من أسمى الأهداف في هذه الحياة أن يؤدي الإنسان واجبه ما وسعه الجهد وما يرضي الضمير، وعليه فإنه ليس مقبولاً ممن تحصل لديه قدرٌ من الخبرة والمعرفة أن تبقى هذه حبيسةً في ثنايا صدره، جامدةً في أعماقه فيكون الصدأ غلافها، وإنما تكمن قيمتها في إيصالها للآخرين، منها يستفيدون، وفي ضوئها يتصرفون، وعليها يبنون، فتعم الفائدةُ وتتسع دائرتُها لتطال أبناءَ الوطن ويرتفع بواسطتها البنيان.
ولقد رغب إليَّ رعيلٌ كريم من الأصدقاء أن أكرسَ مرافعاتٍ قضائيةً قدمتها إلى محكمة العدل العليا بين دفتي كتاب فصدعتُ لهذه الرغبة، ولبيت هذا الطلب لعل زملاءً من المحامين وذوي الشأن يفيدون منها، وبالتالي حتى يعم هذا الجهد المتواضع لكل راغبٍ بالإطلاع على معالجة قرارات إدارية في مواضيع متنوعه.
ومن هنا فإن هذا الكتاب يتناول عناوين ثلاثة:
الأول: يمثل مرافعاتٍ قضائية في قضايا إدارية مرفوعة لدى محكمة العدل العليا في مواضيع مختلفة طرحت أمامها.
والثاني: يمثل تعليقاً على قوانين مرت بمراحلها الدستورية.
والثالث: يمثل تعليقاً على أحكام قضائية، وهذا يشكل تطبيقاً لنهج يؤمن به المؤلف وهو التعليق على الأحكام القضائية.
ولما كانت المرافعات تمثل شرحاً وافياً لمختلف جوانب الدعوى من حيث الوقائع والقانون والسوابق والمبادئ القضائية، ومن خلالها تُسلَط الأضواءُ على موضوع الطعن من جميع جوانبه حتى يتسنى للمحكمة أن تصدر حكمها بعد إلمامٍ كامل وإحاطةٍ شاملة لموضوع النزاع وأسانيده.
ولما كانت المرافعةُ هي عصارة الجهود المبذولة في الدعوى التي يفترض أن يكون محررها قد بسط الوقائع، ومن ثم كرر طلبه الذي بسطه في لائحة الدعوى مدعوماً بالمواد القانونية التي تسعفه، أو التي يعتمد عليها في دعواه، ومستنيراً بالسوابق والمبادئ القضائية الصادرة في الأردن أو في خارجه، وخاصة في مصر باعتبار أن القضاء الإداري فيها قد سبق الأخذ به منذ عقود عديدة من الزمن، وبرع في ميدانه قضاةٌ وباحثون إلى المدى الذي أعتبر الركيزة الأولى والمهمة للقضاء الإداري في العالم العربي كافة، ذلك أن القضاء تتمثل فيه بأبهى صورها إجتهاداتٌ مختلفة وحوارات متباينة بل ونقاشات فقهية متعددة.
ولما كان ذلك ويحتل مبدأ الرأي والرأي الآخر مساحةً كبيرة في ميدان الفقه والقضاء، فقد يحدث أن تتبنى المحكمة رأياً وتحكم بموجبه خلافاً لما يراه الغير.
أقول لما كان ذلك كله كذلك فقد استبدّت بي الرغبةُ إلى جمعها وتدوينها على نحو يسهل الرجوع إليها.
إن هذا النهج في التعامل مع الآراء القانونية أو الفقهية كان الطابع المميز للفقه الإسلامي منذ كان لأصحاب المذاهب آراء يختلف أصحابها في آرائهم، وهذا الشافعي الذي نقل عنه قوله "رأينا صحيح يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب".
وبرأيي فإن هذا الاختلاف في الآراء كان السبب الرئيسي في إثراء الفقه الإسلامي وخصوبته، بل وفي النزاعات القائمة بين الناس وبينهم وبين أولي الأمر، الأمر الذي يوحي - جراء هذا التلاقح الفكري - بأن الفقهَ يتمتع بمرونةٍ تمكن من حل الخصومات بصورة عادلة وميسورة من جهة، ومن جهة أخرى يضفي زيادة في الثروة الفقهية.
ومما يستدعي ذكره أن البعض يفهم من التعليق على الأحكام أنه مساس بالقضاء أو نيل من هيبته وجلاله، أو تطاول على رجاله ...
أقول إن هذا الفهم عارٍ عن الصحة تماماً والعكس هو الصحيح، فإن التعليق هو إثراءٌ للفكر القانوني ووسيلة ناجعة لتصحيح الآراء تحقيقاً لمبدأ العدل وتجسيداً حقيقياً لمؤسسة العدالة، شريطة أن يكون تعليقاً على الأحكام لا مساساً بأشخاص الحكام.
ومن هنا ورغبة مني في أن أضع بين يدي رجال القانون نماذج من المرافعات تبين كيفية بسط وقائع الدعوى الرد على الآراء المثارة من قبل الجهة الأخرى، بالإضافة إلى سوق النصوص القانونية والسوابق القضائية الأردنية والمصرية علّها تنير السبيل أمام ذوي المصلحة، فقد آثرت أن أضع بعضاً من المرافعات التي تقدمت بها إلى محكمة العدل العليا، وأن أقدم بعضَ التعليقات التي سبق وأن حررتها بصدد أحكامٍ إدارية، يحدوني كم متواضع من التجارب التي سعدت بإكتسابها عندما كنت رئيساً لهيئة محكمة العدل العليا قرابة عقد من الزمان بالإضافة إلى الخبرات المستفادة يوم أن تبوأت موقع رئيس المحكمة الإدارية العليا في الجامعة العربية في القاهرة، فضلاً عن المحاماة التي كان ليس شرفٌ خوض ميدانها طيلة عقدين ونيف من الزمان.
فإن حققت هذه كلها الهدف الذي أتطلع إلى تحقيقه من النفع والفائدة لزملائي فذلك فضل من الله ونُعمى، وإلا فإن شفيعي أنني على الدرب أسير وأن الكمال لله وحده.
ولا يسعني أخيراً سوى التوجه إلى زملائي وأصدقائي، وفي مقدمتهم أستاذُنا الكبير الفقيه الدكتور أحمد كمال أبو المجد لما أبداه من ترحيب تجاه هذه المرافعات والتعليقات والذي كان أقوى دافع ومشجع على المضي في تدوينها وإتمامها على النحو المشار إليه، راجياً أن أكون قد أسهمت في تعزيز النشاط القانوني الذي نتطلع إلى ارتقائه وتقدمه في الأردن.
إن أريد إلا الإفادة ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
الصفحة | الموضوع |
9
|
تقديم / بقلم الدكتور احمد كمال أبو المجد
|
13
|
المقدمة
|
15
|
خطة البحث
|
|
الباب الأول
|
17
|
المبحث الأول: نقل الموظفين
|
77
|
المبحث الثاني: تأديب الموظفين
|
98
|
المبحث الثالث: تأديب طلاب جامعيين
|
109
|
المبحث الرابع: إحالة الموظفين على التقاعد
|
180
|
المبحث الخامس: إستقالة الموظفين وتسريحهم وفصلهم وإنهاء خدماتهم وفقدان وظائفهم
|
218
|
المبحث السادس: إحالة الموظفين على الإستيداع
|
224
|
المبحث السابع: عزل الموظفين
|
246
|
المبحث الثامن: الطعن بقرار ترفيع الغير ورفض تعديل وضع الموظف
|
258
|
المبحث التاسع: عزل البطريرك إيرينوس
|
276
|
المبحث العاشر: الطعن بقرار عدم تخصيص راتب تقاعدي للموظف في أمانة العاصمة
|
283
|
المبحث الحادي عشر: الطعن بنتائج إنتخابات نقابية وقرار مجلس المحامين
|
311
|
المبحث الثاني عشر: الطعن بقرارات اللجنة العليا لمعادلة الشهادات
|
326
|
المبحث الثالث عشر: الطعن بقرارات المجلس الطبي ومؤسسة الضمان الاجتماعي
|
352
|
المبحث الرابع عشر: الطعن بقرارات تعيين أعضاء مجلس إدارة الكهرباء وتشكيل لجنة مؤقتة لإدارة شركة المصفاة ونقل موظفي سلطة الكهرباء
|
369
|
المبحث الخامس عشر: الطعن بقرارات عدم الموافقة على ترخيص مهنة مختبرات
|
379
|
المبحث السادس عشر: الطعن بقرارات عدم تنفيذ أحكام قضائية وعدم تعديل نظام العلاوات
|
412
|
المبحث السابع عشر: الطعن بقرار مجلس عمداء الجامعة
|
427
|
المبحث الثامن عشر: قرار مسجل العلامات التجارية
|
|
الباب الثاني
|
433
|
المبحث الأول: التعليق على قانون محكمة الجنايات الكبرى رقم 23/1976
|
439
|
المبحث الثاني: التعليق على قانون محكمة العدل العليا سنة 1989
|
|
الباب الثالث
|
444
|
المبحث الأول: السحب في القرار الإداري
|
456
|
المبحث الثاني: القرار الإداري وحدة متكاملة في الإلغاء
|
464
|
المبحث الثالث: مفهوم السيادة في الفقه والقضاء
|
475
|
المبحث الرابع: رد الدعوى شكلاً
|
|