لقد وهب الله العقل للإنسان كي يستغله الاستغلال الأمثل من أجل خدمة نفسه وأهله وبيئته المحلية ووطنه والعالم بأسره. ولا يتم الاستغلال السليم للعقل إلا إذا استفاد المرء من العلم سلاحاً، ومن الثقافة متاعاً، ومن الخبرة سكناً، ومن التكنولوجيا أداةً، ومن التطبيق درساً، ومن مهارات التفكير الكثيرة والمتنوعة ممارسة يومية بكفاءةٍ وحكمة واقتدار. وكان الاهتمام قديماً بالعقل ينحصر في تزويده بأكبر كمٍ من المعلومات والمعارف، يطالب بعدها المرءُ باسترجاعها وقت الحاجة بصرف النظر عما إذا كان قد فهمها أو طبقها أو حلل محتوياتها أو لم يتم ذلك. وأنه بمقدار ما يلتزم الشخص بفكر الآخرين وأقوالهم على أنها حقائق غير قابلة في الغالب للنقاش، بمقدار ما يحصل على التقييم الأفضل والإثابة الأكبر، حتى لو لم يقم بتنفيذها في المجال التربوي أو في ميادين الحياة اليومية المختلفة. ومنذ بدايات القرن العشرين، ظهرت حركة نشطة للاهتمام بالعقل البشري وقياس مستويات الذكاء لدى الناس على يد اكل بينيه Binet، وتيرمان Terman، هولنجورث Hollingworth، وجالتون Galton، وكاتل Cattel، وتمَّ تدعيمها فيما بعد خلال النصف الثاني من القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين على يد كل من رينزولي Renzulli، وجاردنر Gardner، وستيرنبرج Sternberg، مما دفع الكثير من العلماء إلى التركيز على مهارات العقل ومهارات التفكير الكثيرة، وكان على رأسهم كل من باير Beyer، وديبونو Debono، وفيشر Fisher وويلسون Wilson، وتيشمان Tishman، ومكفرلاند McFarland وسميث Smith، وأورايلي O'Rielly، وهاريس Harris، وميكر Maker، وتورانس Torrance، وجيلفورد Guilford وغيرهم. وفي عصر المعلوماتية والاقتصاد المعرفي، أصبح التركيز يزداد على المهارات العقلية التي تثير التفكير الناقد والتفكير الإبداعي وحل المشكلات، بحيث يكون الفرد نشطاً في استخدام العقل ومهاراته في الزمان والمكان الملائمين، في الوقت الذي لا تكون هناك حاجة ماسة لشخص أو أشخاص يزودانه بالمعلومات، لأنها أصبحت متاحة على الشبكة العنكبوتية وغيرها من مصادر المعرفة المتنامية لحظة تلو أخرى.