يتحدث هذا الكتاب عن موضوع أحكام مهنة المحاماة وفقاً لقانون نقابة المحامين الأردنيين، إذ إن علم القانون متشعب وواسع؛ ويصعب الإحاطة به إلا من خلال القانونين الذين تخصصوا في المجال القانوني؛ إذ يعد المحامي من أعوان القضاء وضروري جداً وجوده في المحاكم؛ الأمر ليس كذلك فحسب إذ إن المحاماة جزء من العدالة والعدالة لا تتحقق إلا بتعاون القاضي والمحامي معاً، وقبول المحامي وجوبياً على القاضي، وحيث إن شعوب العالم تؤكد في ميثاق الأمم المتحدة، بين أمور أخرى، عزمها على إيجاد ظروف يمكن في ظلها الحفاظ على العدل، وتعلن أن أحد مقاصدها هو تحقيق التعاون الدولي في تعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية بلا تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين، لذا كان من الواجب على المتخاصمين اللجوء إلى المحامين لإثبات ما يدعو به، إذ قد يؤدّي الجهل في القانون للمتقاضين إلى خسارة الدعوى وضياع الحق المراد إثباته، كما أن القوانين لا تجيز للمتخاصمين الترافع بأنفسهم أمام المحاكم.
إن مهنة المحاماة تُعتبر من أقدم المهن التي وجدت للدفاع عن الحقوق واستيفائها، إذ إن المحامي لقب يطلق على الشخص الذي أجيز له ممارسة مهنة المحاماة بناء على القوانين المعمول بها في بلده. بالمحاماة من أقدس المهن وهناك من قال عنها للمحامي الفرنسي "روس" يصفُ فيه المحامي الحقيقي الذي يسعى لنشر العدالة بين الناس: "المحامي الآن هو أقلُّ الناسِ كلامًا، والمحامون هم وحدَهم الذين يُحسنونَ السكوت، لأنَّ إحسانَ السكوت ليس إلا نتيجة حتمية لإحسانِ الكلام". عن ذلك المعنى عبّر الفرنسيّ "جارسونيه" بوصفه لحياة المحامي إذ قال: "إنَّ المحامي يترافعُ في يومٍ واحد أمام محاكمٍ متعددة في دعاوى مختلفة، ومنزله ليس مكانًا لراحته ولا بعاصم له من مضايقات عُملائه، إذ يقصده كل من يريد أن يتخفّف من أعباء مشاكله وهمومه، فعمله معالجة مختلف المشاكل وتخفيف هموم الآخرين"، ثمّ يقدّم هذا الفيلسوف نظرةً شاملة لمهمة المحامي في هذه الأرض، وهي أعظم ما يُمكن أن يُعبّر عنه الإنسان في وصف هذه المهنة إن قامت بمضمونها الأساسي الشريف: "أستطيع القول إنّه من بين مواطنيه يمثل الرجال الأوّلين الذين قاموا بتبليغ الرسالة الإلهيّة".
وفي الأردن يقسم المحامين إلى محامين نظاميين ومحامين شرعيين؛ وهو مصطلح قد لا يفهمه بعض الأشخاص العاديين إلا أن الفرق بينهما هو أن المحامين النظاميين هم المحامون المسجلون وفق نظام نقابة المحامين النظاميين ولديهم إجازة للعمل في المحاكم النظامية؛ فالمحامون النظاميون هم المحامون المقيد أسماهم في سجل المحامين الأساتذة في نقابة المحامين الأردنيين، وعليه فإن المحامي النظامي يستطيع المثول أمام أي من المحاكم النظامية من محكمة صلح وبداية واستئناف وأمام محكمة التمييز أيضاً؛ وحتى أمام أي محكمة خاصة مثل محكمة الشرطة ومحكمة ضريبة الدخل ومحكمة الجمارك وغيرها من المحاكم النظامية، حيث يسمح للمحامين النظاميين بالمثول أمام جميع المحاكم النظامية دون السماح لهم بالمثول أمام المحاكم الشرعية؛ إذ من الواجب على المحامي أن يقوم بأخذ إجازة للعمل بها.
وقد ألف المحامون النظاميون في الأردن نقابة ذات مركزين الأول في عمان والثاني في القدس. وتتمتع هذه النقابة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، ويتولى شؤونها مجلس تنتخبه الهيئة العامة وفقاً لأحكام قانون نقابة المحامين.
ويؤلف المجلس من نقيب وعشرة أعضاء وتكون مدة دورة المجلس سنتين. ويمثل النقابة النقيب لدى الجهات القضائية والإدارية وأمام الغير ويرأس الهيئة العامة ومجلس النقابة.
وتعتبر نقابة المحامين الأردنيين عضواً من أعضاء اتحاد المحامين العرب، فهي تعمل بالتعاون مع الاتحاد ونقابات المحامين في الوطن العربي بهدف رفع مستوى مهنة المحاماة في الأردن، وتحمل نقابة المحامين في الأردن شعار الاتحاد (الحق والعروبة).
إذ تهدف هذه النقابة الدفاع عن مصالح النقابة والمحامين والمحافظة على فعالية المهنة وضمان حرية المحامي في أداء رسالته من خلال سن القوانين والتعليمات الخاصة بعمل المهنة بهدف رفع مستوى المحامين.
ومن هنا وجدت أنه من الضروي تسليط الضوء على أحكام مهنة المحاماة وفقاً لقانون نقابة المحامين الأردنيين. إذ إنني ومنذ فترة طويلة أفكر بوضع مؤلف يبين ويشرح ذلك ليكون عوناً للطلاب في كلية الحقوق؛ حيث حاولت أن أجعل هذا الكتاب مبسطاً ليتوافق؛ بهدف التيسير على الباحثين القانونيين والمحامين والقضاة والعاملين في المجال القانوني؛ وأخيراً أتمنى أن أكون قد قدمت في هذا العلم عملاً نافعاً ومفيداً، وأن يوفقني ربي لهذا العلم بما يخدم طلابنا الأعزاء وإخواننا العاملين في المجال القانوني.
الصفحة | الموضوع |
9
|
استهلال
|
11
|
المقدمـــة
|
|
الباب الأول
|
|
مهنة المحاماة من حيث نشأتها والتشريعات التي تنظمها
|
21
|
الفصل الأول: تعريف مهنة المحاماة
|
22
|
المبحث الأول: تعريف المحاماة وبيان أهدافها
|
27
|
المبحث الثاني: الحق في التوكيل
|
53
|
الفصل الثاني: التشريعات التي تنظم مهنة المحاماة في الأردن
|
|
الباب الثاني
|
|
تنظيمات النقابة لمهنة المحاماة في الأردن
|
65
|
الفصل الأول: النظام الداخلي لنقابة المحامين النظاميين
|
66
|
المبحث الأول: تسجيل المحامين في سجل النقابة
|
83
|
المبحث الثاني: المحامون المتدربون
|
110
|
المبحث الثالث: نقابة المحامين
|
145
|
المبحث الرابع: حق المحامي في الأتعاب
|
159
|
المبحث الخامس: حصانة المحامي
|
161
|
المطلب الأول: لا يجوز توقيف المحامي أو ملاحقته
|
164
|
المطلب الثاني: صون كرامة المحامي
|
165
|
المطلب الثالث: لا يجوز تفتيش محامٍ أثناء المحاكمة
|
169
|
المطلب الرابع: الاعتداء على المحامي
|
173
|
الفصل الثاني: آداب مهنة المحاماة وقواعد السلوك للمحامين النظاميين
|
180
|
المبحث الأول: واجب المحامي تجاه المحاكم والقضاة
|
184
|
المبحث الثاني: واجبات المحامي تجاه موكله
|
206
|
المبحث الثالث: واجبات المحامي تجاه زميله المحامي
|
229
|
المصادر والمراجع
|
|