1. التفسير والتأويل:
التفسير لغة يعني: "الشرح والبيان. وتفسير القرآن: من العلوم الإسلامية، يُقصد منه توضيح معاني القرآن الكريم وما انطوت عليه آياتُه من عقائدَ وأسرارٍ وحِكَم، وأحكام." وعند ابن منظور: الفَسْرُ يعني: البيان و"فَسَر الشيءَ يفسِرهُ، بالكَسر، ويَفْسُرُه، بالضم، فَسْراً وفَسَّرَهُ: أبانه..؛ الفَسْرُ: كشف المُغَطّى، والتَّفْسير كَشف المُراد عن اللفظ المُشْكل.. واسْتَفْسَرْتُه كذا أََي سأَلته أَن يُفَسِّره لي.". وعن "ثعلب: التَّفسيرُ والتأويل واحد". "والتفسير: جمعه تفاسير ويعني التأويل،
2. التفسير في الفقه القانوني:
في الفقه القانوني الخاص (المدني): فإن "تطبيق" القاعدة القانونية على الواقع يحتاج إلى "تفسير" مضمونها أي "الوقوف على معنى ما تتضمنه من حكم والبحث عن الحكم الواجب إعطاؤه لما قد يعرض في العمل من فروض لم تواجهها القاعدة القانونية". والتفسير هو"الاستدلال على الحكم القانوني وعلى الحالة النموذجية التي وضع لها هذا الحكم من واقع الألفاظ التي عبّر بها المشرع عن ذلك". أو هو"التعرف من ألفاظ النص أو فحواه على حقيقة الحكم الذي تتضمنه القاعدة القانونية بحيث تتضح منه حدود الحالة الواقعية التي وضعت القاعدة من أجلها".
وفي فقه القانون العام (الدولي): فإن القيام بتفسير نصوص المعاهدات الدولية هو"عملية منطقية يوجبها ويتحكم فيها الإدراك القانوني السليم بقصد التعرف على النية المشتركة للأطراف المتعاقدين وقت الاتفاق". وقد يتم الخلط بين"المقصود" من عملية التفسير وبين"الهدف" منها، حيث تهدف العملية المذكورة إلى"الوقوف على المعنى الحقيقي للنص وإنزال حكمه على واقعة معينة..وفيه يتم النزول من ظاهر النصوص إلى مكنوناتها، بغية التعرف على مراميها أو فحواها الحقيقي.".
وبعد الاستفادة مما قيل في معنى التفسير وبعده في معنى التأويل يمكن القول بأن التفسير: هو عملية نقل النص أو اللفظ من حالة الغموض في معناه إلى حالة الوضوح، أو من حالة الشك في مدلوله إلى حالة اليقين. ولا فرق في أن يرد النص أو اللفظ محل التفسير في قانون وطني أو معاهدة دولية.
3. قانون المعاهدات الدولية:
المعاهدة الدولية؛ هي "اتفاق مكتوب يعقد بين دولتين أو أكثر ويخضع للقانون الدولي، سواء تم في وثيقة واحدة أم أكثر وأياً كانت التسمية التي تطلق عليه" وهي الوسيلة الأوسع انتشاراً اليوم والأكثر تحضراً في تنظيم العلاقات الدولية؛ حيث تشعبت هذه العلاقات وتعددت أشكالها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية. وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار تزايد الطبيعة (الفنية) لجوانب كثيرة من هذه العلاقات وما قد يحتاج تنظيمها من أدوات فنية أيضاً كالرسوم الهندسية والخرائط الجغرافية أو من حسابات رياضية كما في تعيين الحدود البرية وفي رسم الحدود البحرية والنهرية أو تعيين الخطوط الملاحية الجوية وغير ذلك، فإن كلاً من مصادر القانون الدولي العام أخذ يتنازل عن بعض أهميته ومكانته بين المصادر الأخرى لصالح المعاهدات الدولية؛ والجماعية منها خصوصاً؛ باعتبار أن النصوص المدوّنة من القانون الدولي وليس المفاهيم العائمة على صعيد العرف الدولي مثلاً؛ هي الأقدر على التحرك وفرض معانيها الواضحة والفنية ربما على الواقع الذي يُراد تنظيمه.
إن من المراحل المهمة في طريق التقدم بعملية تدوين القانون الدولي للمعاهدات ما أنتجه مؤتمر هارفرد (1929) والسنوات اللاحقة من مشاريع لاتفاقيات دولية. ففي (1935) كانت الخطوة المهمة في هذا المجال هي وضع مشروع اتفاقية هارفرد حول قانون المعاهدات، الذي كان يفوق في أهميته عمل عصبة الأمم وعمل اتحاد الدول الأمريكية وكذلك معهد القانون الدولي في مجال قانون المعاهدات. إذ إنه بالرغم من وجود لجنة من الخبراء لتدوين القانون الدولي في عصبة الأمم إلاّ أن اهتمام هذه اللجنة حول تدوين إجراءات "إعداد" المعاهدات كان يفوق اهتمامها بإجراءات تنفيذها أو تطبيقها وبالتالي "تفسيرها". مثلما كان نجاح الدول الأمريكية في وضع اتفاقية هافانا لقانون المعاهدات محدوداً بسبب أن عدد الدول الأطراف في هذه الاتفاقية كان قليلاً ومعالجتها لموضوع التفسير كانت مقصورة على المادة الثالثة منها فقط وفي حدود اقتضاء "الكتابة" في التفسير الرسمي للمعاهدة، كما هي شرط لإبرامها بموجب المادة الثانية من الاتفاقية. بينما يُشير مشروع هارفرد إلى بعض القواعد التي يجب اعتمادها عند تفسير النصوص الغامضة في المعاهدات الدولية( ). وعلى الرغم من أهمية هذا العمل التشريعي الخاص بمشروع اتفاقية هارفرد لقانون المعاهدات وما صاحبه من ملاحظات أو تعليقات وإشارات إلى العمل الدولي السابق إلاّ أن قيمته فيما يخص موضوع "تفسير المعاهدات" في الوقت الحاضر لا تتجاوز الفائدة البحثية التأصيلية لهذا الموضوع.
إن العمل على وضع قانونٍ للمعاهدات بما يتضمنه من قواعد إجرائية تتصل بتوحيد آليات إبرام المعاهدة، أو قواعد موضوعية تعيّن وسائل قبولها وتفسير النصوص الغامضة فيها قد انتهى بإقرار اتفاقية (فيينا) لقانون المعاهدات بين الدول (1969). وبالمقابل، فمع كثرة المعاهدات الدولية؛ ووجود القانون الذي يحكم جوانب متعددة منها، فإن سؤالاً كبيراً يبقى قائماً؛ وهو إلى أي مدى وتحت أية شروط يجب تطبيق تلك المعاهدات؟ إن الإجابة عن هذا السؤال لابد أن تتضمن توضيحاً لكيفية تفسير النصوص المطلوب تطبيقها، سواءً من حيث الآليات المطلوبة لعملية التفسير أم من حيث القواعد المُطبقة في ذلك.
الصفحة | الموضوع |
13
|
تقديم
|
15
|
المقدمة
|
|
الفصل الأول
|
|
آليات التفسير للمعاهدات الدولية
|
31
|
تمهيد الفصل
|
36
|
المبحث الأول: الآليات الداخلية في التفسير
|
37
|
المطلب الأول: التفسير القضائي الوطني
|
41
|
الفرع الأول: التفسير أمام القضاء الإداري
|
53
|
الفرع الثاني: التفسير أمام القضاء العادي
|
70
|
المطلب الثاني: التفسير الحكومي
|
84
|
المطلب الثالث: التفسير التشريعي
|
100
|
المبحث الثاني: الآليات الدولية في التفسير
|
101
|
المطلب الأول: التفسير الاتفاقي
|
109
|
المطلب الثاني: التفسير السياسي
|
112
|
الفرع الأول: تفسير المنظمات الدولية للمواثيق المنشئة لها
|
124
|
الفرع الثاني: تفسير المنظمات الدولية لغير مواثيقها من المعاهدات الدولية
|
129
|
المطلب الثالث: التفسير القضائي الدولي
|
132
|
الفرع الأول: الاختصاص القضائي (الأصيل) في التفسير
|
148
|
الفرع الثاني: الاختصاص القضائي (التابع) في التفسير
|
|
الفصل الثاني
|
|
قواعد التفسير القضائي الدولي للمعاهدات الدولية
|
155
|
تمهـيد الفصل
|
165
|
المبحث الأول: القواعد العامة في التفسير
|
169
|
المطلب الأول: القواعد العامة المتصلة بأطراف المعاهدة
|
169
|
الفرع الأول: التفسير وفقاً لمبدأ حسن النية
|
180
|
الفرع الثاني: التفسير وفقاً للمعنى العادي لألفاظ المعاهدة
|
194
|
المطلب الثاني: القواعد العامة المتصـلة بنصـوص المعـاهدة
|
196
|
الفرع الأول: التفسير وفقاً لسياق المعاهدة
|
207
|
الفرع الثاني: التفسير في ضوء موضوع المعاهدة والغرض منها
|
225
|
المبحث الثاني: الوسائل المكمّلة في التفسير
|
229
|
المطلب الأول: الاسـتعانة بالأعمـال التحضيريـة للمعاهدة والظروف المحيطة بعقدها
|
230
|
الفرع الأول: الاستعانة بالأعمال التحضيرية لعقد المعاهدة
|
241
|
الفرع الثاني: الاستعانة بالظروف المحيطة بعقد المعاهدة
|
250
|
المطلب الثاني: تفسير المعاهدات الموثقة بأكثر من لغة
|
252
|
الفرع الأول: اختلاف المعنى بين نصوص اللغات المتعددة
|
258
|
الفرع الثاني: تماثل نصوص اللغات المختلفة وإمكانية المفاضلة بينها
|
269
|
الخاتمة
|
281
|
المراجع
|
|
الملاحق
|
293
|
الملحق الأول: اتفاقية "فيينا" لقانون المعاهدات بين الدول (1969) باللغة العربية
|
338
|
الملحق الثاني: اتفاقية "فيينا" لقانون المعاهدات بين الدول (1969) باللغة الإنجليزية
|
|