مع السلطات العامة، وفي أغلب الأحيان ــ بناء على اقتراح هذه الأخيرة ــ على إصابة القواعد الجنائية بالشلل، وهي تلك القواعد التي تعد من قبيل النظام العام. ولقد كان للشريعة الإسلامية قصب السبق في تبني فكرة الرضائية، وبخاصة نظام الوساطة الجنائية الذي يتماثل مع نظام الصلح في النظام الجنائي الإسلامي، حيث حثت عليها منذ ما يزيد عن أربعة عشر قرناً، وخير دليل على ذلك قوله تعالى: (وأن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) سورة الحجرات، الآية رقم:.9 ، وقد جاءت السنة المطهرة مؤكدة ومحبذة للوساطة بين المسلمين، حيث روى أبو هريرة ــ رضي الله ــ عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أصلح بين اثنين استوجب ثواب شهيد" وقد كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري: "ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث الضغائن". ولا يستقيم بحثنا في نطاق العقوبة الرضائية على حكم التشريع الوضعي، وأن نغفل دراسة أحكام الشرع الحنيف في هذا، لذلك فقد أفردنا في كثير من الأحيان مباحث خاصة بأحكام الشريعة الغراء ومقارنتها بأحكام التشريع الوضعي حيث يقتضي الأمر، حتى يمكننا استنباط الضوابط والأحكام التي تكفل حسن تطبيق النظام بما يحقق الغاية التي شرع من أجلها.

 
:الفهرس
 
 
:كتب المؤلف