لم تعد القوة كما كانت في المجتمعات القديمة وسيلة اقتضاء الحقوق والدفاع عنها، بعد أن أخذت الدولة الحديثة على عاتقها واجب إقامة العدل على إقليمها عن طريق السلطة القضائية صاحبة الولاية العامة في تولي الوظيفة القضائية داخل مؤسسات الدولة كمرفق عام، بهدف حماية الحقوق والمراكز القانونية التي يقدرها القانون للأشخاص، والدفاع عنها ضد ما يواجهها من عوارض قانونية.
فالقضاء في الدولة يستهدف من خلال نشاطه حماية النظام القانوني (العدالة القضائية) ويعتبر صمام الأمان ودرع الأمان للمواطنين والمجتمع ككل في الدولة الحديثة، والحارس الطبيعي للحقوق والحريات وحامل لواء الحق والعدل( ). لذا اعتبرت الدعوى إحدى وسائل حماية الحق، ويلجأ الأفراد للقضاء للحصول على الحق وذلك عند نشوء الخلافات بينهم. وكما هو معروف فإن الدعوى المدنية تخضع لإجراءات معينة وفقاً لقانون أصول المحاكمات المدنية في الأردن أو قانون المسطرة المدنية في المغرب، وإن القاضي لا يستطيع إصدار الحكم إلا بعد إنهاء الإجراءات المنصوص عليها في القانون. وبعد أن دخل التطور التكنولوجي جميع مناحي الحياة لم تعد النزاعات المدنية تتسم بالبساطة والوضوح، إذ يشهد العالم حالياً ثورة غير مسبوقة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وفي سرعة تدفق المعلومات، وما تتيحه الشبكات الإلكترونية من ترتيب علاقات وإبرام عقود عبر الشبكة الإلكترونية، فقد كان من الطبيعي أن يرافق ذلك مزيداً من التشابك في العلاقات الإنسانية، مما ينتج عنها نظراً لخصوصياتها تطور كمي ونوعي في النزاعات المدنية بل أصبحت أكثر تعقيداً وغموضاً وقد صاحب ذلك تضخم في أعداد الدعاوى التي تسجل أمام المحاكم، كما أن قضاء الدولة كطريق أصيل لحسم النزاعات، لم يقم بأداء رسالته على الوجه المنشود نتيجة بعض المعوقات ومنها قلة عدد القضاة، وأساليب التحايل من بعض المحامين وأعوان القضاة، وبطء بإجراءات التقاضي وتعقيدها وتعدد درجات التقاضي ومشاكل تنفيذ الأحكام القضائية وجهل المستثمر الأجنبي بالقوانين الداخلية للدولة محل الاستثمار والهروب من مشكلة تنازع القوانين. من هنا فقد أصبح مطلباً ملحاً التفكير في تيسير إجراءات التقاضي في المحاكم أولاً، وتطوير منهجية التفكير في حل النزاعات ثانياً، وذلك من خلال إيجاد حلول بعيدة عن ساحات المحاكم لفض تلك النزاعات وفي التفكير من أجل اللجوء إلى وسائل غير تقليدية في تسوية النزاعات ضمن أنظمتنا القضائية التي تعطي للقاضي احتكار إصدار الأحكام، وهذه الوسائل تشمل العلاقات المهنية والتجارية والتبادلات الدولية، وتسمح بإيجاد حلول سريعة وأقل تكلفة في حل النزاعات التي تواجهها على اعتبار أن الوصول إلى حل بسيط أفضل بكثير من إقامة الدعوى.
الصفحة | الموضوع |
13
|
المقدمة
|
|
الأحكام العامة للوساطة
|
29
|
الفصل الأول: آلية الوساطة "أية وساطة لأي نظام للمنازعات"
|
31
|
المبحث الأول: الوساطة: قراءة في الماهية
|
33
|
المطلب الأول: إمكانية تعريف الوساطة
|
44
|
المطلب الثاني: خصائص الوساطة والمؤسسات المشابهة لها
|
104
|
المبحث الثاني: الوساطة وإمكانية التنوع
|
105
|
المطلب الأول: الوساطة بين القضاء والاتفاق
|
126
|
المطلب الثاني: الوساطة بين التنظيم المؤسسي والتنظيم الحر
|
130
|
المطلب الثالث: الوساطة النوعية
|
153
|
الفصل الثاني: أطراف الوساطة
|
155
|
المبحث الأول: الوسيط والقاضي
|
155
|
المطلب الأول: القاضي في عملية الوساطة
|
165
|
المطلب الثاني: الوسيط في عملية الوساطة
|
184
|
المطلب الثالث: المسؤولية القانونية للوسيط
|
200
|
المطلب الرابع: قواعد سلوك الوسطاء
|
211
|
المبحث الثاني: الخصوم ومساعدوهم
|
212
|
المطلب الأول: دور الخصوم في عملية الوساطة
|
214
|
المطلب الثاني: دور المحامين والمستشارين
|
|
الباب الثاني
|
|
الآثار القانونية للوساطة ودوروها في تسوية النزعات
|
227
|
الفصل الأول: الولوج للوساطة
|
228
|
المبحث الأول: اتفاق اللجوء للوساطة ومدى قابلية النزاع للوساطة
|
229
|
المطلب الأول: مدى ضرورة وجود اتفاق الوساطة
|
233
|
المطلب الثاني: شروط صحة اتفاق الولوج للوساطة
|
247
|
المطلب الثالث: مدى حجية اتفاق الولوج للوساطة
|
|