نظرية التعسف في استعمال الحق في الملكية العقارية

ISBN 9789923150115
الوزن 0.600
الحجم 17×24
الورق ابيض
الصفحات 200
السنة 2023
النوع مجلد

$ 17.5

إن القانون هو مجموعة القواعد التي تنظيم حياة الأفراد داخل المجتمع بغية تحقيق العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه. والحق الذي يهدف القانون حمايته هو ما يقع به الفرد على ما هو عائد له بصفة مشروعة من قيم أو أشياء، ويكون لهذا الفرد الإفادة من هذه القيم أو الأشياء بنطاق واسع وإلزام الغير بعدم التعرض له في هذه الإفادة. وقد عنيت سائر التشريعات برعاية حقوق الأفراد والذود عنها، ومنحت صاحب الحق سلطة كبيرة في مجال استعماله لحقه. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل أن صاحب الحق مطلق اليد في استعماله لحقه كيفما شاء ولو أدى هذا الأمر لإلحاق ضرر بالغير، أم أن الأمر عكس ذلك، بحيث أن الحق وإن كان يمنح صاحبه صلاحية عظمى في استعماله والتصرف فيه إلا أن هذا الاستعمال والتصرف مقيدان بالمصلحة العامة؟ بمعنى آخر هل الحق سلطة مطلقة ممنوحة لصاحبها دون حدود أم هو وظيفة لصاحبها يدخل في إطار التضامن الاجتماعي، فلا يجوز الإساءة إلى الغير عن طريق التجاوز في استعمال الحق؟ في الواقع هناك نظرتان مبدئيتان إلى الحق يمكن إرجاعهما إلى المدرسة الشخصية من جهة والمدرسة الموضوعية من جهة ثانية.  فالمدرسة أو النزعة الشخصية تعتبر الحق سلطة مطلقة تخول صاحبها استعمال الحق على النحو الأكثر إطلاقاً، فهي ترى أنه لا يُعقل أن يُسيء تقييد الحق وافتراض إمكانية الإساءة أو التعسف في استعمال الحق.  أما المدرسة أو النظرة الموضوعية فهي على العكس تقيد الحق بالمصلحة، وتبني فكرة نشوئه على مبدأ التضامن الاجتماعي ومفاد ذلك أن الإنسان اجتماعي بطبعه لا يمكنه العيش إلا داخل الجماعة، وهو لا يستطيع تحقيق مطالبه إلا عن طريق التعاون والمساعدة مع أبناء جنسه. وصلة الإنسان لا تقتصر على أسرته ووطنه بل تتعداهما إلى الاتصال بالأمة والبشرية قاطبة، فأساس الحياة هو التضامن الاجتماعي الذي هو ركيزة العلاقات الاجتماعية، وتصبح العلاقة الاجتماعية قاعدة قانونية إذا رأت الجماعة ضرورة احترامها، ووجوب الأخذ بها لحفظ التضامن الاجتماعي وحماية أفراد المجتمع. لذلك فرغم أن الحقوق محمية من طرف القانون غير أنها مقيدة بفكرة الضمان الاجتماعي أي مصلحة الغير، وبالتالي فمن يخرج عن الحق أو يسيء للغير عند استعماله لحقه يكون قد خرق مفهوم التضامن الاجتماعي، وبالتالي يلزم بإزالة الإساءة والعودة إلى استعمال حقه في حدود عدم الإضرار بالغير، والخروج عن التضامن فالحق هنا ــ كما أعتقد ــ يشكل وظيفة اجتماعية هدفها تكافل أبناء المجتمع لما فيه خيرهم وخير الإنسانية بشكل عام. إن نظرية التعسف لاستعمال الحق عُرفت ترعرعها في القوانين الغربية في القرن التاسع عشر على يد الفقيه الفرنسي جوسران الذي يتصور البعض عن غير حق أنه مبتدع هذه النظرية، كما أنه صحيح أيضاً أن النظرية الموضوعية للحق التي نادى بها الفقيه الألماني اهرنج، وفكرة التضامن الاجتماعي التي نادى بها عميد كلية بوردو "دونجي" لم تعرف طريقها إلى الوجود إلا في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، غير أن هذا الأمر يجب أن لا يعني أن مبدأ عدم جواز التعسف في استعمال الحق هو مبدأ حديث فرضته التغيرات التي شهدها العالم في القرنين الأخيرين على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي: فعلى الصعيد الاجتماعي ازداد الوعي وظهرت التيارات الفكرية المنادية بالعدالة الاجتماعية وتحطيم فكرة الأنانية والفردية اصطبغت فيها الظواهر الاجتماعية وبينها القانون في القرون السابقة. وعلى الصعيد الاقتصادي فقد نمت المبادلات التجارية وازدادت رقعة النشاط الاقتصادي لتشمل سائر بلاد المعمورة، وظهرت تيارات تنادي بعدالة توزيع الثروات على المواطنين. وأخيراً على الصعيد السياسي ترسيخ المفهوم الديمقراطي في كثير من الدول وأصبح القانون مرآة تعكس رغبات الأمة وترفع الضيم عمن لحقه أذى نتيجة تجاوز الغير على حقوقه، ناهيك عن الأفكار والنزعات الاشتراكية التي ظهرت مطالبة بتحقيق المساواة ومنع الاستغلال. ولا ننكر أن هذه العوامل ساهمت في تأصيل مبدأ رفع التعسف في استعمال الحق وتقنينه في جل التشريعات العصرية، غير أننا نقول أن هذا المبدأ ضارب جذوره في أرض القانون منذ عرفت البشرية القوانين، فقد عرفه البابليون، وجاءت في مدونة حمورابي نصوص تعاقب على التعسف في استعمال الحق منها المادة (55) من المدونة وذلك منذ حوالي واحد وأربعين قرناً. كما أن الرومان وإن كان قانونهم مشبعاً بروح الفردية ومغرقاً في الشكلية فإن بعض فقهائهم أمثال "أولبيان" نادوا بنظرية إزالة التعسف في استعمال الحق.

الصفحةالموضوع
11 المقدمة
الفصل الأول
التطور التاريخي لنظرية التعسف في استعمال الحق
30 المبحث الأول: نظرية التعسف في استعمال الحق في القانون الروماني والقانون الفرنسي القديم
30 المطلب الأول: نظرية التعسف في استعمال الحق في القانون الروماني
31 الفرع الأول: المبدأ العام استبعاد النظرية
33 الفرع الثاني: مجال تطبيق النظرية
39 المطلب الثاني: نظرية التعسف في القانون الفرنسي القديم
42 المبحث الثاني: نظرية التعسف في استعمال الحق في الشريعة الإسلامية
42 المطلب الأول: مفهوم الحق في الفقه الإسلامي
43 الفرع الأول: الحق والحكم
44 الفرع الثاني: الحق والمصلحة
47 المطلب الثاني: استعمال الحق في الشريعة الإسلامية
48 الفرع الأول: الأصل في استعمال الحقوق هو الإباحة
49 الفرع الثاني: تقييد استعمال الحقوق في الشريعة الإسلامية
51 المطلب الثالث: تطبيقات التعسف في استعمال الحق في الشرع الإسلامي
51 الفرع الأول: النصوص التشريعية
54 الفرع الثاني: بعض حالات تقرير التعسف في الشريعة
61 المبحث الثالث: النظرية في التشريع الحديث المقارن
61 المطلب الأول: القانون الفرنسي الحديث
67 المطلب الثاني: القانون الألماني
69 المطلب الثالث: القانون الأردني
69 الفرع الأول: النص الخاص
72 الفرع الثاني: النصوص المتفرقة
77 الفرع الثالث: الاجتهاد القضائي
الفصل الثاني
نظرية التعسف في استعمال حق الملكية العقارية
85 المبحث الأول: ماهية نظرية التعسف وأساسها القانوني والفقهي وتميزها عن النظم الشبيهة لها
85 المطلب الأول: الأساس الفقهي للنظرية
86 الفرع الأول: فكرة نسبية الحقوق
87 الفرع الثاني: فكرة نية الإضرار
89 الفرع الثالث: استعمال الحق في غير ما أعدّ له
92 الفرع الرابع: فكرة الخطأ في استعمال الحق
95 المطلب الثاني: نظرية التعسف وغيرها من النظم القانونية الشبيهة لها
95 الفرع الأول: التعسف في استعمال الحق والخروج عن الحق
99 الفرع الثاني: التعسف في استعمال الحق والتعسف في استعمال السلطة
106 المبحث الثاني: التعسف في الملكية العقارية
106 المطلب الأول: حالات قيام التعسف بصورة عامة
113 الفرع الأول: استعمال الحق بقصد الإضرار بالغير
118 الفرع الثاني: عدم مشروعية المصلحة من الفعل (استعمال الحق)
122 الفرع الثالث: رجحان الإضرار على المصلحة رجحاناً كبير
126 الفرع الرابع: تجاوز ما جرى عليه العرف والعادة في استعمال الحق
129 المطلب الثاني: ميدان نظرية التعسف في الملكية العقارية
130 الفرع الأول: تحديد حق الملكية العقارية
146 الفرع الثاني: التعسف هو من قيود الملكية العقارية
148 الفرع الثالث: الحقوق الناجمة عن حق الملكية العقارية الخارجة عن مبدأ التعسف
الفصل الثالث
دعوى وجزاء التعسف في استعمال حق الملكية العقارية
158 المبحث الأول: طبيعة دعوى التعسف في حق الملكية العقارية
165 المبحث الثاني: جزاء التعسف في الملكية العقارية
168 المطلب الأول: التعويض العيني
172 المطلب الثاني: التعويض بمقابل
183 الخاتمة
195 المـراجــع
القانون     المدني نظرية التعسف في استعمال الحق في الملكية العقارية
 
اضافة الكتاب الى سلة المشتريات
  الكمية:
حذف الكتاب:
   
   
 
 
انهاء التسوق
استمر بالتسوق
9789923150115 :ISBN
نظرية التعسف في استعمال الحق في الملكية العقارية :الكتاب
إيهاب علي الزعبي :المولف
0.600 :الوزن
17×24 :الحجم
ابيض :الورق
200 :الصفحات
2023 :السنة
مجلد :النوع
$17.5 :السعر
 
:المقدمة

إن القانون هو مجموعة القواعد التي تنظيم حياة الأفراد داخل المجتمع بغية تحقيق العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه. والحق الذي يهدف القانون حمايته هو ما يقع به الفرد على ما هو عائد له بصفة مشروعة من قيم أو أشياء، ويكون لهذا الفرد الإفادة من هذه القيم أو الأشياء بنطاق واسع وإلزام الغير بعدم التعرض له في هذه الإفادة. وقد عنيت سائر التشريعات برعاية حقوق الأفراد والذود عنها، ومنحت صاحب الحق سلطة كبيرة في مجال استعماله لحقه. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل أن صاحب الحق مطلق اليد في استعماله لحقه كيفما شاء ولو أدى هذا الأمر لإلحاق ضرر بالغير، أم أن الأمر عكس ذلك، بحيث أن الحق وإن كان يمنح صاحبه صلاحية عظمى في استعماله والتصرف فيه إلا أن هذا الاستعمال والتصرف مقيدان بالمصلحة العامة؟ بمعنى آخر هل الحق سلطة مطلقة ممنوحة لصاحبها دون حدود أم هو وظيفة لصاحبها يدخل في إطار التضامن الاجتماعي، فلا يجوز الإساءة إلى الغير عن طريق التجاوز في استعمال الحق؟ في الواقع هناك نظرتان مبدئيتان إلى الحق يمكن إرجاعهما إلى المدرسة الشخصية من جهة والمدرسة الموضوعية من جهة ثانية.  فالمدرسة أو النزعة الشخصية تعتبر الحق سلطة مطلقة تخول صاحبها استعمال الحق على النحو الأكثر إطلاقاً، فهي ترى أنه لا يُعقل أن يُسيء تقييد الحق وافتراض إمكانية الإساءة أو التعسف في استعمال الحق.  أما المدرسة أو النظرة الموضوعية فهي على العكس تقيد الحق بالمصلحة، وتبني فكرة نشوئه على مبدأ التضامن الاجتماعي ومفاد ذلك أن الإنسان اجتماعي بطبعه لا يمكنه العيش إلا داخل الجماعة، وهو لا يستطيع تحقيق مطالبه إلا عن طريق التعاون والمساعدة مع أبناء جنسه. وصلة الإنسان لا تقتصر على أسرته ووطنه بل تتعداهما إلى الاتصال بالأمة والبشرية قاطبة، فأساس الحياة هو التضامن الاجتماعي الذي هو ركيزة العلاقات الاجتماعية، وتصبح العلاقة الاجتماعية قاعدة قانونية إذا رأت الجماعة ضرورة احترامها، ووجوب الأخذ بها لحفظ التضامن الاجتماعي وحماية أفراد المجتمع. لذلك فرغم أن الحقوق محمية من طرف القانون غير أنها مقيدة بفكرة الضمان الاجتماعي أي مصلحة الغير، وبالتالي فمن يخرج عن الحق أو يسيء للغير عند استعماله لحقه يكون قد خرق مفهوم التضامن الاجتماعي، وبالتالي يلزم بإزالة الإساءة والعودة إلى استعمال حقه في حدود عدم الإضرار بالغير، والخروج عن التضامن فالحق هنا ــ كما أعتقد ــ يشكل وظيفة اجتماعية هدفها تكافل أبناء المجتمع لما فيه خيرهم وخير الإنسانية بشكل عام. إن نظرية التعسف لاستعمال الحق عُرفت ترعرعها في القوانين الغربية في القرن التاسع عشر على يد الفقيه الفرنسي جوسران الذي يتصور البعض عن غير حق أنه مبتدع هذه النظرية، كما أنه صحيح أيضاً أن النظرية الموضوعية للحق التي نادى بها الفقيه الألماني اهرنج، وفكرة التضامن الاجتماعي التي نادى بها عميد كلية بوردو "دونجي" لم تعرف طريقها إلى الوجود إلا في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، غير أن هذا الأمر يجب أن لا يعني أن مبدأ عدم جواز التعسف في استعمال الحق هو مبدأ حديث فرضته التغيرات التي شهدها العالم في القرنين الأخيرين على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي: فعلى الصعيد الاجتماعي ازداد الوعي وظهرت التيارات الفكرية المنادية بالعدالة الاجتماعية وتحطيم فكرة الأنانية والفردية اصطبغت فيها الظواهر الاجتماعية وبينها القانون في القرون السابقة. وعلى الصعيد الاقتصادي فقد نمت المبادلات التجارية وازدادت رقعة النشاط الاقتصادي لتشمل سائر بلاد المعمورة، وظهرت تيارات تنادي بعدالة توزيع الثروات على المواطنين. وأخيراً على الصعيد السياسي ترسيخ المفهوم الديمقراطي في كثير من الدول وأصبح القانون مرآة تعكس رغبات الأمة وترفع الضيم عمن لحقه أذى نتيجة تجاوز الغير على حقوقه، ناهيك عن الأفكار والنزعات الاشتراكية التي ظهرت مطالبة بتحقيق المساواة ومنع الاستغلال. ولا ننكر أن هذه العوامل ساهمت في تأصيل مبدأ رفع التعسف في استعمال الحق وتقنينه في جل التشريعات العصرية، غير أننا نقول أن هذا المبدأ ضارب جذوره في أرض القانون منذ عرفت البشرية القوانين، فقد عرفه البابليون، وجاءت في مدونة حمورابي نصوص تعاقب على التعسف في استعمال الحق منها المادة (55) من المدونة وذلك منذ حوالي واحد وأربعين قرناً. كما أن الرومان وإن كان قانونهم مشبعاً بروح الفردية ومغرقاً في الشكلية فإن بعض فقهائهم أمثال "أولبيان" نادوا بنظرية إزالة التعسف في استعمال الحق.

 
:الفهرس