الحمد لله والشكر لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين. الحمد لله أولاً وأخيراً الذي هدانا ووفقنا من أجل إعداد هذا الكتاب في موضوع "الوجيز في مناهج البحث العلمي"، وقد سعينا عند إعداده الى تعريف أبنائنا الطلبة ولو بشكل وجيز بمناهج البحث العلمي. حيث يعتبر "البحث العلمي" هو الأساس الذي بنيت عليه كل الاختراعات والاكتشافات التي أسعدت البشرية، فهي لم تكن وليدة الصدفة أو هبة من هبات الزمان، بل هي ثمرة لجهد العلماء الباحثين ولدراساتهم المستمرة، ولا تستطيع المجتمعات التطور والتقدم إلا من خلال إدارة برامج وخطط للبحث العلمي وتوفير الموارد البشرية والمادية اللازمة لذلك، والدليل على ذلك أن الأمم المتقدمة لم تصل إلى ما هي عليه الآن إلا لأنها قد اهتمت بأمور "البحث العلمي" وأولتها أهمية قصوى، فالبحث العلمي إذاً هو بمثابة الفيصل والفارق ما بين التقدم والتخلف، ومن خلاله يمكننا الوصول إلى الحقائق التي تدعم حل مشكلات المجتمع، وذلك وفقاً الى تقارير علمية أو إلى بحوث متخصصة أو من خلال رسائل جامعية أو من خلال كتابة مصنفات وموسوعات، وكل ذلك يتوقف ويعتمد على مدى إبداع الباحث، ومدى تمتعه بالصفات الذاتية الفطرية أو التعليمية المكتسبة، التي وكما سنرى تلعب دوراً هاماً وفاعلاً. وقد دفعتنا أهمية البحث العلمي إلى القيام بإعداد هذه الكتاب الوجيز حتى يكون عوناً لطلابنا، بحيث يتمكنوا من معرفة كيفية إعداد البحوث العلمية بمختلف صورها، وأن يلموا بالأحكام الخاصة بذلك، حتى يتعرف الطالب أولاً على ماهيّة هذا العلم والرجوع إلى جذوره التاريخية في النشأة والتطور، ثم في معرفة كيفية اختيار موضوع البحث العلمي المراد إعداده، وتحديد المشكلة التي يثيرها ذلك الموضوع، ومن ثم توضيح "المنهج" الذي سوف يتبعه في تلك الدراسة، ثم ترسيخ مكوناته بالاعتماد على المصادر والمراجع المختلفة، بحيث يتدرج الطالب في مراحل البحث المختلفة حتى يصل إلى مرحلته الختامية، مراعياً في كل ذلك الدقة والأمانة العلمية حتى يخرج بحثه بصورة مشرفة، وهذا ما ضمّناه في محاضراتنا التي ألقيت على الطلاب ثم قمنا بإعدادها وجمعها في هذا الكتاب. وقد كان هدف المؤلفان في إعداد هذا المؤلف بشكل وجيز، هو أن نقدم شرحاً مبسطاً وسلساً وبصياغة سهلة لطلبة القانون لأساليب ومناهج البحث العلمي، بما يراعي قدرات الطلاب في التمكن من هذا الموضوع، ولما كانت تلك هي الغاية من هذا الكتاب، فإننا حاولنا جاهدين التركيز على المبادئ العامة بشكل وجيز ومختصر، ودون الدخول في التفاصيل. وختاماً نسأل الله عز وجل أن ينتفع بهذا الكتاب كل قارئ له، ولا بد من الإشارة إلى أن الكمال لله وحده، ولذلك فمهما بلغت محاولات الوصول إلى كمال البحث، فلن يكتمل، فالتمس لنا أيها القارئ العذر في التقصير والخطأ.