انطلاقاً من حرص كل من المملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات العربية المتحدة على تنفيذ التزاماتهما الدولية ومواكبة التطورات والمستجدات الاقتصادية وتشجيع حركة الاستثمار وجذب رؤوس الأموال للاستثمار داخلها، قام المشرع في كلا الدولتين بسن قانــون للتجارة "الالكترونية" حيث تمت تسميته وفقاً للنسخة الأردنية بقانون المعاملات "الإلكترونية" رقم 85 لسنة 2001، بينما تمت تسميته طبقاً للنسخة الإماراتية المتمثلة في إمارة دبي بقانون "المعاملات والتجارة الالكترونية" رقم 2 لسنة 2002، وعلى الرغم من اختلاف تسميات هذا القانون إلا أنه في كلا النسختين يعالج نفس الموضوع المتمثل بالتجارة التي تتم عبر جهاز "الكمبيوتر" فيبين ماهيتها وآلية القيام بها ويحدد طرق إثبات مخرجاتها ويقرر لها حداً أدنى من الحماية القانونية بشقيها المدني والجزائي.
وليس من المبالغة في شيء القول إن موضوع المعاملات "الإلكترونية" عموماً والتجارة "الإلكترونية" خصوصاً ومنذ اللحظة التي ظهر فيها هذا النوع الجديد من التعامل التجاري ولَّدت ولا تزال عند معظم الباحثين والدارسين والمهتمين على حد سواء رغبة جامحة في تناولها كمادة لأبحاثهم ودراساتهم ومؤلفاتهم، في محاولة منهم لسبر أغوار هذا النوع الجديد من التجارة وكشف اللثام عن ملامحها وتوضيح صورتها وبيان أحكامها وطرق حمايتها وتحديد القوة التي تتمتع بها مخرجاتها في الإثبات، وبيان القانون الواجب التطبيق عليها.
وبناءً على ما تقدم تأتي هذه الدراسة التي نتمنى لها أن تشكل مع غيرها من المؤلفات التي سبقتها وتلك التي قد تتبعها إجابة شافية للعديد من الأسئلة والاستفسارات التي طالما جالت في خاطر ووجدان العديد منّا حول هذا النوع الجديد من التعامل التجاري بين الأفراد والدول، والتي تشير كافة الإحصائيات المتخصصة أن رسمها البياني في ارتفاع مستمر ومطرد الأمر الذي يدل على أنها تلعب دوراً مهماً وبارزاً في تطور التعاملات التجارية وبالتالي تنمية وازدهار الحركة الاقتصادية.
وقبل الدخول في موضوع هذه الدراسة لا بد لنا من توضيح أمر في منتهى الأهمية وهو أن دراستنا للتجارة "الإلكترونية" سيكون من خلال التصدي لكل من قانون المعاملات "الإلكترونية" الأردني ونظيره الدبوي، حيث نعتقد جازمين أن التجارة التي تتم عبر جهاز الحاســوب مــا هي إلا نـوع من أنواع المعاملات "الالكترونية" التي تشمل كافة المعاملات التي تتم وتنجز عبر جهاز الحاسوب سواء أكانت تجارية أم مدنية الطابع، فالمعاملات تشمل كافة الأنشطة المتبادلة بين الأفراد والتي تشمل دونما شك المعاملات التجارية، ولهذا نجد أن مشرع إمارة دبي قد سمى القانون الخاص بالمعاملات "الإلكترونية" قانون المعاملات والتجارة "الإلكترونية" وذلك لدلالة على كافة المعاملات التي تتم عبر الحاسوب وكذلك لإبراز أهم هذه المعاملات ألا وهي المعاملات التجارية، ونعتقد بأن التوفيق قد حالف موقف وسلوك المشرع الدبوي في هذا الصدد أكثر منه بالنسبة لموقف المشرع الأردني الذي سن قانوناً للمعاملات "الإلكترونية" منذ حوالي أربعة أعوام بينما نجده حتى هذه اللحظة لم يستطع تمرير قانون خاص بالتجارة عبر الحاسوب، وكأن التجارة "الإلكترونية" تختلف عن غيرها من المعاملات التي تتم عبر الحاسوب، ولهذا نقرر أنه لا يوجد ما يبرر سن قانون خاص بالتجارة الإلكترونية في الأردن ــ كما هو جار العمل حالياً ــ خصوصاً وأن قانون المعاملات الإلكترونية قد احتوى على كافة الأحكام التي تنظم وتستطيع أن تتحكم بالأنشطة التجارية التي قد تتم وتنجز بين طرفين عبر الحاسوب، فبدلاً من تضييع الوقت بين سن قانون خاص بالتجارة "الإلكترونية" كان من الممكن ــ ولا يزال ــ الاعتماد على قانون المعاملات "الإلكترونية" لمعالجة وتنظيم أحكام هذه التجارة، خصوصاً وأن القانون الخاص بهذه الأخيرة لن يتضمن إلا نفس الأحكام المنصوص عليها في القانون الخاص بالمعاملات "الإلكترونية" وذلك ليس بسبب قلة الحيلة التشريعية أو عدم القدرة على صياغة القوانين بل لأن الحديث عن التجارة "الإلكترونية" ما هو إلا تكرار لنفس الحديث عن المعاملات "الإلكترونية"، ولمن يريد أن يتأكد من صحة وسلامة هذه الملاحظة ما عليه سوى مراجعة قانون المعاملات الإلكترونية المطبق حالياً ونصوص مشروع القانون الخاص بالتجارة "الإلكترونية" ليتأكد على الفور بأن كلا التشريعين يشكلان وجهان لعملة واحدة مع وجود بعض الرتوش والتحسينات هنا وهناك والتي لا تغير من الجوهر شيئاً.
وانطلاقاً مما سبق تأتي هذه الدراسة والتي عنونّاها بالتجارة عبر الحاسوب ولم نعنونها بالمعاملات عبر الحاسوب ــ لبيان وتوضيح والتأكيد على أهمية التجارة التي تتم عبر الحاسوب في وقتنا الحاضر والتي قد لا نبالغ إذا قلنا إنها استوعبت كافة أشكال التعاملات الأخرى التي تتم عبر الحاسوب ــ من خلال التصدي لتعريفها ومن ثم بيان أحكامها وتحديد طرق إثبات مخرجاتها والتعرف على وسائل حماية ممارستها سواء من الناحية الجزائية أو المدنية وأخيراً تحديد القانون الواجب التطبيق عليها.
وقبل أن نشرع في دراستنا هذه لا بد من التمهيد ولو بإيجـاز لموضوع التجـارة "الإلكترونية" فنتعرف على كيفية نشأتها وآلية عملها ودورها ووظيفتها وأهميتها على الصعيد الاقتصادي.
الصفحة | الموضوع |
13
|
تقديم وتقسيم
|
|
|
|
الفصل التمهيدي
|
|
نظرة عامة على التجارة "الإلكترونية"
|
19
|
توطئة
|
30
|
المبحث الأول: نشأة التجارة عبر الحاسوب
|
33
|
المبحث الثاني: أسس التجارة عبر الحاسوب
|
35
|
المبحث الثالث: مزايا التجارة عبر الحاسوب
|
|
|
|
الفصل الأول
|
|
ماهية التجارة عبر الحاسوب
|
41
|
توطئة
|
46
|
المبحث الأول: تعريف التجارة عبر الحاسوب
|
46
|
المطلب الأول: التعريف التشريعي للتجارة عبر الحاسوب
|
53
|
المطلب الثاني: التعريف الفقهي للتجارة عبر الحاسوب
|
56
|
المبحث الثاني: مقومات التجارة عبر الحاسوب
|
57
|
المطلب الأول: الحاسوب
|
89
|
المطلب الثاني: شبكة المعلومات (الإنترنت)
|
98
|
المطلب الثالث: الموقع الافتراضي (الدومين)
|
105
|
المبحث الثالث: التجارة عبر الحاسوب والأعمال "الإلكترونية" الأخرى
|
106
|
المطلب الأول: إرهاصات التجارة عبر الحاسوب
|
108
|
المطلب الثاني: التعاقد عبر الحاسوب (العقد الإلكتروني)
|
115
|
المطلب الثالث: الحكومة "الإلكترونية"
|
|
|
|
الفصل الثاني
|
|
طرق إثبات التجارة "الإلكترونية"
|
121
|
توطئة
|
128
|
المبحث التمهيدي: علاقة التجارة عبر الحاسوب بقواعد الإثبات
|
135
|
المبحث الأول: الأفكار الأساسية لقواعد الإثبات
|
135
|
المطلب الأول: المحرر أو السند الكتابي (المحرر المحوسب "الإلكتروني")
|
137
|
المطلب الثاني: الكتابة المحوسبة "الإلكترونية"
|
139
|
المطلب الثالث: التوقيع المحوسب "الإلكتروني"
|
142
|
المبحث الثاني: حجيّة الأدلة المعلوماتية في الإثبات
|
|
|
|
الفصل الثالث
|
|
حماية التجارة عبر الحاسوب
|
147
|
توطئة
|
149
|
المبحث الأول: الحماية المدنية للتجارة عبر الحاسوب
|
149
|
المطلب الأول: حماية الموقع الافتراضي عبر شبكة الإنترنت
|
159
|
المطلب الثاني: حماية المستهلك
|
163
|
المطلب الثالث: الاعتراف بالتوقيع المحوسب
|
167
|
المطلب الرابع: التعمية (التشفير)
|
176
|
المبحث الثاني: الحماية الجزائية للتجارة عبر الحاسوب
|
177
|
المطلب الأول: القواعد العامة لجرائم التجارة عبر الحاسوب (الجرائم المعلوماتية)
|
194
|
المطلب الثاني: الحماية الجزائية للموقع الافتراضي المستخدم للتجارة عبر الحاسوب
|
|
|
|
|
|
الفصل الرابع
|
|
القانون الواجب التطبيق على التجارة عبر الحاسوب
|
211
|
توطئة
|
253
|
المبحث الأول: القانون الواجب التطبيق على التجارة عبر الحاسوب بوصفها التزاماً تعاقدياً
|
254
|
المطلب الأول: ضابط الإسناد
|
269
|
المطلب الثاني: الفكرة المسندة
|
279
|
المبحث الثاني: القانون الواجب التطبيق على الموقع الافتراضي للتجارة عبر الحاسوب
|
279
|
المطلب الأول: القاعدة العامة
|
283
|
المطلب الثاني: موقف كل من القانون الأردني والإماراتي
|
284
|
المطلب الثالث: الحماية العربية ــ الدولية لحق المؤلف
|
|
|
293
|
المراجع
|
303
|
إصدارات المؤلف
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|