القانون الدولي للبحار

ISBN 9789923152966
الوزن 1.200
الحجم 17×24
الورق ابيض
الصفحات 416
السنة 2025
النوع مجلد

إن الطبيعة المشتركة للبحار والمحيطات كوسيلة للتواصل بين أمم وشعوب الأرض، بالإضافة إلى أنها مخزن هائل للغذاء ومصادر الطاقة والمعادن الثمينة النادرة، والصراع حول هذه الموارد، حتم ضرورة البحث عن نظام قانوني يحكمها. تاريخياً، حكم البحث عن هذا النظام عقيدتين الأولى حرية البحار باعتبارها مالاً مشاعاً غير مملوك لأحد Res Nullius، والثانية البحر المغلق الذي تكرس من خلاله الدول سيادتها وتدافع عن مصالحها الحيوية. وصف الفقيه الفرنسي دوبوي Dupuy ذلك بقوله: "لطالما ضربت ريحان متعارضتان البحر: الريح القادمة من أعالي البحار باتجاه الأرض هي رياح الحرية، والرياح القادمة من الأرض باتجاه أعالي البحار هي رياح السيادة. بين هذه القوى المتصارعة، كان قانون البحار دائمًا في المنتصف". حتى منتصف القرن العشرين، كان استخدام البحر محكومًا بشكل عام بمبادئ القانون الدولي العرفي، وأهمها مبدأ حرية البحار، إلى جانب بعض المعاهدات الثنائية والمتعددة الأطراف بين القوى البحرية الاستعمارية الكبرى. بدأ قانون البحار ذو الأصل العرفي في الانهيار مع إبرام اتفاقيات جنيف الأربع لقانون البحار في عام 1958، نتيجة التطور التكنولوجي وزيادة القدرة على اكتشاف واستغلال المزيد من الموارد الطبيعية البحرية الحية وغير الحية وأهمها النفط. حيث أصبحت دول العالم تنظر إلى البحار بوصفها مخزناً إستراتيجياً يمكن أن يسهم إسهاماً حقيقياً في تحقيق الازدهار والنمو الاقتصادي وسد أوجه النقص في الموارد الطبيعية الضرورية لحياة الإنسان الموجودة في اليابسة، وذلك في ظل التزايد الكبير في أعداد البشر واحتمالات نضوب هذه الموارد في مستقبل غير بعيد. لم تنجح الاتفاقيات الأربع لعام 1958، التي حاولت تنظيم الأنشطة الإنسانية في البحار والمحيطات على أساس المناطق البحرية، في التعامل مع تحديد هذه المناطق والنظام القانوني الذي يحكمها، مما أدى إلى مطالبة الدول ببحار إقليمية يتراوح عرضها بين ثلاثة أميال إلى 200 ميل بحري ومناطق خارج البحر الإقليمي لأغراض مختلفة وباتساعات متفاوتة مثل مناطق الصيد الخالصة. وهو ما أثار المخاوف من أن الدول المتقدمة تكنولوجيا ستستحوذ على مساحات شاسعة من قاع البحار والمحيطات وباطن أرضها لتحقيق مصالحها الخاصة. وقد وضعت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982حدا لهذه المطالبات وحالة الفوضى التي نجمت عنها. فمع دخولها حيز النفاذ في العام 1994، وبلوغ عدد الدول المصادقة عليها اليوم إلى 168 دولة، أصبحت هذه الاتفاقية "جزءًا من الواقع القانوني والسياسي في السياسة الدولية" هذا الواقع، الذي استغرق تطويره عقودًا، مكّن المجتمع الدولي من التوصل إلى اتفاق نسبي حول كيفية معالجة القضايا التي أثارت العديد من النزاعات منذ قرون. وفي حين أن الأصول الأولية للقانون الدولي للبحار كانت تتمثل في تحديد مساحات المناطق البحرية والسيطرة عليها، فإن هذا القانون بثوبه المعاصر يتجاوز التركيز على مدى سيادة الدولة الساحلية وولايتها القضائية ليشمل مصالح المجتمع الدولي ككل. في هذا الصدد، فإن قانون البحار، مثله مثل العديد من مجالات القانون الدولي الأخرى، لم ينمُ ليصبح قانوناً أكثر تفصيلاً فحسب، بل وسع نطاقه أيضًا، والنتيجة هي أن جوانب هذا القانون تتفاعل الآن مع كل مجال رئيسي آخر من مجالات القانون الدولي. وبالنظر إلى الأهمية المتزايدة للمحيطات، فإنه سيكون لها حتماً آثار على مجالات جديدة من القانون الدولي لم يتم تطويرها بعد. سيركز هذا الكتاب على أهم الإنجازات التي حققها القانون الدولي للبحار في العصر الحديث، وهي تلك المتعلقة أساساً بتحديد حدود المناطق البحرية Maritime Zones والنظام القانوني الذي يحكمها، والتي تشمل: المياه الداخلية، البحر الإقليمي، المنطقة الاقتصادية الخالصة، الجرف القاري القانوني والجرف القاري الممتد، حيثما تسمح بذلك الظروف الجيومرفولوجية، أعالي البحار وقاعها وباطن أرضها. داخل كل منطقة من هذه المناطق، تمارس الدول درجات متفاوتة من السيادة. المياه الداخلية، كما يوحي المصطلح، تخضع بالكامل لسيادة وولاية الدولة الساحلية ويمكن أن تعادل جزءاً من إقليم الدولة الأرضي. داخل البحر الإقليمي، تمارس الدولة الساحلية سيادتها كاملة ولا تخضع إلا لحق المرور البريء للسفن الأجنبية. في المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري تتمتع الدولة الساحلية بحقوق سيادية لاستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية الحية وغير الحية. خارج المناطق الخاضعة للولاية الوطنية للدولة الساحلية، تخضع المياه في أعالي البحار لنظام يتمتع فيه الجميع بالحرية بينما تخضع أعماق قاع البحار خارج الولاية الوطنية، والمعروفة باسم "المنطقة"، لمبدأ التراث المشترك للإنسانية، الذي تسهر للحفاظ عليه السلطة الدولية لقاع البحار (ISA) التي كانت أحد أبرز إنجازات اتفاقية قانون البحار.

الصفحةالموضوع
11 المقدمة
الفصل التمهيدي
التعريف بالقانون الدولي للبحار
21 المبحث الأول: تطور القانون الدولي للبحار
المطلب الأول: مسيرة تدوين القانون الدولي للبحار قبل إبرام اتفاقية قانون البحار
27 لعام 1982
27 الفرع الأول: مؤتمر لاهاي لتدوين القانون الدولي لعام 1930
29 الفرع الثاني: المؤتمران الأول والثاني للأمم المتحدة لقانون البحار
31 المطلب الثاني: مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار 1973 ـ 1982
35 المطلب الثالث: السمات الرئيسة لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار
43 المبحث الثاني: مصادر القانون الدولي للبحار
45 المطلب الأول: المصادر الرسمية
58 المطلب الثاني: المصادر المادية
الفصل الأول
طرق تحديد المناطق البحرية للدولة الساحلية
69 المبحث الأول: خطوط الأساس
70 المطلب الأول: خطوط الأساس العادية
73 المطلب الثاني: خطوط الأساس المستقيمة
78 المبحث الثاني: الحالات الخاصة لقياس خطوط الأساس
الفصل الثاني
المياه الداخلية
96 المبحث الأول: تعريف المياه الداخلية وحدودها
99 المبحث الثاني: النظام القانوني الذي يحكم المياه الداخلية
100 المطلب الأول: حقوق والتزامات الدول في المياه الداخلية
104 المطلب الثاني: الولاية القضائية للدولة الساحلية على السفن الأجنبية الداخلة إلى موانئها
الفصل الثالث
البحر الإقليمي
112 المبحث الأول: حدود البحر الإقليمي
118 المبحث الثاني: حق المرور البريء للسفن الأجنبية في البحر الإقليمي
119 المطلب الأول: مفهوم حق المرور البريء
125 المطلب الثاني: المرور البريء للغواصات والمركبات الغاطسة الأخرى
126 المطلب الثالث: المرور البريء للسفن الأجنبية التي تعمل بالقوة النووية والسفن التي تحمل مواد نووية أو غيرها من المواد ذات الطبيعة الخطرة أو المؤذية
129 المطلب الرابع: المرور البريء للسفن الحربية في البحر الإقليمي للدولة الساحلية
135 المبحث الثالث: سلطات الدولة الساحلية وحقوقها وواجباتها بشأن المرور البريء في بحرها الإقليمي
135 المطلب الأول: سلطات الدولة الساحلية في تنظيم المرور البريء
138 المطلب الثاني: حقوق الدولة الساحلية وواجباتها بخصوص المرور البريء
139 المطلب الثالث: الولاية القضائية للدولة الساحلية على السفن التجارية والسفن الحكومية المستعملة لأغراض تجارية خلال المرور البريء
الفصل الرابع
المنطقة المتاخمة
146 المبحث الأول: مفهوم المنطقة المتاخمة
150 المبحث الثاني: حدود المنطقة المتاخمة
153 المبحث الثالث: الاختصاص الوظيفي للدولة الساحلية في المنطقة المتاخمة
الفصل الخامس
المنطقة الاقتصادية الخاصة
162 المبحث الأول: تطور مفهوم المنطقة الاقتصادية الخالصة
170 المبحث الثاني: النظام القانوني المميز للمنطقة الاقتصادية الخالصة
172 المطلب الأول: حقوق الدولة الساحلية والتزاماتها في المنطقة الاقتصادية الخالصة
172 الفرع الأول: الحقوق السيادية التي تمارسها الدولة الساحلية في المنطقة الاقتصادية الخالصة
180 الفرع الثاني: الولاية التي تمارسها الدولة الساحلية في المنطقة الاقتصادية الخالصة
190 المطلب الثاني: حقوق الدول الأخرى في المنطقة الاقتصادية الخالصة
190 الفرع الأول: حرية الملاحة والتحليق
193 الفرع الثاني: الأنشطة العسكرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة
198 الفرع الثالث: مد الكابلات البحرية وخطوط الأنابيب المغمورة وإصلاحها
201 المطلب الثالث: التضارب بين حقوق الدولة الساحلية وحقوق الدول الأخرى
203 المطلب الرابع: إسناد الحقوق والولاية في المنطقة الاقتصادية الخالصة وسبل حلها
205 المطلب الخامس: حقوق الدول غير الساحلية والمتضررة جغرافياً في استغلال موارد المنطقة الاقتصادية الخالصة
الفصل السادس
الجرف القاري
213 المبحث الأول: تطور مفهوم الجرف القاري
220 المبحث الثاني: مفهوم الجرف القاري وتحديد حدوده
220 المطلب الأول: تعريف الجرف القاري في اتفاقية جنيف للجرف القاري لعام 1958
223 المطلب الثاني: تعريف الجرف القاري وتحديد حدوده في اتفاقية قانون البحار لعام 1982
240 المطلب الثالث: الصعوبات التي تواجه تحديد حدود الجرف القاري حسب المادة 76 من اتفاقية قانون البحار
243 المبحث الثالث: دور لجنة تحديد حدود الجرف القاري
252 المبحث الرابع: حقوق الدولة الساحلية وواجباتها على الجرف القاري
252 المطلب الأول: الحقوق السيادية
256 المطلب الثاني: الولاية القضائية للدولة الساحلية على الجرف القاري
258 المطلب الثالث: حقوق وواجبات الدولة الساحلية في جرفها القاري الذي يمتد إلى ما وراء 200 ميل بحري
260 المطلب الرابع: حقوق وحريات الدول الأخرى في الجرف القاري
الفصل السابع
النظام القانوني الذي يحكم المضائق المستخدمة للملاحة الدولية
267 المبحث الأول: تطور النظام القانوني الذي يحكم الملاحة في المضائق المستخدمة للملاحة الدولية
272 المبحث الثاني: النظام القانوني الذي يحكم الملاحة في المضائق المستخدمة للملاحة الدولية وفق اتفاقية قانون البحار
274 المطلب الأول: نظام المرور العابر في المضائق الدولية
279 المطلب الثاني: واجبات السفن والطائرات والغواصات أثناء المرور العابر
283 المطلب الثالث: سلطات الدول المشاطئة للمضائق بشأن المرور العابر
289 المبحث الثالث: النظام القانوني الذي يحكم الملاحة عبر مضيق هرمز
الفصل الثامن
أعالي البحار
302 المبحث الأول: طبيعة ومضمون النظام القانوني لأعالي البحار
308 المبحث الثاني: المركز القانوني للسفن في أعالي البحار
308 المطلب الأول: جنسية السفينة
312 المطلب الثاني: المقصود بشرط الرابطة الحقيقية بين الدولة والسفينة التي ترفع علمها
318 المبحث الثالث: مبدأ الولاية الحصرية لدولة العلم
320 المطلب الأول: الاستثناءات الواردة على مبدأ الولاية الحصرية لدولة العلم في اتفاقية قانون البحار
321 الفرع الأول: حق الزيارة
330 الفرع الثاني: حق المطاردة الحثيثة Hot Pursuit
334 المطلب الثاني: مسؤولية دولة العلم في إنفاذ التعاون الدولي لمواجهة الأعمال غير المشروعة في أعالي البحار
335 الفرع الأول: تدابير الإنفاذ المتخذة على أساس الاتفاقيات المتعددة الأطراف
337 الفرع الثاني: تدابير الإنفاذ المتخذة على أساس اتفاقيات ثنائية
340 المطلب الثالث: واجبات دولة العلم
الفصل التاسع
قاع البحار والمحيطات وباطن أرضها (المنطقة The Area)
349 المبحث الأول: تطور النظام القانوني "للمنطقة"
361 المبحث الثاني: التعريف بمنطقة التراث المشترك للإنسانية
365 المطلب الأول: حدود "المنطقة"
368 المطلب الثاني: موارد "المنطقة"
370 المبحث الثالث: النظام القانوني الذي يحكم الأنشطة في "المنطقة"
371 المطلب الأول: السلطة الدولية لقاع البحار
381 المطلب الثاني: أنشطة التعدين في "المنطقة"
397 المراجع

الكتب ذات العلاقة

القانون     الدولي القانون الدولي للبحار
 
اضافة الكتاب الى سلة المشتريات
  الكمية:
حذف الكتاب:
   
   
 
 
انهاء التسوق
استمر بالتسوق
9789923152966 :ISBN
القانون الدولي للبحار :الكتاب
د.زياد محمد جفال :المولف
1.200 :الوزن
17×24 :الحجم
ابيض :الورق
416 :الصفحات
2025 :السنة
مجلد :النوع
$30 :السعر
 
:المقدمة

إن الطبيعة المشتركة للبحار والمحيطات كوسيلة للتواصل بين أمم وشعوب الأرض، بالإضافة إلى أنها مخزن هائل للغذاء ومصادر الطاقة والمعادن الثمينة النادرة، والصراع حول هذه الموارد، حتم ضرورة البحث عن نظام قانوني يحكمها. تاريخياً، حكم البحث عن هذا النظام عقيدتين الأولى حرية البحار باعتبارها مالاً مشاعاً غير مملوك لأحد Res Nullius، والثانية البحر المغلق الذي تكرس من خلاله الدول سيادتها وتدافع عن مصالحها الحيوية. وصف الفقيه الفرنسي دوبوي Dupuy ذلك بقوله: "لطالما ضربت ريحان متعارضتان البحر: الريح القادمة من أعالي البحار باتجاه الأرض هي رياح الحرية، والرياح القادمة من الأرض باتجاه أعالي البحار هي رياح السيادة. بين هذه القوى المتصارعة، كان قانون البحار دائمًا في المنتصف". حتى منتصف القرن العشرين، كان استخدام البحر محكومًا بشكل عام بمبادئ القانون الدولي العرفي، وأهمها مبدأ حرية البحار، إلى جانب بعض المعاهدات الثنائية والمتعددة الأطراف بين القوى البحرية الاستعمارية الكبرى. بدأ قانون البحار ذو الأصل العرفي في الانهيار مع إبرام اتفاقيات جنيف الأربع لقانون البحار في عام 1958، نتيجة التطور التكنولوجي وزيادة القدرة على اكتشاف واستغلال المزيد من الموارد الطبيعية البحرية الحية وغير الحية وأهمها النفط. حيث أصبحت دول العالم تنظر إلى البحار بوصفها مخزناً إستراتيجياً يمكن أن يسهم إسهاماً حقيقياً في تحقيق الازدهار والنمو الاقتصادي وسد أوجه النقص في الموارد الطبيعية الضرورية لحياة الإنسان الموجودة في اليابسة، وذلك في ظل التزايد الكبير في أعداد البشر واحتمالات نضوب هذه الموارد في مستقبل غير بعيد. لم تنجح الاتفاقيات الأربع لعام 1958، التي حاولت تنظيم الأنشطة الإنسانية في البحار والمحيطات على أساس المناطق البحرية، في التعامل مع تحديد هذه المناطق والنظام القانوني الذي يحكمها، مما أدى إلى مطالبة الدول ببحار إقليمية يتراوح عرضها بين ثلاثة أميال إلى 200 ميل بحري ومناطق خارج البحر الإقليمي لأغراض مختلفة وباتساعات متفاوتة مثل مناطق الصيد الخالصة. وهو ما أثار المخاوف من أن الدول المتقدمة تكنولوجيا ستستحوذ على مساحات شاسعة من قاع البحار والمحيطات وباطن أرضها لتحقيق مصالحها الخاصة. وقد وضعت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982حدا لهذه المطالبات وحالة الفوضى التي نجمت عنها. فمع دخولها حيز النفاذ في العام 1994، وبلوغ عدد الدول المصادقة عليها اليوم إلى 168 دولة، أصبحت هذه الاتفاقية "جزءًا من الواقع القانوني والسياسي في السياسة الدولية" هذا الواقع، الذي استغرق تطويره عقودًا، مكّن المجتمع الدولي من التوصل إلى اتفاق نسبي حول كيفية معالجة القضايا التي أثارت العديد من النزاعات منذ قرون. وفي حين أن الأصول الأولية للقانون الدولي للبحار كانت تتمثل في تحديد مساحات المناطق البحرية والسيطرة عليها، فإن هذا القانون بثوبه المعاصر يتجاوز التركيز على مدى سيادة الدولة الساحلية وولايتها القضائية ليشمل مصالح المجتمع الدولي ككل. في هذا الصدد، فإن قانون البحار، مثله مثل العديد من مجالات القانون الدولي الأخرى، لم ينمُ ليصبح قانوناً أكثر تفصيلاً فحسب، بل وسع نطاقه أيضًا، والنتيجة هي أن جوانب هذا القانون تتفاعل الآن مع كل مجال رئيسي آخر من مجالات القانون الدولي. وبالنظر إلى الأهمية المتزايدة للمحيطات، فإنه سيكون لها حتماً آثار على مجالات جديدة من القانون الدولي لم يتم تطويرها بعد. سيركز هذا الكتاب على أهم الإنجازات التي حققها القانون الدولي للبحار في العصر الحديث، وهي تلك المتعلقة أساساً بتحديد حدود المناطق البحرية Maritime Zones والنظام القانوني الذي يحكمها، والتي تشمل: المياه الداخلية، البحر الإقليمي، المنطقة الاقتصادية الخالصة، الجرف القاري القانوني والجرف القاري الممتد، حيثما تسمح بذلك الظروف الجيومرفولوجية، أعالي البحار وقاعها وباطن أرضها. داخل كل منطقة من هذه المناطق، تمارس الدول درجات متفاوتة من السيادة. المياه الداخلية، كما يوحي المصطلح، تخضع بالكامل لسيادة وولاية الدولة الساحلية ويمكن أن تعادل جزءاً من إقليم الدولة الأرضي. داخل البحر الإقليمي، تمارس الدولة الساحلية سيادتها كاملة ولا تخضع إلا لحق المرور البريء للسفن الأجنبية. في المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري تتمتع الدولة الساحلية بحقوق سيادية لاستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية الحية وغير الحية. خارج المناطق الخاضعة للولاية الوطنية للدولة الساحلية، تخضع المياه في أعالي البحار لنظام يتمتع فيه الجميع بالحرية بينما تخضع أعماق قاع البحار خارج الولاية الوطنية، والمعروفة باسم "المنطقة"، لمبدأ التراث المشترك للإنسانية، الذي تسهر للحفاظ عليه السلطة الدولية لقاع البحار (ISA) التي كانت أحد أبرز إنجازات اتفاقية قانون البحار.

 
:الفهرس
 
:الكتب ذات العلاقة