تعتبر ظاهرة انتشار الأمراض النفسية والعقلية والانحرافات السلوكية من الظواهر المهمة والمؤثرة في حياتنا الأسرية والاجتماعية, علماً أن مثل هذه الظاهرة تشكل خطراً كبيراً مؤلماً على كافة المجتمعات من نواحٍ عديدة مثل المشكلات الصحية, والنفسية, والاجتماعية, والأسرية, والعملية, وبالتالي تؤثر على هدر قدرات الأفراد المعرفية والعلمية. لقد كانت هناك عدة أسباب وأهداف مما دفعتني إلى تأليف هذا الكتاب نذكر منها ما يلي: الحرب الأخيرة وآثارها النفسية المدمرة من مستويات الحالة النفسية والعقلية، التي كانت سائدة في العراق عشية الحرب، مسببة ازدياد أعداد العراقيين الذين يعانون من حالات الصدمة، والانهيار، والخوف، والقلق، والاكتئاب الشديد، والضغط النفسي، والكوابيس، والتبول اللاإرادي، والشيزوفرينيا وغيرها، إن الحرب الأمريكية على العراق في عام 2003، والآلة الحربية الرهيبة، التي استخدمت خلالها، والتي تميزت بدمارها الهائل وفتكها الرهيب، وبما تركته من مشاهد وذكريات وآثار مأساوية لا تنسى على الصغار والكبار. 1- اختلاف الأمراض النفسية والعقلية والاضطرابات السلوكية من حيث أعراضها وتصنيفها وأسبابها وطرق علاجها. 2- الكثير من الأفراد يخلط بين المرض النفسي والعقلي والاضطراب السلوكي وبالتالي تؤثر في عمليتي التشخيص والعلاج. 3- إذا لم يتم الاهتمام في هذه الأمراض النفسية والعقلية قد تؤدي إلى حالات خطرة على المريض والمجتمع. 4- قلة توافر الكتب العلمية المكتوبة باللغة العربية للأمراض النفسية والعقلية في مواضيع الدراسات الطبية. عزيزي القارئ, حاولت قدر الجهد نقل آخر ما ذكر من أبحاث ونظريات ودراسات ومصادر حول الأمراض النفسية والعقلية والذي أضحى الاهتمام بها متزايداً من قبل الكثير من علماء النفس في أرجاء العالم. وحاولت أيضاً أن أعرض الأفكار بطريقة أبعد ما تكون عن الصعوبة والغموض بالإضافة إلى تجربتي الأكاديمية والسريرية في بولندا في مستشفى الأمراض النفسية والعقلية وتدريسي لمادة علم النفس الطبي. لذا يعتبر هذا الكتاب مساهمة في زيادة الوعي ومعرفة الصحة النفسية والمرض النفسي الذي تفتقر إليه مكتباتنا العربية, كذلك الاستفادة منه لطلبة كليات الطب في وطننا العربي, وطلبة علم النفس والاجتماع, والأطباء الممارسين عامة, وللأخصائيين والمدرسين في المؤسسات التربوية والتعليمية والتأهيلية, أو لغيرهم من المهتمين بالثقافة والمعرفة في كل مجال من مجالات الحياة. وأرجو أن يكون هذا الكتاب مساهمة صغيرة في قضية كبيرة ومهمة تقدم خدمة بناءة إلى أبناء وطننا العربي, وفقنا الله لما فيه خير هذه الأمة وصلاحها.