موسوعة القانون الدولي الاسلامي ج5 العلاقات الدولية الاسلامية

ISBN 9789957168315
الوزن 0.750
الحجم 17*24
الورق ابيض
الصفحات 336
السنة 2014
النوع مجلد

لا يُمْكِنُ لأيَةِ دَوْلَةٍ أَنْ تَعِيشَ بِمَعْزِلٍ عَنِ الدُّوَلِ الأخْرَى مَهْمَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّوْلَة تَمْلِكُ مِنَ المَوَارِدِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالقُدْرَاتِ الاقْتِصادِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ أَنْ تَعِيشَ وَتَتَطَوَّر دُونَ أَنْ تَتَعَامَل مَعَ دُوَل أُخْرَى. فَالعِلاقَاتُ الدُّوَلِيَّة ضَرُورَةُ حَتمِيَّة لأيَةِ دَوْلَة. فَالدُّوَلُ الَّتِي كَانَتْ قَدْ بنت جِدَاراً حَدِيدِياً وَرَفَضَتْ التَّعَامُل مَعَ دُوَلٍ أُخْرَى، فَإِنَّهَا كَانَتْ مَجْمُوعَةً مِنَ الدُّوَلِ، وَلَيْسَتْ دَوْلَةً وَاحِدَةً، وَمَعَ ذَلِك فَقَدْ انْهَار هَذَا الْجِدَارِ وَأَقَامَت عِلاقَات دَوْلِيَّة حَتَّى مَعَ أَعْدَائِهَا، تَحْتَ شِعَار التَعَايش السِّلمِيّ. وَعِنْدَمَا ظَهَر الإسْلامُ كدَوْلَة فِي المدينَةِ الْمُنَوَّرَة لأوَّلِ مَرَّة، لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ دَوْلَة أُخْرَى فِي الجَزِيرَة العَرَبِيَّة قَرِيبَة مِنْ دَوْلَةِ المدينَةِ. وَكُلّ مَا كَانَ مَوْجُوداً حَوْل المدينَةِ مَجْمُوعَة مِنَ القَبَائِلِ العَرَبِيَّة. وَكَانَ الْقِسْمُ الشَّرْقِيُّ مِنَ الوَطَنِ العَرَبِيِّ يَخضعُ للاحْتِلالِ الْفَارِسِيّ، أَمَا الشَام وَشَمَالِ أَفْرِيقْيَا فَقَدْ كَانَت خَاضِعةً للاحْتِلالِ الرُّومَانِيِّ أَوِ اليُونَانِيِّ. ويُنَظم القَانُونُ الدُّوَلِيُّ الْعَامُّ العِلاقَاتُ الدُّوَلِيَّةَ بَيْنَ الدَّوْلِ فِي وقتي السِّلْمِ وَالْحَرْبِ. فَعِنْدَمَا تَكُون العِلاقَات سِّلْمِيَّة بَيْنَ الدُّوَل، تطبق القَوَاعِدَ السِّلْمِيَّة، وَعِنْدَمَا تَكُون العِلاقَات حَرْبِيَّة، يطبقُ قَانُونُ الحَرْبِ بَيْنَهَا. وَلَمَا كَانَ الإسْلامُ دين رِسَالَة موجهة لِلنَّاسِ كَافَّة، فَإنهُ مِنَ المنطقي، أَلا تَكُون هَذِهِ الرِّسَالَة مَحصُورة بَيْنَ الأوْس وَالْخَزْرَج، إِنَّمَا لابُدَّ مِنَ الانفتاحِ عَلَى الْقَبَائِلِ وَالدُّوَلِ الْمُجَاوِرَة والبعيدة. فَعمد النَّبِيّ  عَلَى خَلْق مِنْطَقَة أَمَان حَوْل المدينَةِ، وَعَقْدُ الْعَدِيد مِنَ المُعَاهَدَات مَعَهَا، ثُمَّ بدَأ بالعمل الدِبْلُومَاسِيّ المنظم مَعَ الدَّوْل المتنفذة فِي ذَلِك الْوَقْت وَهِيَ الإمْبِرَاطُورِيَّة الرُّومَانِيَّة وَالإمْبِرَاطُورِيَّة اليونانية وَالإمْبِرَاطُورِيَّة الْفَارِسِيَّة وَالدُّوَل وَالإمَارَات وَالْمَمَالِك العَرَبِيَّة فِي الجَزِيرَة العَرَبِيَّة وَالْقَبَائِل العَرَبِيَّة الأخْرَى. لِهَذَا فَقَدْ قرر النَّبِيّ مُحَمَّد  مُرَاسَلَةَ هَذِهِ الدَّوْل بالانضمَام إِلَى الإسْلام. فَأرْسَل الرُّسُل إِلَى جَمِيع هَذِهِ الدُّوَل يَحملون الرَسَائِل للتبليغ عَنِ الدِّين وَالإعْلان عَنْ إِنْشَاءِ الدَّوْلَةِ الإسْلامِيَّة الْجَدِيدَةِ ودعوتها إِلَى دُّخُولِ الإسْلام. وَلَمْ يرث الإسْلام دَوْلَة يَتبع عِلاقَاتها الدُّوَلِيَّة، وَإِنَّمَا أسس دَوْلَة المدينَةِ لتكون نواة الدَّوْلَة الإسْلامِيَّة الشَامِلَة. وَبَعْدَ أَنْ تَوَطدَ الْحُكْم فِيهَا وَتَحْقِيق الأمْن وَالسَّلام فِيهَا، بَدَأَت المَرْحَلَة الثَّانِيَة فِيهَا وَهِيَ تَنَظِيم العِلاقَات الدُّوَلِيَّة لتحْقِيقِ أهَدَافهَا مِنْ خِلالِ ذَلِك. فَكَانَ مَوْقِع الدَّوْلَة الإسْلامِيَّة بَيْنَ أَكْبَر إِمْبِرَاطُورِيَّتين كَبِيرَتَيْنِ، أَوْجَبَتْ التَّوَجُّه صَوْبَهمَا. وَقَدْ أُقِيمَت العِلاقَات الدُّوَلِيَّة بَيْنَ هَذِهِ الكيانات وَالدَّوْلَة الإسْلامِيَّة فِي الْمَجَالات الاقْتِصادِيَّة وَالاجْتِمَاعِيَّة الْعَسْكَرِيَّة وَعَقَدَتْ الْعَدِيد مِنَ المُعَاهَدَات وَأَعْطَتْ الْعَدِيد مِنَ التَعْهَدَات. ثُمَّ بَدَأَت حُرُوبُ التَّحْرِير لتَّحْرِيرِ الأرَاضِي العَرَبِيَّة مِنَ الاحْتِلالينِ الرُّومَانِيّ وَالْفَارِسِيّ، أَصْبَحَ الْوَطَن العَرَبِيّ كُلُّهُ خَاضِعاً لِدَوْلَة المُسْلِمِينَ. وأصبح الْوَطَن العَرَبِّي مُحَرَّراً بِشَكْلٍ كَامِلٍ فِي الصَدرِ الإسْلامِيَ الأوَّل. وَتَطَوُّرت العِلاقَات الدُّوَلِيَّة فِي عَهْد الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، عَلَى الرَغمِ مِنْ أَنَّ الفتن الدَاخِلِيَّة كَادَت تَعْصِفُ بِالدَّوْلَةِ الإسْلامِيَّة. ثُمَّ امْتَدَّت الدَّوْلَة الإسْلامِيَّة فِي عَهْد الدَّوْلَة الأمَوِيِّة لتُجَاوِر الْعَدِيد مِنَ الدُّوَل وَتُصْبِحُ مُترامِيَة الأطْرَاف مِنْ أُورُوبَّا إِلَى الصِّين. فتَطَوَّرت العِلاقَات الدُّوْلِيَّة تَطَوُّراً كَبِيراً. وَأَسْهَمَت الدَّوْلَة الْعَبَّاسِيَّة إسْهَاماً كَبِيراً فِي تَطَوُّرِ العِلاقَاتِ الدُّوْلِيَّة بَيْنَ الدَّوْل الإسْلامِيَّة الَّتِي ظَهَرَت فِي عَهْدها، وَكَذَلِكَ بَيْنَ الدُّوَل غَيْر الإسْلامِيَّة الَّتِي ظَهَرَت عَلَى مسرح الأحْدَاث الدُّوَلِيَّة. وَقَدْ اتسمت تِلْكَ العِلاقَات بِالعِلاقَاتِ السِّلْمِيَّة تَارَة، وبالحروب تَارَة أُخْرَى. وَظهر الْعَدِيد مِنَ الفُقَهَاء المُسْلِمِينَ فِي تِلْكَ الْفَتْرَة يَنْظُمُون قَوَاعِد السِّلْم وَالْحَرْب فِي مُجَلدَاتِ أُطْلِق عَلَيْهَا بالسيْرِ وَالْمَغَازِي، وَالَّتِي أَصْبَحَتْ مَرْجِعاً مُهِماً لِلْمُسْلِمِينَ فِي زمن السِّلْم وَالْحَرْب. وَتَبادَلت الدَّوْلَة الْعَبَّاسِيَّة الْوُفُودُ مَعَ الدُّوَل الْمُعَاصِرَة لتَسْوِيَةِ المنازَعَاتِ بَيْنَهَا. وَبَعْدَ قِيَام الدَّوْلَة الْعُثْمَانِيَّة تَطَوَّرت العِلاقَات الدُّوَلِيَّة تَطَوُّراً كَبِيراً، بِسَبَبِ مُعَاصِرَتها للْعَدِيد مِنَ الدُّوَل الْقَوِيَّة مِمَا اتسم تَارِيخها بِالعِلاقَاتِ الدُّوَلِيَّة السِّلْمِيَّة والْحَرْوب الْعَدِيدَة الَّتِي خاضَتها. وَعَقدت الدَّوْلَة الْعُثْمَانِيَّة الْعَدِيد مِنَ المُعَاهَدَات مَعَ الدُّوَل الَّتِي عَاصرتها، ودخلت الْعَدِيد مِنَ الأحْلاف الْعَسْكَرِيَّة معها، وشَاركت فِي الْعَدِيد من الْمُنَظَّمَات الدُّوَلِيَّة ودخلت الْعَدِيد مِنَ الحَرْوب الدُّوَلِيَّة. وتَبيَّنَ مِمَّا سَبَقْ أنَّ القَانُونَ الدُّوَلِيَّ يُنَظِمُ العِلاقَاتِ الدُّوَلِيَّةِ فِي وقتِ السِّلْمِ وَالْحَرْبِ،

الصفحةالموضوع
9 المقدمة
الْبَابُ الأوَّل
العِلاقَات الدُّوْلِيَّة السِيَاسِيَّة والدبلوماسية الإسْلامِيَّة
15 الْفَصْل الأوَّل: العِلاقَات السِيَاسِيَّة الدُّوَلِيَّة فِي صَدْر الإسْلامِ الأوَّل
17 المَبحُثُ الأوَّل: القَوَاعِد الَّتِي تحْكُم علاقة المُسْلِمِينَ بغيرهم
25 المَبحُثُ الثَّانِي: الْعَلاقَات السِيَاسِيَّة الْخَارِجِيَّة فِي عَهْد النَّبِيّ مُحَمَّد e
57 المَبحُثُ الثَّالِث: العِلاقَات السِيَاسِيَّة الْخَارِجِيَّة فِي عَهْد الْخُلَفَاء الرَّاشِدِينَ
90 الْفَصْل الثَّانِيَ: العِلاقَات الدُّوْلِيَّة فِي الْعُهُود الإسْلامِيَّة الأخْرَى
92 المَبحُثُ الأوَّل: العِلاقَات السِيَاسِيَّة فِي عَهْدِ الْخِلافَةِ الأمَوِيَّةِ
103 المَبحُثُ الثَّانِي: الْعَلاقَات السِيَاسِيَّة فِي عَهْد الْخِلافَةِ الأمَوِيِّة فِي الأنْدَلُس
108 المَبحُثُ الثَّالِث: العِلاقَات السِيَاسِيَّة فِي الْعَهْد الْعَبَّاسِيّ
128 المَبحُثُ الرَّابِع: العِلاقَات السِيَاسِيَّة فِي الْعَهْد الْعُثْمَانِيّ
133 الْفَصْل الثَّالِثُ: العِلاقَات الدِبلُوماسِيَّة الإسْلامِيَّة
135 المَبحُثُ الأوَّل: مُصْطَلَحَات الدِبْلُومْاسِيَّة الإسْلامِيَّة
159 المَبحُثُ الثَّانِي: مَصَادِر الدِبْلُومْاسِيَّة الإسْلامِيَّة
165 المَبحُثُ الثَّالِث: صِفَات الرَّسُول المُسْلم
198 المَبحُثُ الرَّابِع: حصانات الرَّسُول وَامْتِيَازَاته فِي الإسْلام
212 المَبحُثُ الخَامِس: امْتِيَازَات الرَّسُول الْمَالِيَّة
215 المَبحُثُ السَّادِسُ: آثَار اسْتِخْدَام الدِبْلُومَاسِيَّة فِي الإسْلام
الْبَابُ الثَّانِيَ
مَظَاهِر العِلاقَات الدُّوْلِيَّة الإسْلامِيَّة
221 الْفَصْل الأوَّل: الوَسَائِل السِّلْمِيَّة لِتَسْوِيَة المنِّازَعْات الدُّوْلِيَّة فِي الإسْلام
223 الْمَبْحَث الأوَّل: طَبِيعَة المنِّازَعْات الدُّوْلِيَّة فِي عَهْد الرِسَالَة الإسْلامِيَّة
228 الْمَبْحَث الثَّانِيَ: المفاوضات فِي الإسْلام
247 الْمَبْحَث الثَّالِثُ: المساعي الْحَمِيدَة والوساطة فِي الإسْلام
258 الْمَبْحَث الرَّابعُ: الوَسَائِل القَضَائيَّة لِتَسْوِيَة المنِّازَعْات الدُّوْلِيَّة فِي الإسْلام
275 الْفَصْل الثَّانِيَ: الْمَرْكَز الْقَانُونِيّ للأجَانِبِ فِي الإسْلام
277 الْمَبْحَث الأوَّل: مُعَامَلَة الأجَانِب فِي الدَّوْلَة الإسْلامِيَّة
293 الْمَبْحَث الثَّانِيَ: أَهْل الذِّمَّة
296 الْمَبْحَث الثَّالِثُ: أَهْل الأمَان (المُسْتأمن)
313 الْمَبْحَث الرَّابعُ: لُّجُوءِ الأجْنَبِيّ إِلَى دَوْلَة المُسْلِمِينَ
321 المراجع والمصادر

كتب المؤلف

القانون     الدولي موسوعة القانون الدولي الاسلامي ج5 العلاقات الدولية الاسلامية
 
اضافة الكتاب الى سلة المشتريات
  الكمية:
حذف الكتاب:
   
   
 
 
انهاء التسوق
استمر بالتسوق
9789957168315 :ISBN
موسوعة القانون الدولي الاسلامي ج5 العلاقات الدولية الاسلامية :الكتاب
أ.د سهيل حسين الفتلاوي :المولف
0.750 :الوزن
17*24 :الحجم
ابيض :الورق
336 :الصفحات
2014 :السنة
مجلد :النوع
$25 :السعر
 
:المقدمة

لا يُمْكِنُ لأيَةِ دَوْلَةٍ أَنْ تَعِيشَ بِمَعْزِلٍ عَنِ الدُّوَلِ الأخْرَى مَهْمَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّوْلَة تَمْلِكُ مِنَ المَوَارِدِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالقُدْرَاتِ الاقْتِصادِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ أَنْ تَعِيشَ وَتَتَطَوَّر دُونَ أَنْ تَتَعَامَل مَعَ دُوَل أُخْرَى. فَالعِلاقَاتُ الدُّوَلِيَّة ضَرُورَةُ حَتمِيَّة لأيَةِ دَوْلَة. فَالدُّوَلُ الَّتِي كَانَتْ قَدْ بنت جِدَاراً حَدِيدِياً وَرَفَضَتْ التَّعَامُل مَعَ دُوَلٍ أُخْرَى، فَإِنَّهَا كَانَتْ مَجْمُوعَةً مِنَ الدُّوَلِ، وَلَيْسَتْ دَوْلَةً وَاحِدَةً، وَمَعَ ذَلِك فَقَدْ انْهَار هَذَا الْجِدَارِ وَأَقَامَت عِلاقَات دَوْلِيَّة حَتَّى مَعَ أَعْدَائِهَا، تَحْتَ شِعَار التَعَايش السِّلمِيّ. وَعِنْدَمَا ظَهَر الإسْلامُ كدَوْلَة فِي المدينَةِ الْمُنَوَّرَة لأوَّلِ مَرَّة، لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ دَوْلَة أُخْرَى فِي الجَزِيرَة العَرَبِيَّة قَرِيبَة مِنْ دَوْلَةِ المدينَةِ. وَكُلّ مَا كَانَ مَوْجُوداً حَوْل المدينَةِ مَجْمُوعَة مِنَ القَبَائِلِ العَرَبِيَّة. وَكَانَ الْقِسْمُ الشَّرْقِيُّ مِنَ الوَطَنِ العَرَبِيِّ يَخضعُ للاحْتِلالِ الْفَارِسِيّ، أَمَا الشَام وَشَمَالِ أَفْرِيقْيَا فَقَدْ كَانَت خَاضِعةً للاحْتِلالِ الرُّومَانِيِّ أَوِ اليُونَانِيِّ. ويُنَظم القَانُونُ الدُّوَلِيُّ الْعَامُّ العِلاقَاتُ الدُّوَلِيَّةَ بَيْنَ الدَّوْلِ فِي وقتي السِّلْمِ وَالْحَرْبِ. فَعِنْدَمَا تَكُون العِلاقَات سِّلْمِيَّة بَيْنَ الدُّوَل، تطبق القَوَاعِدَ السِّلْمِيَّة، وَعِنْدَمَا تَكُون العِلاقَات حَرْبِيَّة، يطبقُ قَانُونُ الحَرْبِ بَيْنَهَا. وَلَمَا كَانَ الإسْلامُ دين رِسَالَة موجهة لِلنَّاسِ كَافَّة، فَإنهُ مِنَ المنطقي، أَلا تَكُون هَذِهِ الرِّسَالَة مَحصُورة بَيْنَ الأوْس وَالْخَزْرَج، إِنَّمَا لابُدَّ مِنَ الانفتاحِ عَلَى الْقَبَائِلِ وَالدُّوَلِ الْمُجَاوِرَة والبعيدة. فَعمد النَّبِيّ  عَلَى خَلْق مِنْطَقَة أَمَان حَوْل المدينَةِ، وَعَقْدُ الْعَدِيد مِنَ المُعَاهَدَات مَعَهَا، ثُمَّ بدَأ بالعمل الدِبْلُومَاسِيّ المنظم مَعَ الدَّوْل المتنفذة فِي ذَلِك الْوَقْت وَهِيَ الإمْبِرَاطُورِيَّة الرُّومَانِيَّة وَالإمْبِرَاطُورِيَّة اليونانية وَالإمْبِرَاطُورِيَّة الْفَارِسِيَّة وَالدُّوَل وَالإمَارَات وَالْمَمَالِك العَرَبِيَّة فِي الجَزِيرَة العَرَبِيَّة وَالْقَبَائِل العَرَبِيَّة الأخْرَى. لِهَذَا فَقَدْ قرر النَّبِيّ مُحَمَّد  مُرَاسَلَةَ هَذِهِ الدَّوْل بالانضمَام إِلَى الإسْلام. فَأرْسَل الرُّسُل إِلَى جَمِيع هَذِهِ الدُّوَل يَحملون الرَسَائِل للتبليغ عَنِ الدِّين وَالإعْلان عَنْ إِنْشَاءِ الدَّوْلَةِ الإسْلامِيَّة الْجَدِيدَةِ ودعوتها إِلَى دُّخُولِ الإسْلام. وَلَمْ يرث الإسْلام دَوْلَة يَتبع عِلاقَاتها الدُّوَلِيَّة، وَإِنَّمَا أسس دَوْلَة المدينَةِ لتكون نواة الدَّوْلَة الإسْلامِيَّة الشَامِلَة. وَبَعْدَ أَنْ تَوَطدَ الْحُكْم فِيهَا وَتَحْقِيق الأمْن وَالسَّلام فِيهَا، بَدَأَت المَرْحَلَة الثَّانِيَة فِيهَا وَهِيَ تَنَظِيم العِلاقَات الدُّوَلِيَّة لتحْقِيقِ أهَدَافهَا مِنْ خِلالِ ذَلِك. فَكَانَ مَوْقِع الدَّوْلَة الإسْلامِيَّة بَيْنَ أَكْبَر إِمْبِرَاطُورِيَّتين كَبِيرَتَيْنِ، أَوْجَبَتْ التَّوَجُّه صَوْبَهمَا. وَقَدْ أُقِيمَت العِلاقَات الدُّوَلِيَّة بَيْنَ هَذِهِ الكيانات وَالدَّوْلَة الإسْلامِيَّة فِي الْمَجَالات الاقْتِصادِيَّة وَالاجْتِمَاعِيَّة الْعَسْكَرِيَّة وَعَقَدَتْ الْعَدِيد مِنَ المُعَاهَدَات وَأَعْطَتْ الْعَدِيد مِنَ التَعْهَدَات. ثُمَّ بَدَأَت حُرُوبُ التَّحْرِير لتَّحْرِيرِ الأرَاضِي العَرَبِيَّة مِنَ الاحْتِلالينِ الرُّومَانِيّ وَالْفَارِسِيّ، أَصْبَحَ الْوَطَن العَرَبِيّ كُلُّهُ خَاضِعاً لِدَوْلَة المُسْلِمِينَ. وأصبح الْوَطَن العَرَبِّي مُحَرَّراً بِشَكْلٍ كَامِلٍ فِي الصَدرِ الإسْلامِيَ الأوَّل. وَتَطَوُّرت العِلاقَات الدُّوَلِيَّة فِي عَهْد الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، عَلَى الرَغمِ مِنْ أَنَّ الفتن الدَاخِلِيَّة كَادَت تَعْصِفُ بِالدَّوْلَةِ الإسْلامِيَّة. ثُمَّ امْتَدَّت الدَّوْلَة الإسْلامِيَّة فِي عَهْد الدَّوْلَة الأمَوِيِّة لتُجَاوِر الْعَدِيد مِنَ الدُّوَل وَتُصْبِحُ مُترامِيَة الأطْرَاف مِنْ أُورُوبَّا إِلَى الصِّين. فتَطَوَّرت العِلاقَات الدُّوْلِيَّة تَطَوُّراً كَبِيراً. وَأَسْهَمَت الدَّوْلَة الْعَبَّاسِيَّة إسْهَاماً كَبِيراً فِي تَطَوُّرِ العِلاقَاتِ الدُّوْلِيَّة بَيْنَ الدَّوْل الإسْلامِيَّة الَّتِي ظَهَرَت فِي عَهْدها، وَكَذَلِكَ بَيْنَ الدُّوَل غَيْر الإسْلامِيَّة الَّتِي ظَهَرَت عَلَى مسرح الأحْدَاث الدُّوَلِيَّة. وَقَدْ اتسمت تِلْكَ العِلاقَات بِالعِلاقَاتِ السِّلْمِيَّة تَارَة، وبالحروب تَارَة أُخْرَى. وَظهر الْعَدِيد مِنَ الفُقَهَاء المُسْلِمِينَ فِي تِلْكَ الْفَتْرَة يَنْظُمُون قَوَاعِد السِّلْم وَالْحَرْب فِي مُجَلدَاتِ أُطْلِق عَلَيْهَا بالسيْرِ وَالْمَغَازِي، وَالَّتِي أَصْبَحَتْ مَرْجِعاً مُهِماً لِلْمُسْلِمِينَ فِي زمن السِّلْم وَالْحَرْب. وَتَبادَلت الدَّوْلَة الْعَبَّاسِيَّة الْوُفُودُ مَعَ الدُّوَل الْمُعَاصِرَة لتَسْوِيَةِ المنازَعَاتِ بَيْنَهَا. وَبَعْدَ قِيَام الدَّوْلَة الْعُثْمَانِيَّة تَطَوَّرت العِلاقَات الدُّوَلِيَّة تَطَوُّراً كَبِيراً، بِسَبَبِ مُعَاصِرَتها للْعَدِيد مِنَ الدُّوَل الْقَوِيَّة مِمَا اتسم تَارِيخها بِالعِلاقَاتِ الدُّوَلِيَّة السِّلْمِيَّة والْحَرْوب الْعَدِيدَة الَّتِي خاضَتها. وَعَقدت الدَّوْلَة الْعُثْمَانِيَّة الْعَدِيد مِنَ المُعَاهَدَات مَعَ الدُّوَل الَّتِي عَاصرتها، ودخلت الْعَدِيد مِنَ الأحْلاف الْعَسْكَرِيَّة معها، وشَاركت فِي الْعَدِيد من الْمُنَظَّمَات الدُّوَلِيَّة ودخلت الْعَدِيد مِنَ الحَرْوب الدُّوَلِيَّة. وتَبيَّنَ مِمَّا سَبَقْ أنَّ القَانُونَ الدُّوَلِيَّ يُنَظِمُ العِلاقَاتِ الدُّوَلِيَّةِ فِي وقتِ السِّلْمِ وَالْحَرْبِ،

 
:الفهرس
 
 
:كتب المؤلف