حق الخصوم في تعديل نطاق الدعوى - دراسة مقارنة

ISBN 9789923153147
الوزن 1.000
الحجم 17×24
الورق ابيض
الصفحات 336
السنة 2025
النوع مجلد

تعدّ الدّعوى السبيل الذي منحه القانون للأفراد كوسيلة يتم الالتجاء بها إلى القضاء، سعيًا لاستعادة الأفراد لحقوقهم التي سلبت منهم أو تعرضت للاعتداء من الغير، وذلك وفقًا لضوابط وشروط من شأنها ضبط المعايير التي تقوم عليها الدعوى. واهتماماً من القوانين القديمة والمعاصرة بحقوق الأفراد وحمايتها، فقد جاءت هذه القوانين لتنظيم فكرة الدعوى في نصوص قانونية لا يقبل تجاوزها أو مخالفتها، والتي من شأنها أن تلزم الأفراد بالاحتكام إليها، حال اللجوء إلى القضاء، وذلك لكي لا تتاح الفرصة لتكون هذه الوسيلة ـ الدّعوى ـ طريقًا يتعمد الشخص استخدامه لغايات غير مشروعة، أو تحقيقًا لمقاصد من شأنها الإضرار بالآخرين، وإعاقة سير المجتمعات السليمة المنهمكة بالانشغال بأنفسها جاهدةً لتحقيق العيش الكريم في بيئة آمنة وسليمة هذا من جانب، ومن جانب آخر، ونظرًا لما تحظى به الدّعوى من أهميّة بارزة، والتي يتم تقديمها بموجب طلب قضائي يتضمن عناصره، وهو الطلب المفتتح للخصومة؛ أي بناء عليه يتم افتتاح الخصومة والبدء بسيرها باعتباره المحدد لنطاقه منذ لحظة تقديمه وإيداعه لدى القضاء، والذي لا يقبل العبث به من خلال تغيير معالمه وعناصره التي طرحت بها إلى القضاء، وهو ما يعبر عن الاحتكام بمبدأ ثبات النّزاع القضائي الذي يحرّم على المتخاصمين والقضاء من تغيير عناصر الدّعوى من لحظة بداياتها وحتى انتهائها بصدور حكم قضائي يضمن حسن سير العدالة واستعادة الحقوق إلى أصحابها. فلا بدّ من وجود خصمين في كل دعوى تقدم إلى المحكمة على الأقل وهم المدعي والمدعى عليه، وتكون زمام المبادرة بيد المدعي فهو من يبدأ الخصومة ويحدد نطاقها، سواء من جهة الأشخاص أو الموضوع أو السبب، وقد كان مبدأ ثبات النّزاع القضائي والسائد منذ القدم يلزم المدعي بالبقاء على الطلبات التي قدمها في الطلب الأصلي، ولا يجوز له تغييرها؛ وذلك على أساس أن هذا المبدأ يقوم على احترام حقوق الدّفاع؛ إذ يؤدي إلى عدم مفاجأة الخصوم بطلبات جديدة أو خصوم جدد. ونظرًا لتطور الحياة وتسارع مسيرها قدمًا في شتى مجالاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية. وفي ظل النمو السكاني الذي شهده العالم، وخاصة في الآونة الأخيرة، نتج عن ذلك تزايد الخلافات التي تقع بين الأفراد، وتزايد اللجوء إلى القضاء. والفرد بطبيعته إنسانًا ليس معصومًا عن الخطأ والنسيان، ففي الحالة التي يتقدم بها المدعي إلى القضاء عن طريق رفع الدعوى، فإنه يضمنها مطالبته وما يدعيه، وعليه فليس من المستحيل أن يغفل المدعي عند رفع الدعوى أن يقع في خطأ أو قد تتبين له ظروف لم تكن معروفة لديه من قبل فيحاول إضافتها دون رفع دعوى أخرى مستقلة تؤدي إلى إرهاق القضاء والأطراف، وهذا ما ينطبق على الطرف الضد في الدعوى وهو المدعى عليه لحظة مواجهته الدعوى المرفوعة ضده من المدعي، من هنا بدأت ملامح ومعالم الحاجة الماسة لمعالجة إجرائية من قبل التشريعات عن طريق إيجاد وسيلة فنية يستطيع من خلالها أطراف الدعوى تفادي إقامة دعوى مستقلة، سعيًا للحد من تشعب الخصومات أمام القضاء وتزايدها ومنعًا لصدور أحكام قضائية متناقضة. من هنا، سارعت التشريعات المعاصرة السماح لأطراف الدعوى بتعديل نطاق دعواهم من خلال تقديم مثل هذه الطلبات والتي أطلق عليها بـ "الطّلبات العارضة"، وعلى الرغم من ذلك، فهل تناست أو تجاهلت هذه التشريعات المبدأ القضائي التقليدي والقائم منذ أقدم العصور والذي يتضمن ثبات معالم الطلب القضائي الأصلي وعدم جواز تعديله أو إدخال تغييرات من شأنه أن تخل بهذا المبدأ؟ إن مبدأ ثبات الطلب القضائي لم يصمد أمام التطور الحاصل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، والتعقيدات التي طرأت على الحياة القانونية، حيث إن الأخذ بهذا المبدأ يؤدي إلى إصابة الخصومة بالشلل التام، فالخصومة كظاهرة ديناميكية حية تأبى الثبات المطلق، وإنما تتضمن روابط قانونية مختلفة الأطراف تستعصي على الجمود، كما أن هذا المبدأ يفترض العصمة للخصوم وهم بشر غير معصومين من الخطأ. إذن؛ يقضي هذا الإطلاق أن كل خصم من الخصوم يعرض طلباته وأوجه دفاعه عرضًا قانونيًّا صحيحًا منذ بدء الخصومة، ومن ثم يظل الخصوم سجناء لطلباتهم حتى نهاية الخصومة وهو ما يتنافى مع الواقع العملي. وجاء ظهور نظرية الطلبات العارضة التي لاقت اهتمام التشريعات المعاصرة من خلال تنظيم الأحكام المتعلقة بها في قوانينها الإجرائية استجابة لتحقيق مقتضيات حسن سير العدالة وسرعة أدائها وإنجازها للخصومات وحسم النّزاع بجميع جوانبه وتوابعه وما يرتبط به من منازعات بين جميع أطرافه، جملة واحدة، تحقيقًا للعدالة الشاملة وتوقيًا من تضارب الأحكام، والذي يتحقق في حالة توحيد الخصومات المرتبطة التي يكون بينها وبين الدعاوى المقامة ارتباطاً، سواء كان هذا الارتباط من ناحية المحل أو السبب أو الأطراف، وتوحيد هذه الخصومات لوجود هذه الصلة يحقق لنا جملة من المزايا، وأهمها: الحصول على الحكم بصورة سريعة وبنفقات أقل مما لو استمر النظر في الدعاوى كلا على انفراد. هكذا، ويكتسي موضوع الطلبات العارضة أهميّة كبيرة كونه يعالج أحد المحاور الرئيسة في قانون أصول المحاكمات المدنية؛ إذ يترتب على فهمه التطبيق الحسن للإجراءات والخطأ فيه كالخطأ في القانون، لذلك؛ فإن الخلط بين الطلبات العارضة والطلبات المشابهة أو المغايرة وعدم التحكم في ضوابطها قد يقضي على الوظيفة الحقيقية لهذه الطلبات. ومن هنا فقد نظم قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني هذه الطلبات، ونظّم فيها الطّلبات العارضة التي تقدم من المدعي أو المدعى عليه، أو من ذوي المصلحة في دعوى قائمة بين طرفي الدّعوى للتدخل في تلك الخصومة، أو من أحد الخصوم لإدخال من كان يصح اختصامه فيها عند إقامتها.

الصفحةالموضوع
13 الملخص
15 المقدمة
23 المبحث التمهيدي: الإطار العام للمطالبة القضائية
25 المطلب الأول: ماهيّة المطالبة القضائية وآثارها
25 الفرع الأول: ماهيّة المطالبة القضائية
28 الفرع الثاني: آثار المطالبة القضائية
33 المطلب الثاني: ماهيّة الطلبات العارضة وتميزها عما يخالطها
33 الفرع الأول: التعريف بالطلبات العارضة
38 الفرع الثاني: التمييز بين الطلبات العارضة وما يخالطها
الفصل الأول
الطلبات العارضة الإضافية
52 المبحث الأول: ماهية الطلبات العارضة الإضافية وإجراءاتها وشروط قبولها
52 المطلب الأول: مفهوم الطلبات العارضة الإضافية وإجراءات قبولها
52 الفرع الأول: التعريف بالطلبات العارضة الإضافية
56 الفرع الثاني: إجراءات تقديم الطلبات العارضة الإضافية
62 المطلب الثاني: شروط قبول الطلبات العارضة الإضافية
63 الفرع الأول: الشروط الشكلية لقبول الطلبات العارضة الإضافية
68 الفرع الثاني: الشروط الموضوعية لقبول الطلبات العارضة الإضافية
80 الفرع الثالث: مبدأ ثبات الطلب القضائي والارتباط كضابط لقبول الطلبات العارضة
92 المبحث الثاني: أنواع الطلبات العارضة الإضافية
92 المطلب الأول: حالات افتراض الارتباط ما بين الطلب الأصلي والطلب العارض الإضافي
96 الفرع الأول: ما يتضمن تصحيحًا للطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى
101 الفرع الثاني: ما يكون مكملاً للطلب الأصلي أو مُترتبًا عليه أو متصلاً به بصلة لا تقبل التجزئة
111 الفرع الثالث: ما يتضمن إضافة أو تغيير في أسباب الدعوى مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة
125 الفرع الرابع: طلب إجراء تحفظي أو مؤقت
135 المطلب الثاني: مدى سلطة المحكمة في تقدير توافر الارتباط ما بين الطلب الأصلي والطلب العارض الإضافي
136 الفرع الأول: ارتباط الطلب العارض الإضافي بالطلب الأصلي
139 الفرع الثاني: الإذن من المحكمة بتقديم الطلبات العارضة الإضافية
الفصل الثاني
الطلبات العارضة المقابلة
149 المبحث الأول: ماهيّة الطلبات العارضة المقابلة وإجراءاتها وشروط قبولها
150 المطلب الأول: مفهوم الطلبات العارضة المقابلة وتمييزها عما يخالطها
151 الفرع الأول: التعريف بالطلبات العارضة المقابلة
155 الفرع الثاني: تمييز الطلبات العارضة المقابلة عما يخالطها
166 المطلب الثاني: إجراءات قبول الطلبات العارضة المقابلة وشروطها
167 الفرع الأول: إجراءات تقديم الطلبات العارضة المقابلة
169 الفرع الثاني: شروط قبول الطلبات العارضة المقابلة
176 المبحث الثاني: أنواع الطلبات العارضة المقابلة
177 المطلب الأول: حالات افتراض الارتباط ما بين الطلب الأصلي والطلب العارض المقابل
178 الفرع الأول: طلب المقاصة القضائية وطلب الحكم له بتعويض عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية أو من إجراء حصل فيها
186 الفرع الثاني: الطلب الذي يترتب على إجابته عدم الحكم للمدعي بطلباته
191 الفرع الثالث: الطلب الذي يكون متصلاً بالدعوى الأصلية اتصالاً لا يقبل التجزئة
198 المطلب الثاني: مدى سلطة المحكمة في تقدير مدى توافر الارتباط ما بين الطلب الأصلي والطلب العارض المقابل
199 الفرع الأول: ارتباط الطلب العارض المقابل بالطلب الأصلي
201 الفرع الثاني: الإذن من المحكمة بتقديم الطلبات العارضة المقابلة
206 المبحث الثالث: الآثار المترتبة على تقديم الطلبات العارضة
206 المطلب الأول: الآثار المترتبة على تقديم الطلبات العارضة بالنسبة للمحكمة
206 الفرع الأول: الآثار المترتبة على تقديم الطلبات العارضة في التزام المحكمة بتحقيق الطلب والفصل فيه
211 الفرع الثاني: الآثار المترتبة على تقديم الطلبات العارضة في تحديد المحكمة المختصة
216 المطلب الثاني: الآثار المترتبة على تقديم الطلبات العارضة بالنسبة للخصوم
216 الفرع الأول: آثار الطلبات العارضة في قطع التقادم الساري لمصلحة المدعى عليه
222 الفرع الثاني: مدى جواز تقديم الطلبات العارضة أمام محكمة الاستئناف لأول مرة
228 المطلب الثالث: الطعن بالقرارات الابتدائية الصادرة بالطلبات العارضة
229 الفرع الأول: استئناف طلبات المدعي العارضة
236 الفرع الثاني: استئناف طلبات المدعى عليه العارضة
الفصل الثالث
طلبات الإدخال من قبل أطراف الدعوى
244 المبحث الأول: اختصام من كان يصح اختصامه في الدعوى عند رفعها
245 المطلب الأول: فكرة الخصم ومسوغات اختصامه في الدعوى المدنية
246 الفرع الأول: مفهوم الخصم
252 الفرع الثاني: مسوغات اختصام من كان يصح اختصامه في الدعوى عند رفعها
255 المطلب الثاني: ضوابط اختصام من كان يصح اختصامه في الدعوى عند رفعها
256 الفرع الأول: الأساس القانوني لاختصام من كان يصح اختصامه في الدعوى عند رفعها
263 الفرع الثاني: شروط اختصام من كان يصح اختصامه في الدعوى عند رفعها
273 الفرع الثالث: إجراءات اختصام من كان يصح اختصامه في الدعوى عند رفعها
279 المبحث الثاني: اختصام المدعى عليه لشخص ليس طرفًا في الدعوى
279 المطلب الأول: ضوابط اختصام المدعى عليه لشخص ليس طرفًا في الدعوى
280 الفرع الأول: الأساس القانوني لاختصام المدعى عليه لشخص ليس طرفًا في الدعوى
281 الفرع الثاني: شروط اختصام المدعى عليه لشخص ليس طرفًا في الدعوى
288 الفرع الثالث: إجراءات اختصام المدعى عليه لشخص ليس طرفًا في الدعوى
293 المطلب الثاني: الآثار المترتبة على طلبات الإدخال من قبل أطراف الدعوى
293 الفرع الأول: آثار اختصام الغير بالنسبة للمُخْتَصَم
302 الفرع الثاني: آثار اختصام الغير بالنسبة للخصوم الأصليين
304 الفرع الثالث: آثار اختصام الغير على المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية
313 الخــاتـمـــــة
319 المصادر والمراجع
القانون     المدني حق الخصوم في تعديل نطاق الدعوى - دراسة مقارنة
 
اضافة الكتاب الى سلة المشتريات
  الكمية:
حذف الكتاب:
   
   
 
 
انهاء التسوق
استمر بالتسوق
9789923153147 :ISBN
حق الخصوم في تعديل نطاق الدعوى - دراسة مقارنة :الكتاب
د.وسام ابراهيم الشوابكة :المولف
1.000 :الوزن
17×24 :الحجم
ابيض :الورق
336 :الصفحات
2025 :السنة
مجلد :النوع
$25 :السعر
 
:المقدمة

تعدّ الدّعوى السبيل الذي منحه القانون للأفراد كوسيلة يتم الالتجاء بها إلى القضاء، سعيًا لاستعادة الأفراد لحقوقهم التي سلبت منهم أو تعرضت للاعتداء من الغير، وذلك وفقًا لضوابط وشروط من شأنها ضبط المعايير التي تقوم عليها الدعوى. واهتماماً من القوانين القديمة والمعاصرة بحقوق الأفراد وحمايتها، فقد جاءت هذه القوانين لتنظيم فكرة الدعوى في نصوص قانونية لا يقبل تجاوزها أو مخالفتها، والتي من شأنها أن تلزم الأفراد بالاحتكام إليها، حال اللجوء إلى القضاء، وذلك لكي لا تتاح الفرصة لتكون هذه الوسيلة ـ الدّعوى ـ طريقًا يتعمد الشخص استخدامه لغايات غير مشروعة، أو تحقيقًا لمقاصد من شأنها الإضرار بالآخرين، وإعاقة سير المجتمعات السليمة المنهمكة بالانشغال بأنفسها جاهدةً لتحقيق العيش الكريم في بيئة آمنة وسليمة هذا من جانب، ومن جانب آخر، ونظرًا لما تحظى به الدّعوى من أهميّة بارزة، والتي يتم تقديمها بموجب طلب قضائي يتضمن عناصره، وهو الطلب المفتتح للخصومة؛ أي بناء عليه يتم افتتاح الخصومة والبدء بسيرها باعتباره المحدد لنطاقه منذ لحظة تقديمه وإيداعه لدى القضاء، والذي لا يقبل العبث به من خلال تغيير معالمه وعناصره التي طرحت بها إلى القضاء، وهو ما يعبر عن الاحتكام بمبدأ ثبات النّزاع القضائي الذي يحرّم على المتخاصمين والقضاء من تغيير عناصر الدّعوى من لحظة بداياتها وحتى انتهائها بصدور حكم قضائي يضمن حسن سير العدالة واستعادة الحقوق إلى أصحابها. فلا بدّ من وجود خصمين في كل دعوى تقدم إلى المحكمة على الأقل وهم المدعي والمدعى عليه، وتكون زمام المبادرة بيد المدعي فهو من يبدأ الخصومة ويحدد نطاقها، سواء من جهة الأشخاص أو الموضوع أو السبب، وقد كان مبدأ ثبات النّزاع القضائي والسائد منذ القدم يلزم المدعي بالبقاء على الطلبات التي قدمها في الطلب الأصلي، ولا يجوز له تغييرها؛ وذلك على أساس أن هذا المبدأ يقوم على احترام حقوق الدّفاع؛ إذ يؤدي إلى عدم مفاجأة الخصوم بطلبات جديدة أو خصوم جدد. ونظرًا لتطور الحياة وتسارع مسيرها قدمًا في شتى مجالاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية. وفي ظل النمو السكاني الذي شهده العالم، وخاصة في الآونة الأخيرة، نتج عن ذلك تزايد الخلافات التي تقع بين الأفراد، وتزايد اللجوء إلى القضاء. والفرد بطبيعته إنسانًا ليس معصومًا عن الخطأ والنسيان، ففي الحالة التي يتقدم بها المدعي إلى القضاء عن طريق رفع الدعوى، فإنه يضمنها مطالبته وما يدعيه، وعليه فليس من المستحيل أن يغفل المدعي عند رفع الدعوى أن يقع في خطأ أو قد تتبين له ظروف لم تكن معروفة لديه من قبل فيحاول إضافتها دون رفع دعوى أخرى مستقلة تؤدي إلى إرهاق القضاء والأطراف، وهذا ما ينطبق على الطرف الضد في الدعوى وهو المدعى عليه لحظة مواجهته الدعوى المرفوعة ضده من المدعي، من هنا بدأت ملامح ومعالم الحاجة الماسة لمعالجة إجرائية من قبل التشريعات عن طريق إيجاد وسيلة فنية يستطيع من خلالها أطراف الدعوى تفادي إقامة دعوى مستقلة، سعيًا للحد من تشعب الخصومات أمام القضاء وتزايدها ومنعًا لصدور أحكام قضائية متناقضة. من هنا، سارعت التشريعات المعاصرة السماح لأطراف الدعوى بتعديل نطاق دعواهم من خلال تقديم مثل هذه الطلبات والتي أطلق عليها بـ "الطّلبات العارضة"، وعلى الرغم من ذلك، فهل تناست أو تجاهلت هذه التشريعات المبدأ القضائي التقليدي والقائم منذ أقدم العصور والذي يتضمن ثبات معالم الطلب القضائي الأصلي وعدم جواز تعديله أو إدخال تغييرات من شأنه أن تخل بهذا المبدأ؟ إن مبدأ ثبات الطلب القضائي لم يصمد أمام التطور الحاصل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، والتعقيدات التي طرأت على الحياة القانونية، حيث إن الأخذ بهذا المبدأ يؤدي إلى إصابة الخصومة بالشلل التام، فالخصومة كظاهرة ديناميكية حية تأبى الثبات المطلق، وإنما تتضمن روابط قانونية مختلفة الأطراف تستعصي على الجمود، كما أن هذا المبدأ يفترض العصمة للخصوم وهم بشر غير معصومين من الخطأ. إذن؛ يقضي هذا الإطلاق أن كل خصم من الخصوم يعرض طلباته وأوجه دفاعه عرضًا قانونيًّا صحيحًا منذ بدء الخصومة، ومن ثم يظل الخصوم سجناء لطلباتهم حتى نهاية الخصومة وهو ما يتنافى مع الواقع العملي. وجاء ظهور نظرية الطلبات العارضة التي لاقت اهتمام التشريعات المعاصرة من خلال تنظيم الأحكام المتعلقة بها في قوانينها الإجرائية استجابة لتحقيق مقتضيات حسن سير العدالة وسرعة أدائها وإنجازها للخصومات وحسم النّزاع بجميع جوانبه وتوابعه وما يرتبط به من منازعات بين جميع أطرافه، جملة واحدة، تحقيقًا للعدالة الشاملة وتوقيًا من تضارب الأحكام، والذي يتحقق في حالة توحيد الخصومات المرتبطة التي يكون بينها وبين الدعاوى المقامة ارتباطاً، سواء كان هذا الارتباط من ناحية المحل أو السبب أو الأطراف، وتوحيد هذه الخصومات لوجود هذه الصلة يحقق لنا جملة من المزايا، وأهمها: الحصول على الحكم بصورة سريعة وبنفقات أقل مما لو استمر النظر في الدعاوى كلا على انفراد. هكذا، ويكتسي موضوع الطلبات العارضة أهميّة كبيرة كونه يعالج أحد المحاور الرئيسة في قانون أصول المحاكمات المدنية؛ إذ يترتب على فهمه التطبيق الحسن للإجراءات والخطأ فيه كالخطأ في القانون، لذلك؛ فإن الخلط بين الطلبات العارضة والطلبات المشابهة أو المغايرة وعدم التحكم في ضوابطها قد يقضي على الوظيفة الحقيقية لهذه الطلبات. ومن هنا فقد نظم قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني هذه الطلبات، ونظّم فيها الطّلبات العارضة التي تقدم من المدعي أو المدعى عليه، أو من ذوي المصلحة في دعوى قائمة بين طرفي الدّعوى للتدخل في تلك الخصومة، أو من أحد الخصوم لإدخال من كان يصح اختصامه فيها عند إقامتها.

 
:الفهرس