موسوعة القانون الدولي الاسلامي ج4 مبادئ حقوق الانسان في الاسلام

ISBN 9789957168254
الوزن 0.800
الحجم 17*24
الورق ابيض
الصفحات 416
السنة 2014
النوع مجلد

الإسْلامُ دِينُ فَضِيلَةٍ وَرَحْمَةٍ، جَاء لِيُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأخْلاقِ للإنْسَانِ، وَيخَلصهُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الإنْسَانِ للإنْسَانِ، وَمِنْ ظُلْمِ نَفْسِهِ، وَظُلْم مَنْ يَحكمُه. يَقْتَلِع الرَّذَائِل مِنْ جُذُورِها، وَيَقْمَع الشَّرّ فِي مَكامِنه، وَيُحَرِّم الإبَادَة وَالْقَتْل وَالتَّعْذِيب مِنْ أَسَاسَه، وَيفَتت عَوَامِل التَّمْيِيز بأشْكَالِهِ، ويُحَرِّر الإنْسَان مِنْ عِقَالِ التَّخَلُّفِ وَالْعُبُودِيَّةِ. وَلِكَيْ يَدْخُلُ الإنْسَانُ بَابَ الرَّحْمَةِ وَالعَمَلِ الإنْسَانيِّ، حَدَّدَ الإسْلامُ الْحُقُوقَ وَالْوَاجِبَاتِ، فَكُلُّ فَرْدٍ يَعْرِف مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ، فَيَقِف فِي الحُدُودِ الْمَرْسُومَة لَهُ دُون تَجَاوُز، لا عَنِ طَرِيقِ إِعْلان عَالَمِيْ يَسترْحِم الظَّالِم اللُّطْف بضَحِيتهِ، ويناشد الْمُسْتَكْبِر الْحَدّ مِنْ إِيغَالِه، وَيَرْجُو مِنَ الحَاكِم الْمُسْتَبِدّ التَّخْفِيف مِنَ الانْتِقَام برَعِيَّتهِ ، وَإِنَّمَا بتَشْرِيعِ رَباني حَدَّد الحُدُود وَمَنْع التَّجَاوُز ووَضَع الْعِقَاب الصَّارِم بِحَقِّ مِنْ تَجَاوَز عَلَى الإنْسَان فِي أَيِّ حَقّ مِنْ حُقُوقِه، وَشَرَّع الثَّوَاب عَلَى عَمِل الْخَيْر وَإِحْقَاق الْحَقّ، وَيُجَازِي عَلَى الإحْسَان بِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَغَرْس الْقِيِّم وَالأخْلاق الْفَضِيلَة، وَترصِين ثَقَافَة التَّسَامُح بَيْنَ الْبَشَرِ، وَقَبُول الْآخِرِ بِصَرْفِ النَّظَر عَنِ جِنْسِه وَلَوْنِه وَأُصُولِه وَقَوْمِيَّتِه. وَالإسْلامُ شَرِيعَةٌ مُتَكاملةٌ جَاءَتْ مِنْ أَجْلِ إِنْقَاذ الْبَشَرِ مِنْ أَدْرَانِ الرَّذَائِلِ وَالْعَادَاتِ السَّيِّئَةِ وَالرُّقَي بِهِ إِلَى الْقِيَمِ السَّمَاوِيَّةِ الْعُلْيَا، لِتُخَلِّصِ الإنْسَانَ مِنَ الظُّلْمِ والتَّعَسفِ. فَلَمْ تلغَ عَادَات وَقِيم العَرَب كُلُّهَا بَلْ ألغت السَّيِّئ مِنْهَا وَأبقت عَلَى مَا وَهُوَ جَيِّد. لِهَذَا جَاء الإسْلام لِيُتَمِّمَ مَكَارِم الأخْلاق، بأكمل صُوَرِهَا وَيُقُومُ شَخْص الإنْسَان عَلَى أَسَاسِ الْفَضِيلَةِ. فَقَدْ جَاءَ الإسْلامُ للحَدِ مِنَ الظُّلْمِ وَالتَّعَسُّفِ وَحِمَايَةِ الضَّعِيفِ، فَوَضَع القَوَاعِد الشَّرْعِيِّةَ لِحَيَاةِ الإنْسَانِ وَمَنْع الاعْتِدَاء عَلَيْهِ، وَتَنظِيمُ حَيَاتِهِ المَالِيَّة وَالاجْتِمَاعِيَّة، بِإِحْقَاق الْحَقّ وَإِقَامَة الْعَدْل. وَقَدْ رَفَعتْ الشَّرِيعَةُ الإسْلامِيَّةُ شِعَاراً كَبِيراً، مَفاده " الأمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَر " وَتِلْكَ القَاعِدَة تَعُدْ الإطار الَّذِي يَعْمَل الإسْلام مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِه. فَجَاء الإسْلام بالحُكْم الشَّرْعِيِّ الْوَاجِب الأتْبَاع، وَالعُقُوبَة الْمُتَرَتِّبَة عَلَى الْمُخَالَفَة، وَالْجِهَة الْقَضَائِيَّة الَّتِي تُحَدِّد الْمُخَالَفَة وتفرض العُقُوبَة. كَمَا جَاء بنِظَام الثَّوَاب لِيكرمَ كُلّ مِنْ يَعْمَلِ عَلَى الْقِيِّمِ الإنْسَانيَّةِ، وَيَرْحَم أَخاه الإنْسَان بِالْعَطَاءِ وَالْمَغْفِرَة وَالتَّسَامُح. وَإِذَا مَا تَصْفَحنَا الْقُرآَنَ الْكَرِيمَ، وَاسْتَعْرَضنَا الأحَادِيثَ النَّبَوِيَّةَ الشَرِيفَةَ، فإِنَّنَا نَجدُ أَنْ كُلَّ آيَةٍ وَحَدِيثٍ جَاءَت لحِمَايَةِ الإنْسَانِ، مِنْ ظُلْمِ السُّلْطَةِ، وَظُلْم الْآخَرِينَ، وَظُلْم نَفْسِه، بِمَا فِيهَا الْآيَات الخَاصَّة بالحَرْبِ أَوِ القِتَال، فَهِيَ مَحكُومة بالْفَضِيلَةِ وَالإنْسَانيَّة، وَمُحَدِّدَة بحَدِّودَها. وَتَعُدُ دَائِرَةُ الْعَدْلِ مِنْ أهمِّ الدَوائِرِ الَّتِي يَدُورُ الإسْلامُ فِي دَاخِلِهَا. فَالْعَدْل أَسَاس المُلك وَأَسَاس الحَيَاة الْبَشَرِيَّة وَالتَّعَامُل بَيْنَ الْبَشَرِ. إِذْ نَظَّم الإسْلام عَلاقَة الإنْسَان بِرَبِّه، وَهَذِهِ العِلاقَة وَإِنْ كَانَتْ عَلاقَة بَيْنَ الْخَالِق وَالْمَخْلُوق، وَلَكِنَّهَا وُضِعَتْ لإدَامِة العِلاقَة بَيْنَ الإنْسَان وَالإنْسَان، فالصَّلاة تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر. وَهَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعِبَادَاتِ الأخْرَى، فًجَمِيعها لإسْعَادِ الإنْسَان وَالرَّحْمَة بِهِم. فَلا حَقّ دُون عَدْل، وَلا عَدْل دُون أَنْ يَحمي الْحُقُوقَ. وَمِنْ أَجْلِ أَنْ نَضَع قَوَاعِد حُقُوق الإنْسَان فِي الإسْلام، فِي مَوْقِعِهَا الْحَقِيقِيّ، يَتَطْلَّب مِنَّا مقارنتها مَعَ قَوَاعِد حُقُوق الإنْسَان الْمُعَاصِرَة، وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ مقارنة مَعَ الفارق، لَكِنَّهَا تُوَضِّح الْبَوْنَ الشَّاسِعَ بَيْنَ مَا وَضَع الإسْلام مِنْ قَوَاعِد تنظم العِلاقَة بَيْنَ الْحَاكِم وَالْمَحْكُوم، وَجَعَلَت الأوَّلُ فِي خِدْمَة الْآخِرِ، وَمَا أنتجه الْغَرْب مِنْ قَوَاعِد كَانَتْ مِنْ نِتَاج الصِّرَاع بَيْنَ الْحَاكِم وَالْمَحْكُوم. وَمِنْ الْمُؤَكِّد أَنَّ الإسْلام نِظَام متكَامِل لَهُ مُصْطَلَحَاته الخَاصَّة بِهِ، الَّتِي تَخْتَلِف كُلِّيًّا عَنِ مُصْطَلَحَاتِ حُقُوقِ الإنْسَانِ الْمُعَاصِرَةِ، وَلكِنْنَا سَنَسْتَعْمِل الْمُصْطَلَحَاتَ المُطَبَّقَة حْالِياً مِنْ أَجْلِ تَقْرِيبها مِنْ ذهن القارئ الَّتِي تَعَوَّد عَلَيْهَا، لِتَكُون المُقَارَنَة بَيْنَ النِّظَامِيَّن مُؤَدِّيَة لأغْرَاضِها، وَوَاضِحَة الْمَعَالِم وَالأهَدَاف.

الصفحةالموضوع
11 المقدمة
الْبابُ الأوَّلُ
حُقُوقُ الإنْسَان الْوَطَنِيَّة
15 الفَصْلُ الأوَّلُ: مَفْهُومُ حُقُوقُ الإنْسَان فِي الإسْلامِ
17 المبحَثُ الأوَّلُ: الطَّبِيعَة القَانُونِيَّة لقَوَاعِدِ حُقُوق الإنْسَان فِي الغربِ
31 المبحَثُ الثَّانِي: طَبِيعَة حُقُوق الإنْسَان فِي الإسْلام
35 المبحَثُ الثَّالِثُ: مَصَادِر حُقُوق الإنْسَان فِي الإسْلام
39 المبحَثُ الرَّابِعُ: حُقُوق الإنْسَان عِنْدَ العَرَب قَبْل الإسْلام
45 المبحَثُ الخَامِسُ: الْجِهَةُ المُخْتَصّةُ بتَطْبِيقِ حُقُوقِ الإنْسَانِ فِي الإسْلامِ
52 الفَصْلُ الثَّانِيُ: حُقُوقُ الإنْسَانِ العَامَّةِ
54 المبحَثُ الأول: السلام العالمي
66 المبحَثُ الثَّانِي: حَقّ تَقْرِيرِ المصير
75 المبحَثُ الثَّالِثُ: القَضَاء العَادِل
87 الْفَصْلُ الثَالِثُ: حُقُوق ُ الإنْسَان الْمُتَعَلِّقَة بشَخْصِيَّتِهِ
89 المبحَثُ الأوَّلُ: حَقُّ الإنْسَانِ فِي الْحَيَاةِ
103 المبحَثُ الثَانِي: الحِمَايَة مِنَ الإبَادَة الجَمَاعِيَّة
115 المبحَثُ الثَالِثُ: حَقُّ الحِمَايَة مِنَ التَّعْذِيب
139 المبحَثُ الرَّابِعُ: الحِمَايَة مِنَ الرِّقّ
147 المبحَثُ الخَامِسُ: حُرْمَة الشَّرَف وَالسُّمْعَة
155 المبحَثُ السَادِسُ: حُرْمَة الْمَسْكَن
الْبابُ الثَّانِي
الْحُقُوقُ السِّيَاسِيَّة وَالاجْتِمَاعِيَّةُ فِي الإسْلامِ
163 الفَصْلُ الأوَّلُ: حُقُوق الإنْسَان السِّيَاسِيَّة فِي الإسْلامِ
165 المبحَثُ الأوَّل: مَوْقِف الإسْلام مِنْ الدِّيمُقْرَاطِيَّة
176 المبحَثُ الثَّانِي: الشُّورَى فِي الإسْلام
180 المبحَثُ الثَّالِث: انتقال السُّلْطَة فِي الإسْلام
184 المبحَثُ الرَّابِع: بٍيئَةٌ الدِّيمُقْرَاطِيَّة
188 المبحَثُ الخَامِس: تَوَلِي الْوَظَائِف العَامَّة فِي الإسْلام
193 المبحَثُ السَّادِسُ: حَقّ العَمَل
197 الْفَصْلُ الثَّانِي: حُقُوق الإنْسَان الاجْتِمَاعِيّة فِي الإسْلامِ
199 المبحَثُ الأوَّلُ: حَقّ المُسَاوَاة فِي الإسْلام
208 المبحَثُ الثَّانِي: حَقّ الحِمَايَة مِنَ الفَقْر فِي الإسْلام
219 المبحَثُ الثَّالِثُ: حِمَايَة الأمْوَال
231 المبحَثُ الرَّابِعُ: الضمان الاجْتِمَاعِيّ فِي الإسْلام
241 المبحَثُ الخَامِسُ: الحِمَايَة مِنَ الجَهْل
253 المبحَثُ السَادِسُ: حُقُوقُ الأسْرَةِ فِي الإسْلامِ
257 الفَصْل الثَّالِث: الحُرِّيَّاتُ فِي الإسْلامِ
259 المبحَثُ الأوَّلُ: حُرِّيَّة التَّفْكِير وَالْفِكْر فِي الإسْلام
265 المبحَثُ الثَّانِي: حُرِّيَّة الْعَقِيدَة فِي الإسْلام
273 المبحَثُ الثَّالِثُ: حُرِّيَّة التَّسَامُح فِي الإسْلام
285 المبحَثُ الرَّابِعُ: حُرِّيَّة التنقل وَاللُّجُوء
الْبَابُ الثَّالِثُ
حُقُوقُ الطِّفْل وَالْمَرْأَة وَواقع حُقُوقُ الإنْسَانِ فِي الدُّوَلِ الإسْلامِيَّة
297 الْفَصْل الأولُ: حُقُوقُ الأطْفَالِ وَالنِّسَاءِ وَالأقَلِّيَاتِ
299 المبحَثُ الأوَّلُ: حُقُوقُ الأطْفَالِ فِي الإسْلام
310 المبحَثُ الثَّانِي: حُقُوقُ المَرْأةِ فِي الإسْلام
322 المبحَثُ الثَّالِثُ: حُقُوقُ الأقَلِّيَاتِ فِي الإسْلام
329 الفَصْلُ الثَّانِيُ: وَاقِعُ حُقُوقِ الإنْسَانِ فِي الدُّوَلِ الإسْلامِيَّة والعَرَبِيَّةِ
331 المبحَثُ الأوَّلُ: وَاقِعُ حُقُوق الإنْسَان فِي الدُّوَلِ الإسلامِيَّة
341 المبحَثُ الثَّانِي: حُقُوق الإنْسَان فِي الدُّوَلِ العَرَبِيَّة
الملاحق
363 الملحق الأوَّل: الإعلان العَالَمِي لحُقُوقِ الإنْسَان
371 الملحق الثَّانِي: البَيَانُ العَالَمِيُّ عْنِ حُقُوق الإنْسَانِ فِي الإسْلام
397 المراجع والمصادر

الكتب ذات العلاقة

كتب المؤلف

القانون     الدولي موسوعة القانون الدولي الاسلامي ج4 مبادئ حقوق الانسان في الاسلام
 
اضافة الكتاب الى سلة المشتريات
  الكمية:
حذف الكتاب:
   
   
 
 
انهاء التسوق
استمر بالتسوق
9789957168254 :ISBN
موسوعة القانون الدولي الاسلامي ج4 مبادئ حقوق الانسان في الاسلام :الكتاب
أ.د سهيل حسين الفتلاوي :المولف
0.800 :الوزن
17*24 :الحجم
ابيض :الورق
416 :الصفحات
2014 :السنة
مجلد :النوع
$25 :السعر
 
:المقدمة

الإسْلامُ دِينُ فَضِيلَةٍ وَرَحْمَةٍ، جَاء لِيُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأخْلاقِ للإنْسَانِ، وَيخَلصهُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الإنْسَانِ للإنْسَانِ، وَمِنْ ظُلْمِ نَفْسِهِ، وَظُلْم مَنْ يَحكمُه. يَقْتَلِع الرَّذَائِل مِنْ جُذُورِها، وَيَقْمَع الشَّرّ فِي مَكامِنه، وَيُحَرِّم الإبَادَة وَالْقَتْل وَالتَّعْذِيب مِنْ أَسَاسَه، وَيفَتت عَوَامِل التَّمْيِيز بأشْكَالِهِ، ويُحَرِّر الإنْسَان مِنْ عِقَالِ التَّخَلُّفِ وَالْعُبُودِيَّةِ. وَلِكَيْ يَدْخُلُ الإنْسَانُ بَابَ الرَّحْمَةِ وَالعَمَلِ الإنْسَانيِّ، حَدَّدَ الإسْلامُ الْحُقُوقَ وَالْوَاجِبَاتِ، فَكُلُّ فَرْدٍ يَعْرِف مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ، فَيَقِف فِي الحُدُودِ الْمَرْسُومَة لَهُ دُون تَجَاوُز، لا عَنِ طَرِيقِ إِعْلان عَالَمِيْ يَسترْحِم الظَّالِم اللُّطْف بضَحِيتهِ، ويناشد الْمُسْتَكْبِر الْحَدّ مِنْ إِيغَالِه، وَيَرْجُو مِنَ الحَاكِم الْمُسْتَبِدّ التَّخْفِيف مِنَ الانْتِقَام برَعِيَّتهِ ، وَإِنَّمَا بتَشْرِيعِ رَباني حَدَّد الحُدُود وَمَنْع التَّجَاوُز ووَضَع الْعِقَاب الصَّارِم بِحَقِّ مِنْ تَجَاوَز عَلَى الإنْسَان فِي أَيِّ حَقّ مِنْ حُقُوقِه، وَشَرَّع الثَّوَاب عَلَى عَمِل الْخَيْر وَإِحْقَاق الْحَقّ، وَيُجَازِي عَلَى الإحْسَان بِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَغَرْس الْقِيِّم وَالأخْلاق الْفَضِيلَة، وَترصِين ثَقَافَة التَّسَامُح بَيْنَ الْبَشَرِ، وَقَبُول الْآخِرِ بِصَرْفِ النَّظَر عَنِ جِنْسِه وَلَوْنِه وَأُصُولِه وَقَوْمِيَّتِه. وَالإسْلامُ شَرِيعَةٌ مُتَكاملةٌ جَاءَتْ مِنْ أَجْلِ إِنْقَاذ الْبَشَرِ مِنْ أَدْرَانِ الرَّذَائِلِ وَالْعَادَاتِ السَّيِّئَةِ وَالرُّقَي بِهِ إِلَى الْقِيَمِ السَّمَاوِيَّةِ الْعُلْيَا، لِتُخَلِّصِ الإنْسَانَ مِنَ الظُّلْمِ والتَّعَسفِ. فَلَمْ تلغَ عَادَات وَقِيم العَرَب كُلُّهَا بَلْ ألغت السَّيِّئ مِنْهَا وَأبقت عَلَى مَا وَهُوَ جَيِّد. لِهَذَا جَاء الإسْلام لِيُتَمِّمَ مَكَارِم الأخْلاق، بأكمل صُوَرِهَا وَيُقُومُ شَخْص الإنْسَان عَلَى أَسَاسِ الْفَضِيلَةِ. فَقَدْ جَاءَ الإسْلامُ للحَدِ مِنَ الظُّلْمِ وَالتَّعَسُّفِ وَحِمَايَةِ الضَّعِيفِ، فَوَضَع القَوَاعِد الشَّرْعِيِّةَ لِحَيَاةِ الإنْسَانِ وَمَنْع الاعْتِدَاء عَلَيْهِ، وَتَنظِيمُ حَيَاتِهِ المَالِيَّة وَالاجْتِمَاعِيَّة، بِإِحْقَاق الْحَقّ وَإِقَامَة الْعَدْل. وَقَدْ رَفَعتْ الشَّرِيعَةُ الإسْلامِيَّةُ شِعَاراً كَبِيراً، مَفاده " الأمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَر " وَتِلْكَ القَاعِدَة تَعُدْ الإطار الَّذِي يَعْمَل الإسْلام مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِه. فَجَاء الإسْلام بالحُكْم الشَّرْعِيِّ الْوَاجِب الأتْبَاع، وَالعُقُوبَة الْمُتَرَتِّبَة عَلَى الْمُخَالَفَة، وَالْجِهَة الْقَضَائِيَّة الَّتِي تُحَدِّد الْمُخَالَفَة وتفرض العُقُوبَة. كَمَا جَاء بنِظَام الثَّوَاب لِيكرمَ كُلّ مِنْ يَعْمَلِ عَلَى الْقِيِّمِ الإنْسَانيَّةِ، وَيَرْحَم أَخاه الإنْسَان بِالْعَطَاءِ وَالْمَغْفِرَة وَالتَّسَامُح. وَإِذَا مَا تَصْفَحنَا الْقُرآَنَ الْكَرِيمَ، وَاسْتَعْرَضنَا الأحَادِيثَ النَّبَوِيَّةَ الشَرِيفَةَ، فإِنَّنَا نَجدُ أَنْ كُلَّ آيَةٍ وَحَدِيثٍ جَاءَت لحِمَايَةِ الإنْسَانِ، مِنْ ظُلْمِ السُّلْطَةِ، وَظُلْم الْآخَرِينَ، وَظُلْم نَفْسِه، بِمَا فِيهَا الْآيَات الخَاصَّة بالحَرْبِ أَوِ القِتَال، فَهِيَ مَحكُومة بالْفَضِيلَةِ وَالإنْسَانيَّة، وَمُحَدِّدَة بحَدِّودَها. وَتَعُدُ دَائِرَةُ الْعَدْلِ مِنْ أهمِّ الدَوائِرِ الَّتِي يَدُورُ الإسْلامُ فِي دَاخِلِهَا. فَالْعَدْل أَسَاس المُلك وَأَسَاس الحَيَاة الْبَشَرِيَّة وَالتَّعَامُل بَيْنَ الْبَشَرِ. إِذْ نَظَّم الإسْلام عَلاقَة الإنْسَان بِرَبِّه، وَهَذِهِ العِلاقَة وَإِنْ كَانَتْ عَلاقَة بَيْنَ الْخَالِق وَالْمَخْلُوق، وَلَكِنَّهَا وُضِعَتْ لإدَامِة العِلاقَة بَيْنَ الإنْسَان وَالإنْسَان، فالصَّلاة تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر. وَهَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعِبَادَاتِ الأخْرَى، فًجَمِيعها لإسْعَادِ الإنْسَان وَالرَّحْمَة بِهِم. فَلا حَقّ دُون عَدْل، وَلا عَدْل دُون أَنْ يَحمي الْحُقُوقَ. وَمِنْ أَجْلِ أَنْ نَضَع قَوَاعِد حُقُوق الإنْسَان فِي الإسْلام، فِي مَوْقِعِهَا الْحَقِيقِيّ، يَتَطْلَّب مِنَّا مقارنتها مَعَ قَوَاعِد حُقُوق الإنْسَان الْمُعَاصِرَة، وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ مقارنة مَعَ الفارق، لَكِنَّهَا تُوَضِّح الْبَوْنَ الشَّاسِعَ بَيْنَ مَا وَضَع الإسْلام مِنْ قَوَاعِد تنظم العِلاقَة بَيْنَ الْحَاكِم وَالْمَحْكُوم، وَجَعَلَت الأوَّلُ فِي خِدْمَة الْآخِرِ، وَمَا أنتجه الْغَرْب مِنْ قَوَاعِد كَانَتْ مِنْ نِتَاج الصِّرَاع بَيْنَ الْحَاكِم وَالْمَحْكُوم. وَمِنْ الْمُؤَكِّد أَنَّ الإسْلام نِظَام متكَامِل لَهُ مُصْطَلَحَاته الخَاصَّة بِهِ، الَّتِي تَخْتَلِف كُلِّيًّا عَنِ مُصْطَلَحَاتِ حُقُوقِ الإنْسَانِ الْمُعَاصِرَةِ، وَلكِنْنَا سَنَسْتَعْمِل الْمُصْطَلَحَاتَ المُطَبَّقَة حْالِياً مِنْ أَجْلِ تَقْرِيبها مِنْ ذهن القارئ الَّتِي تَعَوَّد عَلَيْهَا، لِتَكُون المُقَارَنَة بَيْنَ النِّظَامِيَّن مُؤَدِّيَة لأغْرَاضِها، وَوَاضِحَة الْمَعَالِم وَالأهَدَاف.

 
:الفهرس
 
:الكتب ذات العلاقة
 
:كتب المؤلف