الجريمة؛ لأنه في الغالب يفسد المبتدئين بدلاً من إصلاحهم، ولا يكفل إزالة الميول الإجرامية المتأصلة لدى المعتادين من المجرمين، ولعل هذا ما جعل غالبية الفقهاء يشككون بقيمة الحبس كجزاء، واستبداله ببدائل أخرى تجنب المحكوم عليه العيش في بيئة السجن، وتؤهله بشكل يضمن إصلاحه، وعدم عودته للجريمة. ومما لا شك فيه أن العقوبة القصيرة المدة من حيث المبدأ لا تكفي لتحقيق غرضها، فلا هي تكفي للردع العام، ولا تصلح لردع المجرم بوجه خاص؛ أي تقويمه وتعليمه وتهذيبه، بل يترتب عليها آثار سلبية ناجمة عن إبعاده عن أسرته، وفقده لشرفه واعتباره، وتحطيم مستقبله، كما أنها تعرضه للاتصال بالمجرمين الخطرين، فيتلقى عنهم هذا المحكوم عليه ما لا يعرفه من أساليب الإجرام، وأساليب الجريمة التي تقضي عليه، وقد يترتب على ذلك ازدياد نسبة الإجرام والتفنن بأساليب الجريمة. هذا بالإضافة إلى أن المدة القصيرة للحبس لا تكفي غالباً لتنفيذ برامج التهذيب، والتأهيل والإصلاح، الأمر الذي يجعل هذه العقوبة عاجزة عن تحقيق أهدافها، بل يحولها إلى مجرد عملية سلب للحرية دون جدوى، ولعل هذا ما يفسر ارتفاع نسبة العود إلى الجريمة، ومعدل ارتفاع ارتكاب الجرائم. ومن نافلة القول خلص الفقه إلى أن هذه العقوبة تنطوي على كثير من المساوئ إلى الحد الذي يجعل ضررها أكثر من نفعها، مما حدا بالفقه القانوني إلى البحث عن بدائل لعقوبة الحبس قصيرة المدة؛ كونها أصبحت قاصرة عن تحقيق الهدف الأساسي من وجودها، وبناء على ذلك فقد تناولت هذه الأطروحة موضوع بدائل عقوبة الحبس قصيرة المدة. وعليه، سيتناول المؤلف في هذ الكتاب موضوع بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، من خلال الإشارة ابتداءً إلى ماهية العقوبة والعقوبة البديلة، ثم الحديث عن بدائل عقوبة الحبس الماسة بالحرية، بالإضافة إلى البدائل المقررة لصالح المجتمع، ثم الخروج بمجموعة من التوصيات والاقتراحات.