يقوم القانون الجنائي في المجال الوطني بحماية القيم والمصالح المعتبرة لدى الجماعة في ذلك المجال، وذلك من خلال المعاقبة على الأفعال التي تشكل انتهاكاً لتلك المصالح والقيم المعتبرة، ومن ثم فهو يقوم بتوفير الحماية الجنائية في المجال الوطني، وذات الوظيفة يقوم بها القانون الدولي الجنائي من خلال توفير الحماية الدولية الجنائية في المجال الدولي، من خلال القيام بتوفير حماية للمصالح والقيم التي تهم الجماعة الدولية والمعاقبة على الأفعال التي تشكل انتهاكاً لها. ويعد القانون الدولي الجنائي موضوعاً مهماً من مواضيع القانون الدولي العام انطلاقاً من طبيعته التي تمكنه من إضفاء الحماية الجنائية في النطاق الدولي، ومرد هذه الأهمية المرتبطة بطبيعة الحماية المتعلقة بطبيعة قواعده التي ترتكز إلى مفهوم الجزاء الذي يترتب عن مخالفة قواعده كونه ذا طبيعة عقابية مع مراعاة شق التدابير الجزائية، ناهيك على أن العقاب هو أقرب صور الجزاء للذهن وكونه يترتب عن مسؤولية ذات طبيعة شخصية، وكل هذا يكسب القانون الدولي الجنائي الأهمية ويجعله جديراً بالبحث سواء على المستوى النظري أو على المستوى العملي من حيث قدرته وفعاليته في الحفاظ على النظام العام الدولي التي تشكل المصالح التي يحميها هذا القانون جانباً مهماً من جوانبه. وتعد القاعدة الدولية الجنائية أساس تكوين القانون الدولي الجنائي، والتعرض للقاعدة الدولية الجنائية يكون من خلال التعرض إلى معيار تقسيم القاعدة لقانونية القائم على تنظيمها للحقوق، حيث تتميز القاعدة القانونية الدولية الجنائية والقاعدة القانونية عموماً إلى قواعد إجرائية وقواعد موضوعية، هذا التمييز للقاعدة الدولية الجنائية إلى قواعد موضوعية وقواعد إجرائية يمكننا من التعرض لشقي القاعدة الدولية الجنائية. ونظراً لطبيعة القانون الدولي الجنائي وللتطور التاريخي الذي مر به فإننا نجد تأصيلاً نظرياً للقواعد الدولية الجنائية الموضوعية وخصوصاً في شق التجريم، وهو ما لا نجده فيما يتعلق بالقواعد الدولية الجنائية الإجرائية التي تميز وجودها بالمحاكم الجنائية الدولية المؤقتة لكي تطبقها بصفة مؤقتة ولم تنشأ منفصلة نظرياً وبصفة دائمة إلا بصدد المحكمة الجنائية الدولية، ومن ثم نلاحظ عدم وجود تأصيل نظري لها منفصل عن هذه المحاكم على عكس القواعد الدولية الجنائية الموضوعية التي تم التأصيل فيها نظرياً من قبل الفقه بمعزل عن تلك المحاكم.