إن أحكام الشريعة الإسلامية هي تمام نعمة الله على خلقه، ونبراس هدايته لاستشعار حكمته وعدله، وهو النظام الذي ينجي أهله في الدنيا والآخرة. حيثُ تمثل المعاملات المالية بين الناس في مشاركاتهم وبيوعهم جانباً مهماً من جوانب الحياة الإنسانية، فقد كان الناس وما يزالون محتاجين إلى نور الهداية لمعرفة ضوابط العدل فيما يتعاملون به في مختلف الاحتياجات المالية التي تتجدد وتتغير تبعاً لتطور المجتمعات، ممن أظهر علينا في هذا العصر صورة حديثة من صور المعاملات المالية، ألا وهي الصكوك الإسلامية وهذا ما حصل نتيجة الاتجاه المتزايد عالمياً نحو إصدار صكوك إسلامية، إذ بلغ حجم الإصدار ما يعادل 111.5 مليار دولار أمريكي خلال ثماني سنوات وحتى عام 2009م، ولقد أشارت دراسة على شبكة الإنترنت لموقع البنك الدولي إلى أن خبراء الاقتصاد يتوقعون أن يبلغ حجم نمو سوق الصكوك الإسلامية نحو (3) تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2015م. وقد جاءت الصكوك تحت جناح الأدوات التمويلية الإسلامية، لتفتّح الباب على مصراعيه للمشاركة الشعبية من قبل الناس لدعم احتياجات ومتطلبات التنمية الاقتصادية بصورة يشعر فيها المواطن بالانتماء الكامل في تنمية اقتصاد وطنه، وذلك من خلال توجيه الأموال التي تم جمعها بواسطة الصكوك نحو الاستثمار المباشر في القطاعات الاقتصادية التالية: القطاع الخاص، وأهمها: دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويعدُ هذا القطاع المنطلق الأساسي لزيادة الطاقة الإنتاجية، والوسيلة الفعالة للخروج من الأزمات الاقتصادية، بسبب قدرتها العالية على تحديث الصناعة، ومساهمتها الفعالة في الحد من مشكلتي الفقر والبطالة، وتمثل النواة الأساسية في تكوين المشروعات الكبيرة، أما المحور الثاني: فهو دعم الشركات المساهمة، ويعدُ هذا القطاع أداة استثمارية مهمة، لما تتطلبه الاقتصاديات المعاصرة من إيجاد تجمعات اقتصادية عملاقة تعمل على تعبئة الموارد المالية الضخمة التي تعجز عنها مقدرات الأفراد، بل قد تعجز عنها بعض اقتصاديات الدول لدعم حركة النشاط الاقتصادي، خاصة في الواقع المعاصر الذي تضاعفت فيه تكاليف الحياة.