تشهد دولة قطر نهضةً شاملةً وتطوراً ملموساً في جميع المجالات، ولا شك أن الفضل في ذلك بعد الله عز وجل يعود إلى حرص قيادتها الرشيدة على النهوض بمستوى الدولة وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة من خلال ترجمة دستور الدولة الدائم وتشريعاتها واستراتيجياتها الوطنية على أرض الواقع، وعلى رأسها رؤية قطر الوطنية (2030م) التي تسير برتابة وشمولية على نحوٍ يضمن تحقيق أهدافها وتطبيق كافة معطياتها بمنهجية علمية وخطط واضحة وبرامج تنفيذية. ولا شك أن منظومة التشريعات القطرية وعلى رأسها دستور الدولة الدائم قد اشتملت على بيان وتأصيل شؤون الدولة وسلطاتها الثلاث، وفصّلت كل ما يتعلق بالحقوق والحريات والآليات القانونية والإجرائية لحمايتها من خلال بيان الجرائم والعقوبات، وتفاصيل إقامة الدعاوى وإجراءات التقاضي، وبما يضمن حماية كل هذه الحقوق والحريات فضلاً عن الوسائل القانونية وتدابير الأمن التي تشكل حصناً منيعاً في مواجهة الجريمة وملاحقة مرتكبيها وتقديمهم للقضاء لفرض سيادة القانون وتحقيق العدالة، وضمان أمن المجتمع واستقراره. وفي ضوء ما تقدم فإن معرفة الحقوق والواجبات وما يعد محظوراً في القانون ومخالفًا لأحكامه أصبح أمراً ضرورياً وحاجةً ملحةً، فالثقافة القانونية والأمنية والوعي بأحكام القانون يعزز الالتزام به، ويوجه أنماط السلوك نحو احترام حقوق الآخرين وحرياتهم والمحافظة على مصالح الغير التي يحميها القانون كالأموال والاعراض وسلامة الجسد والاعتبار والشعور بالأمن والاستقرار، وسائر الحقوق التي قررها الدستور والتشريعات والتي تتوافق مع القيم والعادات السائدة في المجتمع القطري، وما يتحلى به من أخلاق عربية مستمدة من الشريعة الإسلامية والأصالة العربية. لقد غدا موضوع الثقافة القانونية والتوعية الأمنية من المسائل المهمة في أي مجتمع وقد تيسر لي بفضل الله وتوفيقه أن أساهم في نشر وتعميم الثقافة القانونية والتوعية الأمنية من خلال الكتب والمؤلفات والبرامج الإعلامية والمشاركات العلمية والعمل الأكاديمي والميداني، وقد لمست شغفاً كبيراً لدى أفراد المجتمع وفضولاً للثقافة القانونية والأمنية من خلال أحاديثهم في مجالسهم وحواراتهم سيما وأن حياتنا بكافة تفاصيلها ترتبط بالقانون والأمن، فلا بد من المعرفة والثقافة في هذا المضمار. وإيماناً راسخاً مني بضرورة العمل والعطاء وبذل الجهد في هذا المجال، سيما ونحن على أبواب استضافة بطولة كأس العالم في دولة قطر (2022)، واحتراماً وإجلالاً لقدر دولة قطر وقيادتها الرشيدة وشعبها النبيل، فهي تستحق الأفضل، فقد ارتأيت أن أقدم هذا الجهد العلمي والعمل المتواضع لتعم الفائدة وتشيع المعرفة والثقافة القانونية والأمنية في منظومة التشريعات القطرية، متبعاً في هذا الكتاب منهجية علمية خاصة وأسلوب عملي فعّال يتمثل في عرض المادة القانونية بأسلوب يتناسب ومختلف المستويات العلمية والثقافية، وذلك من خلال طرح الأسئلة والإجابة عليها بأسلوب مُبسط ومختصر دون التعرض والإشارة إلى أرقام القوانين والمواد والتعديلات وذلك لتسهيل وصول المعلومة وفهم الحكم القانوني، فالسؤال مفتاح العلم، والإجابة عليه تبني المعرفة والثقافة القانونية والأمنية، فكلنا طلاب علم نسعى إلى المعرفة والثقافة، والمشاركة في النهضة والتنمية والبناء. أسأل الله جل في علاه أن ينفعنا بما علمنا وأن يُعلمنا ما ينفعنا وأن يزدنا من لدنه علماً، وأسأله تعالى أن يحفظ دولة قطر وقيادتها الرشيدة وشعبها الأصيل وأن يُتمّ عليهم الخير والنعمة والأمن والأمان