مجلس الأمن الدولي دوره في تعزيز العدالة الجنائية الدولية

ISBN 9789957642594
الوزن 1.000
الحجم 17×24
الورق ابيض
الصفحات 480
السنة 2018
النوع مجلد

إن الوظيفة الأساس لمجلس الأمن هي حفظ السلم والأمن الدوليين، وهي الوظيفة الأهم بالنسبة لأجهزة منظمة الأمم المتحدة الأخرى، إذ نص الميثاق في الفقرة الأولى من المادة (24) منه، على إنه "رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به" الأمم المتحدة "سريعاً وفعالاً، يعهد أعضاء تلك المنظمة، إلى مجلس الأمن بالمسؤولية الرئيسية، في أمر حفظ السلم والأمن الدولي، ويوافقون على أن هذا المجلس يعمل نائباً عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه المسؤولية"، ويتمتع المجلس في هذا المجال ــ كما سُيبين لاحقاً ــ بسلطات تقديرية واسعة، إذ له وفقاً لنص المادة (39) من الميثاق، أن يقرر ما إذا كان الفعل الذي وقع من قبل دولة ما يشكل عدواناً أو تهديداً للسلم أو إخلالاً بهما ليتخذ بالتالي القرارات والتدابير التي يراها ملائمة لمعالجة الوضع وفق ما منح له الميثاق من سلطات، وهي تتنوع لتشمل: أولاً: سلطات المجلس في حل المنازعات الدوليّة بشكل سلمي وفقاً لأحكام الفصل السادس من الميثاق. ثانياً: سلطات المجلس في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمواجهة حالات تهديد السلم والأمن الدوليين والإخلال بهما أو حالة وقوع العدوان، طبقاً لأحكام الفصل السابع من الميثاق، وله في كلتا الحالتين الاستعانة بالتنظيمات الإقليمية طبقاً للفصل الثامن من الميثاق. وفي ظل ما شهده العالم من نزاعات دوليّة وإقليمية، وخاصة مع بدايات العقد الأخير من القرن الماضي، وما شهدته هذه النزاعات من ارتكاب أطرافها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، تجسدت في جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، فقد وجدنا أن مجلس الأمن مستندا لصلاحياته بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة قد دخل مضمار القضاء الجنائي الدولي، مبرراً ذلك، بوجود علاقة بين حفظ السلم والأمن الدوليين من جانب، ومن جانب آخر، ضرورة معاقبة وملاحقة مرتكبي تلك الانتهاكات، وبالتالي لم يعد يكتفي بفرض العقوبات الاقتصادية، واستخدام القوة المسلّحة كإجراءات يملكها بنصوص صريحة لمواجهة مثل هذه النزاعات والتي يرى في استمرارها وفقاً لسلطته التقديرية تهديداً للسلم والأمن الدوليين، بل لجأ أحياناً إلى إنشاء محاكم جنائية دوليّة خاصة ومؤقتة لمحاكمة مرتكبي تلك الانتهاكات كما حدث في محكمتي يوغسلافيا السابقة 1993، ورواندا 1994، وأحيانا أخرى تدخل في إنشاء ما يسمى بالمحاكم الجنائية المدولة المختلطة، كمحاكم سيراليون وتيمور الشرقية ولبنان. وفي العام 1998 شهد القضاء الجنائي الدولي، تحولاً حقيقياً في مسيرته الطويلة في محاولة معاقبة مرتكبي الجرائم الدوليّة، والذي تمثل في ظهور أول محكمة جنائية دوليّة مستقلة، وهي المحكمة الجنائية الدوليّة، والتي أنشئت بموجب اتفاقية دوليّة سميت بـ "نظام روما الأساسي لعام 1998، ومقرها مدينة لاهاي ــ هولندا، ويقتصر نطاق اختصاص المحكمة، كما حدد في المادة "5" منها على محاكمة الأشخاص الطبيعيين مرتكبي الجرائم الأكثر خطورة في المجتمع الدولي، ويبرز الدور الذي يمارسه مجلس الأمن الدولي، بموجب نظام روما الأساسي من خلال أولاً، منحه صلاحية إحالة حالة "قضية" إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدوليّة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة قد ارتكبت، وذلك وفقاً لأحكام الفقرة (ب) من المادة (13)، وثانياً، إعطائه الحق في تأجيل أو إرجاء المقاضاة لمدة أثنى عشر شهراً قابلة للتجديد لمدة مماثلة، وذلك بموجب نص المادة (16). وبالتالي يتضح منحى مجلس الأمن بهدف تعزيز العدالة الجنائية الدوليّة، وذلك عندما أعتبر أن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان، هي من أخطر مصادر أن لم تكن الأخطر تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وهو ما يستدعي تدخله، والتي تجسد باستحداثه آليات قضائية "محاكم" لم يمنحه ذلك ميثاق الأمم المتحدة بنصوص صريحة، ولكن استناداً لصلاحياته التقديرية بموجب نصوص الميثاق ولا سيما الفصل السابع منه، والتي تجيز للمجلس اتخاذ ما يلزم من إجراءات ردعية في سبيل مواجهة أي تهديد للسلم والأمن الدوليين، فضلاً عن أن المجلس بات في وضع أكثر قوة بمنحه صلاحيتي الإحالة والإرجاء بنصوص صريحة وواضحة بمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدوليّة، وبالتالي لم تعد صلاحيته في التدخل قضائياً ــ من ناحية وجود الأساس القانوني ــ محل جدل كما كانت قبل إنشاء المحكمة الجنائية الدوليّة، علماً أن منح المجلس هاتين الصلاحيتين برر على أساس ارتباط الحالات التي يحيلها إلى المحكمة أو القضايا التي يطلب من المحكمة وقف النظر فيها لمدة معينة، بمسألة السلم والأمن الدوليين ودور المجلس في حفظهما.

الصفحةالموضوع
17 الملخص
21 المقدمة
33 الفصل التمهيدي: دور مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين كأساس في تبرير تدخله في مجال القضاء الجنائي الدولي
36 المبحث الأول: تشكيل مجلس الأمن وآلية العمل فيه
36 المطلب الأول: تشكيل مجلس الأمن
36 الفرع الأول: العضوية في مجلس الأمن
38 الفرع الثاني: لجان مجلس الأمن
39 المطلب الثاني: آلية العمل في مجلس الأمن
39 الفرع الأول: اجتماعات مجلس الأمن
40 الفرع الثاني: نظام التصويت في مجلس الأمن
47 المبحث الثاني: الأساس القانوني لسلطة مجلس الأمن في إنشاء المحاكم الجنائية الدوليّة المؤقتة
47 المطلب الأول: دور مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين
48 الفرع الأول: حل المنازعات الدوليّة بالطرق السلمية
49 الفرع الثاني: اختصاص مجلس الأمن باتخاذ التدابير اللازمة في حالات تهديد السلم أو الإخلال به أو وقوع العدوان
60 المطلب الثاني: الأساس القانوني لسلطة مجلس الأمن في إنشاء المحاكم الدوليّة الجنائية المؤقتة بين الفقه والقضاء الدولي
60 الفرع الأول: موقف الفقه الدولي من سلطة مجلس الأمن في إنشاء المحاكم الدوليّة الجنائية المؤقتة
69 الفرع الثاني: موقف القضاء الدولي من سلطة مجلس الأمن في إنشاء المحاكم الدوليّة الجنائية المؤقتة
الباب الأول
دور مجلس الأمن في تعزيز العدالة الجنائية الدوليّة بإنشاء المحاكم الجنائية الدوليّة
79 الفصل الأول: المحاكم الجنائية الدوليّة الخاصة المؤقتة
82 المبحث الأول: المحكمة الدوليّة الجنائية الخاصة ليوغسلافيا السابقة،1993م
82 المطلب الأول: دور مجلس الأمن في التعامل مع النزاع المسلح في يوغسلافيا السابقة
82 الفرع الأول: نبذة تاريخية عن النزاع المسلح في يوغسلافيا السابقة
87 الفرع الثاني: نشأة المحكمة الدوليّة الجنائية الخاصة ليوغسلافيا السابقة
92 المطلب الثاني: النظام الأساسي للمحكمة الدوليّة الجنائية الخاصة ليوغسلافيا السابقة
92 الفرع الأول: تشكيل المحكمة
95 الفرع الثاني: اختصاص المحكمة الدوليّة الجنائية الخاصة ليوغسلافيا السابقة
101 الفرع الثالث: الإجراءات أمام المحكمة الدوليّة الجنائية الخاصة ليوغسلافيا السابقة، وأحكامها، ومدى تحقيقها لهدف إنشائها
113 المبحث الثاني: المحكمة الدوليّة الجنائية الخاصة لرواندا، 1994م
113 المطلب الأول: دور مجلس الأمن في التعامل مع الحرب الأهلية في رواندا
113 الفرع الأول: نبذة تاريخية عن الحرب الأهلية في رواندا
118 الفرع الثاني: نشأة المحكمة الدوليّة الجنائية الخاصة لرواندا
122 المطلب الثاني: النظام الأساسي للمحكمة الدوليّة الجنائية الخاصة لرواندا
122 الفرع الأول: تشكيل المحكمة
126 الفرع الثاني: اختصاص المحكمة الدوليّة الجنائية الخاصة لرواندا
132 الفرع الثالث: الإجراءات أمام المحكمة الدوليّة الجنائية الخاصة لرواندا، وأحكامها، ومدى تحقيقها لهدف إنشائها
139 الفصل الثاني: المحاكم الجنائية الوطنية المدولة أو المختلطة
141 المبحث الأول: المحاكم الجنائية الوطنية المدولة أو المختلطة في لبنان، وسيراليون
141 المطلب الأول: المحكمة الجنائية الوطنية المدولة أو المختلطة في لبنان
141 الفرع الأول: دور مجلس الأمن في التعامل مع حادث اغتيال رفيق الحريري في لبنان
152 الفرع الثاني: النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الوطنية المدولة في لبنان
163 الفرع الثالث: الإجراءات أمام المحكمة الجنائية الوطنية المدولة في لبنان، وأحكامها، ومدى تحقيقها لهدف إنشائها
174 المطلب الثاني: المحكمة الجنائية الوطنية المدولة أو المختلطة في سيراليون
174 الفرع الأول: دور مجلس الأمن في التعامل مع الصراع في سيراليون
180 الفرع الثاني: النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الوطنية المدولة لسيراليون
190 الفرع الثالث: الإجراءات أمام المحكمة الجنائية الوطنية المدولة لسيراليون، وأحكامها، ومدى تحقيقها لهدف إنشائها
194 المبحث الثاني: المحاكم الجنائية الوطنية المدولة أو المختلطة في الدول التي وضعت تحت الإدارة المؤقتة للأمم المتحدة، في تيمور الشرقية، كمبوديا، كوسوفو
194 المطلب الأول: المحكمة الجنائية الوطنية المدولة أو المختلطة في تيمور الشرقية
194 الفرع الأول: دور مجلس الأمن في التعامل مع الأزمة في تيمور الشرقية
203 الفرع الثاني: النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الوطنية المدولة في تيمور الشرقية
211 المطلب الثاني: الدوائر الاستثنائية في كمبوديا
211 الفرع الأول: دور مجلس الأمن في التعامل مع الأزمة في كمبوديا
221 الفرع الثاني: النظام الأساسي للدوائر الاستثنائية في محاكم كمبوديا
230 المطلب الثالث: محاولة إقامة محكمة كوسوفو للجرائم العرقية وجرائم الحرب
230 الفرع الأول: دور مجلس الأمن في التعامل مع الأزمة في كوسوفو
238 الفرع الثاني: القواعد التنظيمية القضائية التي أصدرتها بعثة الأمم المتحدة المؤقتة في كوسوفو
الباب الثاني
دور مجلس الأمن في تعزيز العدالة الجنائية الدوليّة في ضوء أحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدوليّة
248 الفصل الأول: دور مجلس الأمن في تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدوليّة من خلال صلاحيته في الإحالة
250 المبحث الأول: الأحكام المنظمة لصلاحية مجلس الأمن في إحالة حالة إلى المحكمة الجنائية الدوليّة
250 المطلب الأول: الخلاف حول منح مجلس الأمن صلاحية الإحالة
251 الفرع الأول: الخلاف بين الدول في مؤتمر روما حول منح مجلس الأمن صلاحية الإحالة
258 الفرع الثاني: اختلاف الفقه حول منح مجلس الأمن صلاحية الإحالة
262 المطلب الثاني: شروط ممارسة مجلس الأمن لصلاحيته في الإحالة، وآثارها
262 الفرع الأول: مفهوم الإحالة
269 الفرع الثاني: شروط ممارسة مجلس الأمن لصلاحيته في الإحالة
275 الفرع الثالث: آثار قرار مجلس الأمن بالإحالة
291 المبحث الثاني: التطبيق العملي لممارسة مجلس الأمن لصلاحيته في إحالة حالة إلى المحكمة الجنائية الدوليّة
291 المطلب الأول: تفعيل مجلس الأمن لصلاحيته في الإحالة
291 الفرع الأول: إحالة النزاع في إقليم دارفور السوداني إلى المحكمة الجنائية الدوليّة
312 الفرع الثاني: إحالة الوضع في ليبيا إلى المحكمة الجنائية الدوليّة
318 المطلب الثاني: عدم تفعيل مجلس الأمن لصلاحيته في الإحالة
318 الفرع الأول: صلاحية مجلس الأمن في الإحالة فيما يتعلق بجرائم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين
335 الفرع الثاني: صلاحية مجلس الأمن في الإحالة فيما يتعلق بجرائم الاحتلال الأنجلو ــ أمريكي في العراق
345 الفصل الثاني: دور مجلس الأمن في تعطيل اختصاص المحكمة الجنائية الدوليّة من خلال صلاحيته في طلب إرجاء التحقيق أو المقاضاة، وفي تعليق النظر في جريمة العدوان
347 المبحث الأول: صلاحية مجلس الأمن في طلب إرجاء التحقيق أو المقاضاة
347 المطلب الأول: الخلاف حول منح مجلس الأمن صلاحية طلب إرجاء التحقيق أو المقاضاة
347 الفرع الأول: الخلاف بين الدول في مؤتمر روما حول منح مجلس الأمن صلاحية طلب إرجاء التحقيق أو المقاضاة
350 الفرع الثاني: اختلاف الفقه حول منح مجلس الأمن صلاحية طلب إرجاء التحقيق أو المقاضاة
358 المطلب الثاني: شروط ممارسة مجلس الأمن لصلاحيته في طلب الإرجاء، وآثارها
358 الفرع الأول: شروط طلب إرجاء التحقيق أو المقاضاة
367 الفرع الثاني: آثار قرار مجلس الأمن بطلب الإرجاء في التحقيق أو المقاضاة
374 المطلب الثالث: التطبيق العملي لممارسة مجلس الأمن لصلاحيته في طلب إرجاء التحقيق أو المقاضاة
375 الفرع الأول: القرارات التي أصدرها مجلس الأمن استناداً لصلاحيته في طلب الإرجاء
388 الفرع الثاني: تقييم تطبيقات مجلس الأمن عملاً بأحكام المادة (16) من نظام روما الأساسي
398 المبحث الثاني: دور مجلس الأمن في تعليق اختصاص المحكمة الجنائية الدوليّة فيما يتعلق بجريمة العدوان
399 المطلب الأول: الخلاف حول إدراج جريمة العدوان ضمن الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدوليّة
399 الفرع الأول: الاتجاه المؤيد لإدراج جريمة العدوان ضمن الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدوليّة
401 الفرع الثاني: الاتجاه المعارض لإدراج جريمة العدوان ضمن الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدوليّة
405 الفرع الثالث: الموقف الذي تبناه مؤتمر روما من مسألة إدراج جريمة العدوان من عدمه في اختصاص المحكمة
413 المطلب الثاني: الخلاف حول منح مجلس الأمن صلاحية تحديد وقوع جريمة العدوان، وبالتالي انعقاد اختصاص المحكمة بنظر هذه الجريمة
414 الفرع الأول: موقف الدول أثناء مؤتمر روما من منح مجلس الأمن صلاحية تحديد وقوع جريمة العدوان
418 الفرع الثاني: موقف الفقه الدولي من منح مجلس الأمن صلاحية تحديد جريمة العدوان
422 الفرع الثالث: ممارسة المحكمة لاختصاصها بشأن جريمة العدوان، وفقاً للتعديل الذي اعتمده المؤتمر الاستعراضي في العام 2010
425 الخاتمـة
445 المراجــــع
القانون     الدولي مجلس الأمن الدولي دوره في تعزيز العدالة الجنائية الدولية
 
اضافة الكتاب الى سلة المشتريات
  الكمية:
حذف الكتاب:
   
   
 
 
انهاء التسوق
استمر بالتسوق
9789957642594 :ISBN
مجلس الأمن الدولي دوره في تعزيز العدالة الجنائية الدولية :الكتاب
د.عايد سليمان المشاقبة :المولف
1.000 :الوزن
17×24 :الحجم
ابيض :الورق
480 :الصفحات
2018 :السنة
مجلد :النوع
$35 :السعر
 
:المقدمة

إن الوظيفة الأساس لمجلس الأمن هي حفظ السلم والأمن الدوليين، وهي الوظيفة الأهم بالنسبة لأجهزة منظمة الأمم المتحدة الأخرى، إذ نص الميثاق في الفقرة الأولى من المادة (24) منه، على إنه "رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به" الأمم المتحدة "سريعاً وفعالاً، يعهد أعضاء تلك المنظمة، إلى مجلس الأمن بالمسؤولية الرئيسية، في أمر حفظ السلم والأمن الدولي، ويوافقون على أن هذا المجلس يعمل نائباً عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه المسؤولية"، ويتمتع المجلس في هذا المجال ــ كما سُيبين لاحقاً ــ بسلطات تقديرية واسعة، إذ له وفقاً لنص المادة (39) من الميثاق، أن يقرر ما إذا كان الفعل الذي وقع من قبل دولة ما يشكل عدواناً أو تهديداً للسلم أو إخلالاً بهما ليتخذ بالتالي القرارات والتدابير التي يراها ملائمة لمعالجة الوضع وفق ما منح له الميثاق من سلطات، وهي تتنوع لتشمل: أولاً: سلطات المجلس في حل المنازعات الدوليّة بشكل سلمي وفقاً لأحكام الفصل السادس من الميثاق. ثانياً: سلطات المجلس في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمواجهة حالات تهديد السلم والأمن الدوليين والإخلال بهما أو حالة وقوع العدوان، طبقاً لأحكام الفصل السابع من الميثاق، وله في كلتا الحالتين الاستعانة بالتنظيمات الإقليمية طبقاً للفصل الثامن من الميثاق. وفي ظل ما شهده العالم من نزاعات دوليّة وإقليمية، وخاصة مع بدايات العقد الأخير من القرن الماضي، وما شهدته هذه النزاعات من ارتكاب أطرافها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، تجسدت في جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، فقد وجدنا أن مجلس الأمن مستندا لصلاحياته بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة قد دخل مضمار القضاء الجنائي الدولي، مبرراً ذلك، بوجود علاقة بين حفظ السلم والأمن الدوليين من جانب، ومن جانب آخر، ضرورة معاقبة وملاحقة مرتكبي تلك الانتهاكات، وبالتالي لم يعد يكتفي بفرض العقوبات الاقتصادية، واستخدام القوة المسلّحة كإجراءات يملكها بنصوص صريحة لمواجهة مثل هذه النزاعات والتي يرى في استمرارها وفقاً لسلطته التقديرية تهديداً للسلم والأمن الدوليين، بل لجأ أحياناً إلى إنشاء محاكم جنائية دوليّة خاصة ومؤقتة لمحاكمة مرتكبي تلك الانتهاكات كما حدث في محكمتي يوغسلافيا السابقة 1993، ورواندا 1994، وأحيانا أخرى تدخل في إنشاء ما يسمى بالمحاكم الجنائية المدولة المختلطة، كمحاكم سيراليون وتيمور الشرقية ولبنان. وفي العام 1998 شهد القضاء الجنائي الدولي، تحولاً حقيقياً في مسيرته الطويلة في محاولة معاقبة مرتكبي الجرائم الدوليّة، والذي تمثل في ظهور أول محكمة جنائية دوليّة مستقلة، وهي المحكمة الجنائية الدوليّة، والتي أنشئت بموجب اتفاقية دوليّة سميت بـ "نظام روما الأساسي لعام 1998، ومقرها مدينة لاهاي ــ هولندا، ويقتصر نطاق اختصاص المحكمة، كما حدد في المادة "5" منها على محاكمة الأشخاص الطبيعيين مرتكبي الجرائم الأكثر خطورة في المجتمع الدولي، ويبرز الدور الذي يمارسه مجلس الأمن الدولي، بموجب نظام روما الأساسي من خلال أولاً، منحه صلاحية إحالة حالة "قضية" إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدوليّة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة قد ارتكبت، وذلك وفقاً لأحكام الفقرة (ب) من المادة (13)، وثانياً، إعطائه الحق في تأجيل أو إرجاء المقاضاة لمدة أثنى عشر شهراً قابلة للتجديد لمدة مماثلة، وذلك بموجب نص المادة (16). وبالتالي يتضح منحى مجلس الأمن بهدف تعزيز العدالة الجنائية الدوليّة، وذلك عندما أعتبر أن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان، هي من أخطر مصادر أن لم تكن الأخطر تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وهو ما يستدعي تدخله، والتي تجسد باستحداثه آليات قضائية "محاكم" لم يمنحه ذلك ميثاق الأمم المتحدة بنصوص صريحة، ولكن استناداً لصلاحياته التقديرية بموجب نصوص الميثاق ولا سيما الفصل السابع منه، والتي تجيز للمجلس اتخاذ ما يلزم من إجراءات ردعية في سبيل مواجهة أي تهديد للسلم والأمن الدوليين، فضلاً عن أن المجلس بات في وضع أكثر قوة بمنحه صلاحيتي الإحالة والإرجاء بنصوص صريحة وواضحة بمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدوليّة، وبالتالي لم تعد صلاحيته في التدخل قضائياً ــ من ناحية وجود الأساس القانوني ــ محل جدل كما كانت قبل إنشاء المحكمة الجنائية الدوليّة، علماً أن منح المجلس هاتين الصلاحيتين برر على أساس ارتباط الحالات التي يحيلها إلى المحكمة أو القضايا التي يطلب من المحكمة وقف النظر فيها لمدة معينة، بمسألة السلم والأمن الدوليين ودور المجلس في حفظهما.

 
:الفهرس