لما كان الرضا التعاقدي هو ركن العقد الرئيس وعمدة بنائه فقد عني المشرع المدني بتنظيمه وضمان سلامته؛ وبيْن تنظيم المشرع لوجود الرضا واكتساب أهلية التعاقد، وبيْن تنظيمه لسلامة التعبير عن الإرادة العقدية فإن أحد أبرز مظاهر حماية المشرع المدني للرضا العقدي اشتراطه صفاء الإرادة من شوائبِ الغلط والتغرير والإكراه، أو ما اصطلح على تسميتها بعيوب الإرادة، وهي عيوب وإن كانت لا تعدم العقد صحته لكنها قد تتسبب بوقف نفاذه أو جعله قابلاً للفسخ، فيغدو تمام العقد وكمال صحته مهدداً بخطر الزوال أو معلقاً على أمل البقاء.
ولما كان مرام حماية المتعاقد من عيوب الرضا ضمان استنارة علمه بحال المعقود عليه وأوصافه ـ بالنسبة لعيبي الغلط والتغرير ـ أو ضمان اختياره الإرادي للتعاقد ـ بالنسبة لعيب الإكراه ـ فإن كتابنا هذا يأتي ليسلط الضوء ويركز النظر في مدى قدرة التقنين المدني بألفاظه الراهنة وأحكامه الحالية على توفير الحماية النموذجية لرضا المتعاقد، وتحديداً لحماية كفاية العلم التعاقدي، أي ذاك العلم الذي بنى عليه المتعاقد رضاه بالعقد، ورسم أحكام العقد بناء على كفايته، وعليه يتحدد موضوع البحث في دراسة مدى كفاية تلك الأحكام الناظمة لعيبي الغلط والتغرير في حماية تلك الدرجة المطلوبة من العلم التعاقدي، وما شرعه المشرع من ضماناتٍ ووسائل تضمن تنفيذ المدين بالإعلام (البائع) لواجبه اتجاه المشتري وتبصير إرادته.
ولابد من التنويه هنا إلى أن دراستنا اقتصرت على العلم بالمبيع تحديداً، بحسبانه محل عقد البيع وبحسبان أن العلم بالمبيع يجزئ عن أحكام العلم التعاقدي بشكل عام ويعد نموذجاً قابلاً للفهم والتصور أكثر من التوسيع الذي قد لا يتحقق معه هدف الباحث ومرامه، إذ إن في ذلك توسيع لن تستوعبه هذه الدراسة فهي دراسة تخصصية نسعى بها إلى النأي عن العمومية بالابتعاد عن الحشو والتكرار الذي قد لا يضيف كثيراً.
وتتحدد إشكالية بحثنا الرئيسة في مدى كفاية الحماية التشريعية للعلم التعاقدي ومدى نجاح المشرع في صياغة النصوص الناظمة لعيوب الرضا
ـ تحديداً عيبي الغلط والتغرير ـ وتلك الناظمة لشرط معلومية المحل في تحقيق الرضا الكامل للمتعاقد وضمان تبصر وتنور إرادته، ذلك أن المتتبع لتلك النصوص قد يجد فيها ما يمكنه تطويره أو تحويره لينسجم مع الحماية النموذجية المنشودة.
وبعد مرور ما يقارب عقد من الزمان على صدور قانون المعاملات المدنية العماني، فإن هذا البحث يكتسب أهميته من وظيفته البحثية الكاشفة عن هنات التنظيم التشريعي في موضوعه الرئيس، ذلك أن البحث العلمي إنما يكتسب جودته ـ أو على الأقل أحد أبرز معالم جودته ـ من قدرته على معاينة التشريعات المعمول بها، وتحقيق ألفاظها لغاية المشرع ومرامه، وعليه فإن أهمية هذا الكتاب تتبدى في الدور الرئيس الذي يلعبه العلم التعاقدي في تكوين العقد وجعله قابلاً للاستمرارية دون أن يكون عرضة للفسخ وربما البطلان.
الصفحة | الموضوع |
13
|
المقدمة
|
|
الفصل الأول
|
|
حماية العلم التعاقدي في ظل القواعد العامة
|
25
|
المبحث الأول: دور نظرية عيوب الرضا في حماية العلم التعاقدي
|
27
|
المطلب الأول: عيبا الغلط والتغرير
|
27
|
الفرع الأول: عيب الغلط
|
41
|
الفرع الثاني: عيب التغرير
|
60
|
المطلب الثاني: مدى تعلق عيبي الغلط والتغرير بالعلم التعاقدي
|
61
|
الفرع الأول: اتصال العلم بالمبيع بالغلط في صفة مرغوب فيها في المحل
|
73
|
الفرع الثاني: اتصال العلم بالمبيع باشتراط أن يكون التغرير مؤثراً ودافعاً للتعاقد
|
81
|
المبحث الثاني: دور خيارات عدم اللزوم في حماية العلم التعاقدي
|
83
|
المطلب الأول: اتصال العلم التعاقدي بخيار الرؤية
|
84
|
الفرع الأول: تعريف خيار الرؤية
|
88
|
الفرع الثاني: حكم خيار الرؤية
|
91
|
المطلب الثاني: اتصال العلم التعاقدي بخيار العيب الخفي
|
92
|
الفرع الأول: ماهية العيب الخفي
|
101
|
الفرع الثاني: مدى تعلق العيب الخفي بالعلم التعاقدي
|
|
الفصل الثاني
|
|
حماية الالتزام بالإعلام للعلم التعاقدي
|
111
|
المبحث الأول: مفهوم الالتزام بالإعلام
|
113
|
المطلب الأول: التعريف بالالتزام بالإعلام وطبيعته القانونية
|
113
|
الفرع الأول: التعريف بالالتزام بالإعلام
|
119
|
الفرع الثاني: طبيعة الالتزام بالإعلام
|
123
|
المطلب الثاني: موجبات الالتزام بالإعلام ومضمونه
|
123
|
الفرع الأول: موجبات الالتزام بالإعلام
|
128
|
الفرع الثاني: مضمون الالتزام بالإعلام
|
138
|
المبحث الثاني: الأساس القانوني للالتزام بالإعلام وجزاء الإخلال به
|
138
|
المطلب الأول: الأساس القانوني للالتزام بالإعلام
|
139
|
الفرع الأول: عيوب الرضا كأساس للالتزام بالإعلام
|
142
|
الفرع الثاني: ضمانا العيوب الخفية والاستحقاق كأساس للالتزام بالإعلام
|
145
|
الفرع الثالث: مبدأ حسن النية كأساس للالتزام بالإعلام
|
150
|
المطلب الثاني: جزاء الإخلال بالالتزام بالإعلام
|
152
|
الفرع الأول: الفسخ كجزاء للإخلال بالالتزام بالإعلام
|
158
|
الفرع الثاني: التعويض كجزاء للإخلال بالالتزام بالإعلام
|
165
|
الخاتمــــــــة
|
173
|
المصادر والمراجع
|
|