لا اعدو الحقيقة اذا ما قلت بأن الدراسات التي تضمنها هذا المؤلف، تعد فريدة في موضوعها في اللغة العربية،تسد فراغا في اشد الحاجة لمن يسده، خاصة وانها تأتي استجابة لهبوب التيارات العلمية العاصفة على الصرح الجنائي، اما لاسباب تتعلق بتفاهم الجريمة وفشل المساعي التي تبذلها المجتمعات المعاصرة في وقف تصاعدها او تسارعها المستمرين،واما لمزيد من التصاق القواعد القانونية برياح احترام حقوق الانسان. فلا يسوغ ان نغمض عيوننا عن حركة التشريع والفقه فيما وراء الحدود، للانتفاع من تلك الحركة في معالجة معالجة امراضنا المستعصية عن طريق المقارنة،في عالم يشهد ثورة التكنولوجيا،ويسابق الزمن في الوصول الى ما كان يعد يوما انه خيال. فلا يجوز ان نبقى متفرجين على ما يدور حولنا،والا حكمنا على انفسنا بالجمود واستمرار التخلف والعقم ايضا وبهذه المناسبة، فاني اعترف بأني كثيرا ما كنت اصاب بالخوف والفزع عندما كنت اخوض غمار هذه الدراسات، خاصة وانني ازعم بأنها كانت بل وما زالت ريادية في عالمنا العربي، ولكن ما كان يهدد خوفي ويلاشي فزعي، انني امضيت ما لا يقل عن عشرين عاما في تدريس العلوم القانونية الجنائية في العديد من الجامعات الأردنية وشاركت في العديد من المؤتمرات الوطنية والاقليمية والدولية، وتصديت لشرح القانون الجنائي بشقيه الموضوعي والشكلي، واعددت مشروعات قوانين العقوبات لأكثر من بلد عربي، وقبل كل هذا وذاك شعوري بانني اقوم بواجب قومي بتقديم هذه الدراسات لعلها تكون دافعا لمتابعيها من رجال الفقه الجنائي، بل وجعلها اساسا لرسائل الماجستير او الدكتوراه للراغبين في ذلك من طلبة الدراسات العليا في جامعاتنا العربية.