تعد إرادة التعلم الصفي، بوابة العملية التربوية، ومدخلها الأساس، ينظر إليها من وجهة النظر المعرفية والسلوكية والإنسانية، والاجتماعية والمنظمية ويتوقف على نجاحها تحقيق مقاصد التربية في الفلسفة والسياسات وفي الاستراتيجيات والخطط والإدارات المختلفة، ويعول عليها فيما تنفقه المؤسسة التربوية من موارد مالية رأسمالية وجارية، وتتحدد من خلالها مواصفات الإنسان الذي نريد، ومجتمع الغد الذي نصبو إليه ومستوى الطموح والتطلعات المجتمعية.... إنها بحق (( إرادة الحياة )). ويتناول الكتاب العديد من المفاهيم والنظريات والأفكار ذات العلاقة بالتربية وإدارتها، وإدارة الصفوف بهدف الإسهام في إعداد المعلمين لممارسة الأداء الصفي على النحو الذي يحقق ما ننشده من مقاصد، ولتحقيق ذلك تضمن الكتاب ثمانية فصول إضافة إلى ملحق اشتمل على وصفات سيكولوجية لإدارة صفية متميزة. وقد اشتمل الفصل الأول على مفهوم الإدارة وتعريفاتها والتأصيل التاريخي لتطور الفكر الإداري ابتداءً من الحقبة التايلرية وانتهاء بالنظريات الموقفية، كما تم التعرض للتجربة اليابانية في إدارة الموارد الإنسانية وإلى نظرية الإدارة في الإسلام والمبادئ التي قامت على أساسها. وتطرق الفصل الثاني إلى التربية من حيث معانيها وماهيتها وأهميتها ودلالاتها كما قدم المؤلف لمنازل التربية مبيناً الموجهات والأسانيد الرئيسة التي تنطلق منها الممارسات التربوية وتوجه بها عملياتها، لكي يتضح لمعلمي الصف أن ممارستهم داخل الصف إنما هي أفعال قصدية، موجهة وفق هذه المنازل، كمال تناول الإدارة التربوية مفهوماً ومعاني ووظائف، وصولاً إلى إدارة الصفوف مبيناً معانيها وأهميتها وطبيعتها. لقد أراد الباحث بهذا التدرج ابتداءً بالإرادة ثم بالتربية فإرادة التربية ون ثم إدارة الصفوف أن يوفر لطلبة التربية ومعلمي الغد أساساً متيناً لفهم ممارسات إرادة الصفوف وما تصدر عنه من مدارس في الفكر الإداري بما يتيح فهماً أكثر كمالاً وشمولاً لهذه الممارسات ولتطبيقاتها. وتطرق الفصل الثالث إلى أنماط الإدارة الصفية واستراتيجياتها باعتبارها أدوات المعلم في إدارة الصف مبيناً محددات استخدام هذه الأنماط والاستراتيجيات وفق ما تحتاجه المواقف التربوية المتباينة. وتناول الفصل الرابع المتطلبات اللازمة لتوفير بيئة مادية ملائمة للتعلم والتعليم على مستوى المدرسة ومكوناتها، إضافة إلى البيئة المادية لغرفة الصف ومن ثم البيئة النفسية على أساس أنها مفتاح عملية التعلم والتعليم، حيث تم التطرق لأنواع المناخ المدرسي وللمتغيرات ذات العلاقة بتحديد شكل المناخ المدرسي وللأسس النفسية لهذه الإدارة. وخصص الفصل الخامس للوقت، من حيث ماهيته وأهميته وخصائصه وكلفته وعناصره وتطبيقاته في إدارة الصفوف مستهدفاً بذلك تكريس الوعي بأهمية وقت الصف على أساس أنه المورد الحاكم للموارد الأخرى، ومحاولة السيطرة على العوامل المسؤولة عن هدره أو استلابه. وتطرق الفصل السادس إلى عملية الاتصال والتواصل في إدارة الصفوف مبيناً وظائفه وأشكاله، وكذلك إلى نموذج الاتصال الصفي، وعناصره مع عرض متطلبات نجاح كل عنصر فيه، والهادف إلى تكوين رسالة اتصالية صفية ناجحة. وعرض الفصل السابع للمعلم من حيث صفاته وأدواره وما يواجهه من تحديات في ظل مجتمع دائم التغير مبيناً متطلبات تكوينه في ضوء معايير الجودة الشاملة، ومتطلبات استدامة تكوينه في ظل عصر التفجر المعرفي. وتضمن الفصل الثامن دور المعلم كسيكولوجي مقيم معني بسلوك الطلبة وبتقييمه، مبنياً معايير الحكم على السلوك وطرق قياسه وتسجيله ولأسباب حدوثه، وللأسس النظرية التي يستند إليها منحى تعديل السلوك، إضافة إلى أبرز مشكلات الطلبة السلوكية. واشتمل الملحق على وصفات سيكولوجية لإدارة صفية متميزة هادفة إلى إغناء وتطوير إدارة الصفوف تمثل خلاصات واستنتاجات عدد من المراجع العربية الأجنبية، مستهدفاً تقديم وجبات سريعة ومفيدة تغري بمزيد من القراءات المتخصصة في هذا المجال. وبعد هذا الكتاب ثمرة جهد دام أكثر من ثلاث سنوات قمت خلالها بتدريس مادة إدارة التعلم الصفي لطلبة البكالوريوس والدراسات العليا في جامعة البلقاء التطبيقية، ولعله في ضوء ما اشتمل عليه من مفردات، يعد مقرراً دراسياً لطلبة العلوم التربوية بتخصصاتها المختلفة، ومرجعاً علمياً للمهتمين بالقضايا التربوية وإدارتها، وقد أردت من خلاله أن أتقدم بإضافة جديدة للمعرفة في مجال التخصص. أسأل الله العلي الأعلى أن ينفعنا بنا وأن يجعل كل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، والله ولي التوفيق والهادي إلى سواء السبيل.