القانون الاداري السعودي

ISBN 9789957169015
الوزن 0.850
الحجم 17×24
الورق ابيض
الصفحات 432
السنة 2015
النوع مجلد

ظهر القانون بصيغته الحالية مع ظهور الدولة الحديثة، فالتلازم عضوي بينهما، ولا يمكن للدولة أن تمارس وظائفها وتحقق أهدافها دون وجود منظومة من التشريعات وعلى رأسها الدستور، ولذلك وصفت الدولة الحديثة بالدولة القانونية أو دولة القانون، وتعني وجود دستور ينظم سلطاتها الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، ووجود فصل نسبي بين هذه السلطات، إذ إن الفصل المطلق بينها مستحيل عملاً، أما الفصل النسبي فيقتضي التعاون بين هذه السلطات الثلاث، كما يقتضي أن تراقب كل سلطة السلطة الأخرى، وتعني الدولة القانونية أيضاً احترامها لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وأن تتداول السلطة بموجب انتخابات تشريعية حرة، وأن يتوافر الاستقلال والحياد للسلطة القضائية، فإذا لم يكن الأمن مستتباً بالدولة، ولم يكن القانون سائداً فيها ومحترماً من قبل الحكام والمحكومين على حد سواء وصفت هذه الدولة بالدولة الفاشلة. والسلطة الإدارية المتفرعة عن السلطة التنفيذية هي أكبر السلطات في الدولة عدداً ومهاماً، ولذلك اقتضى الأمر سن قواعد قانونية لتنظيم نشاطها تنظيماً واضحاً وتحقيق أهدافها بسلاسة، وهذه القواعد هي قواعد القانون الإداري الذي يضبط سير مرافق الدولة العامة سواء بقرارات إدارية أو بعقود إدارية، وكذلك أنشطتها الضبطية. وأصبح الفرد في الوقت الحاضر يخضع للسلطة الإدارية منذ ولادته حيث يستخرج أبواه شهادة ميلاده، وتعامله يستمر طيلة حياته مع إدارات الدولة حسب احتياجاته حتى وفاته إذ يتعين استخراج شهادة وفاته، فالسلطة الإدارية تنظم حياة الفرد والجماعة في مختلف شؤونهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لذلك فإن دراسة القانون الإداري تعطي للقارئ فكرة واضحة عن سياسات الدولة ووظائفها وقراراتها، ولذلك فإن دارس القانون يمتلك ثقافة قانونية تؤهله لمعرفة أسباب ونتائج الكثير من المشكلات أو السياسات أو القرارات سواء أكانت عامة أم خاصة، ومن هنا تظهر جدوى دراسة القانون الإداري والتعمق به وبخاصة للفرد الذي يهتم بتنظيم مهنته أو حرفته أو تخصصه طبقاً لمبادئ القوانين النافذة في الدولة. ويفرغ نشاط السلطة الإدارية في أسلوبين متميزين، هما المرفق العام، وهو الأسلوب التقليدي في أداء الخدمات العامة، أما الأسلوب الإداري الثاني فيتمثل بالضبط الإداري، وهو الأسلوب الذي يهدف إلى الحفاظ على النظام العام في الدولة. ومن امتيازات السلطة الإدارية: التنفيذ المباشر، فهي تقتص حقوقها بموجب هذه الوسيلة التي منحها لها المشرع، فلا تلجأ إلى القضاء وإنما تنفذ قراراتها جبراً، كما أنها تحصل على ديونها بالتنفيذ المباشر، يضاف إلى ما تقدم أن من امتيازات الإدارة: نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة مقابل تعويض مالي عادل، كما تملك الإدارة سلطة تقديرية واسعة في إطار الصالح العام. وأبادر إلى القول إن هذه الموضوعات يجري تناولها في نطاق أسسها العامة، أما الاختلافات الفقهية فلم أتطرق إليها إلا قليلاً، كي لا أثقل على القارئ أو الدارس القانوني، فهذا المنهج في تناول هذه الموضوعات يعطي فكرة عامة عنها لكي يحببها لمن يقرؤها، ومن ثم يستطيع التعمق بها في كتب الفقه الإداري العربية. وتستخدم السلطة الإدارية وسيلتين كبريين، الأولى بشرية تتمثل في الموظفين العسكريين أو الموظفين المدنيين في الدولة، والثانية مادية، وهي أموال الدولة، سواء أكانت أموالاً عامة، أم أموالاً خاصة مملوكة لها. كما تستخدم الإدارة في مباشرة سلطتها أداتين جوهريتين، هما القرار الإداري، والعقد الإداري، الأول تباشر فيه سلطاتها بإرادتها المنفردة. والثانية تلجأ إلى الاتفاق مع الأفراد بموجب شروط إدارية متفق عليها بين الطرفين. من ذلك يتبين لنا أن السلطة الإدارية تملك امتيازات تنفرد بها وذلك لمباشرة أعمالها وتحقيق أهدافها، فهي تكون في هذه الحالة سلطة عامة تملك وسائل القانون العام وخصائصه، إذ تمثل الكيان الهيكلي للدولة من ناحية التنظيم الذي يخضع للقوانين والأنظمة واللوائح، فلا يمكن للدولة أن تؤدي وظائفها إلا بواسطة سلطة إدارية تملك قدرات منحها له القانون وذلك لأنها تمثل الصالح العام، فدائماً كفة الإدارة تعلو على كفة الأفراد لأنها تمثل صالح الدولة والمجتمع، بينما الفرد لا يمثل إلا نفسه أو جماعته المحدودين ويكون بهذه المثابة ممثلاً للصالح الخاص. والقضاء الإداري يعمل على الموازنة بين حقوق وامتيازات السلطة الإدارية وبين حقوق وحريات الأفراد. فلا تكون كفة الإدارة أرجح من كفة الأفراد إذا كانت متعسفة أو متنكبة عن القانون، أما إذا كان الأفراد يتمتعون بحقوق شرعية فلا يمكن للجهة الإدارية الاعتداء على هذه الحقوق وهذا ما يضمن ذلك القضاء الإداري الذي يحمي الإدارة من أضرار الأفراد، كما يحمي هؤلاء من أضرار الإدارة. إذ يوازن بين الصالح العام الذي له الأولوية دائماً وبين صالح الأفراد بشرط أن يكون مشروعاً. وجدير بالذكر إن القانون الإداري يعد من أهم فروع القانون العام، وذلك لأنه القانون الذي ينظم نشاط إدارات الدولة بموجب القواعد التي ابتكرها أولاً مجلس الدولة الفرنسي، وفقه القانون العام الفرنسي، فقد ابتكرا أهم نظريات ومبادئ القانون الإداري بشكله المعاصر، إذ إن الإدارة لا يمكن أن تخضع لقواعد القانون المدني الذي تحكمه قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين" فهذا القانون ينظر للأفراد على أساس المساواة التامة بينهم، بينما لا يمكن إجراء المساواة بين الأفراد وبين الجهة الإدارية، ومن ثم فهذه الجهة احتاجت إلى قواعد قانونية تنبثق من طبيعة الإدارة وخصائصها، وهذا ما قام به القضاء والفقه الإداريان في فرنسا، وهي تجربة رائدة نشأت في القرن الثامن عشر إلا أنها امتدت في الوقت الحاضر الآن إلى عموم أنظمة القضاء في دول العالم. كل هذه المواضيع ومتعلقاتها، ستجدونها في هذا الكتاب الذي نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق فيه، وبه الاستعانة وعليه التوكل و إليه المصير.

الصفحةالموضوع
13 المقدمة
الفصل الأول
النظام الإداري في الإسلام والمملكة العربية السعودية
20 المبحث الأول: النظام الإداري في الإسلام
20 المطلب الأول: فكرة الدولة في الإسلام
25 المطلب الثاني: مبادئ النظام الإداري الإسلامي وخصائصه
26 الفرع الأول: مبادئ النظام الإداري الإسلامي
27 الفرع الثاني: خصائص النظام الإداري الإسلامي
29 المطلب الثالث: مسئولية الإدارة في الإسلام
30 المطلب الرابع: التمييز بين القاعدتين الشرعية والوضعية
32 المبحث الثاني: النظام القانوني في المملكة العربية السعودية
32 المطلب الأول: دستور المملكة العربية السعودية وسلطاته
32 الفرع الأول: دستور المملكة
37 الفرع الثاني: السلطات الثلاث في المملكة
56 المطلب الثاني: التكييف القانوني للأنظمة
الفصل الثاني
ماهية القانون الإداري
66 المبحث الأول: تحديد القانون الإداري وبيان علاقته بغيره
66 المطلب الأول: تحديد القانون الإداري
66 الفرع الأول: القانون وأقسامه
69 الفرع الثاني: أهمية القانون الإداري
71 الفرع الثالث: الوظيفة الإدارية
73 المطلب الثاني: علاقة القانون الإداري بغيره
73 الفرع الأول: علاقة القانون الإداري بغيره من القوانين
75 الفرع الثاني: علاقة القانون الإداري بغيره من العلوم الإنسانية
79 المبحث الثاني: نشأة القانون الإداري وبيان أساسه
79 المطلب الأول: نشأة القانون الإداري
82 المطلب الثاني: أساس القانون الإداري ومعياره
84 المبحث الثالث: الخصائص الذاتية للقانون الإداري
84 المطلب الأول: خصائص القانون الإداري في فقه القانون المقارن
85 المطلب الثاني: خصائص القانون الإداري في النظام السعودي
88 المبحث الرابع: مصادر القانون الإداري
88 المطلب الأول: مصادر القانون الإداري في القانون المقارن
90 المطلب الثاني: مصادر القانون الإداري في النظام السعودي
الفصل الثالث
التنظيم الإداري
104 المبحث الأول: الشخصية الاعتبارية (المعنوية)
104 المطلب الأول: نظرية الشخصية الاعتبارية
107 المطلب الثاني: الشخصية الاعتبارية العامة
112 المبحث الثاني: النظامان المركزي واللامركزي
112 المطلب الأول: النظامان المركزي واللامركزي في فقه القانون الإداري المقارن
113 الفرع الأول: النظام المركزي
114 الفرع الثاني: النظام اللامركزي
119 المطلب الثاني: السلطات المركزية واللامركزية في النظام السعودي
119 الفرع الأول: السلطة المركزية
127 الفرع الثاني: السلطات اللامركزية
الفصل الرابع
المرفق العام
150 المبحث الأول: أنواع المرافق العامة
152 المبحث الثاني: أساليب إدارة المرافق العامة
154 المبحث الثالث: مبادئ تنظيم المرافق العامة
156 المبحث الرابع: المرفق العام في فقه القانون الإداري المقارن
156 المطلب الأول: تحديد المرفق العام
160 المطلب الثاني: إنشاء وتنظيم وإلغاء المرفق العام
162 المطلب الثالث: طرق إدارة المرفق العام
165 المطلب الرابع: النظام القانوني للمرفق العام
174 المبحث الخامس: المرفق العام في النظام السعودي
174 المطلب الأول: نظام حماية المرافق العامة
178 المطلب الثاني: مكافحة الفساد في المرافق العامة
الفصل الخامس
الضبط الإداري
186 المبحث الأول: الضبط الإداري في فقه القانون الإداري المقارن
186 المطلب الأول: ماهية الضبط الإداري
189 المطلب الثاني: اختلاط الضبط الإداري بالصور الأخرى
189 الفرع الأول: الضبط السياسي
191 الفرع الثاني: الضبط القضائي
192 الفرع الثالث: الضبط الإداري الخاص
194 المطلب الثالث: أغراض الضبط الإداري
205 المطلب الرابع: أدوات الضبط الإداري
212 المطلب الخامس: وضع الضبط الإداري في الظروف الاستثنائية
221 المبحث الثاني: الضبط الإداري في النظام السعودي
221 المطلب الأول: أهداف النظام العام
221 الفرع الأول: حماية الأمن العام
235 الفرع الثاني: حماية الصحة العامة
240 الفرع الثالث: حماية السكينة العامة
244 الفرع الرابع: حماية البيئة
249 الفرع الخامس: حماية الأخلاقيات الاجتماعية
254 الفرع السادس: حماية جماليات المدينة
254 المطلب الثاني: هيئات الضبط الإداري
256 المطلب الثالث: وسائل الضبط الإداري
256 الفرع الأول: إصدار اللوائح الضبطية
259 الفرع الثاني: إصدار القرارات الإدارية الفردية
259 الفرع الثالث: التنفيذ الجبري
259 الفرع الرابع: استعمال القوة المادية
الفصل السادس
امتيازات السلطة الإدارية
264 المبحث الأول: السلطة التقديرية للإدارة
266 المبحث الثاني: سلطة التنفيذ المباشر
268 المبحث الثالث: نزع الملكية الخاصة للعقارات
268 المطلب الأول: نظرية نزع الملكية الخاصة للعقارات
268 الفرع الأول: مفهوم نزع الملكية الخاصة
269 الفرع الثاني: إجراءات نزع الملكية الخاصة
270 المطلب الثاني: نزع الملكية في النظام السعودي
272 المبحث الرابع: الاستيلاء المؤقت على العقارات
الفصل السابع
الموظف العام
276 المبحث الأول: الموظف العام في نظرية القانون الإداري المقارن
276 المطلب الأول: مفهوم الموظف والوظيفة
276 الفرع الأول: تعريف الموظف العام
277 الفرع الثاني: تكييف علاقة التوظيف
282 الفرع الثالث: تقليد الوظيفة العامة
286 المطلب الثاني: حقوق الموظفين
287 الفرع الأول: حق الراتب
289 الفرع الثاني: العلاوات
291 الفرع الثالث: الإجازات
295 الفرع الرابع: الحوافز المالية والمعنوية
296 الفرع الخامس: التقاعد
296 المطلب الثالث: واجبات الموظفين
297 الفرع الأول: واجبات الدوام
298 الفرع الثاني: واجبات تنفيذ العمل
302 الفرع الثالث: واجبات طاعة أوامر القانون والرئيس الإداري
303 الفرع الرابع: واجبات توقير الغير
304 الفرع الخامس: واجبات المحافظة على أسرار الدولة والغير
306 الفرع السادس: واجبات المحافظة على كرامة الوظيفة
307 الفرع السابع: واجبات الولاء للدولة
308 المطلب الرابع: النظام التأديبي
309 الفرع الأول: المخالفة التأديبية
315 الفرع الثاني: الجزاء التأديبي
322 المبحث الثاني: الموظف العام في النظام السعودي
322 المطلب الأول: مفهوم الموظف العام وشروط تعيينه
326 المطلب الثاني: حقوق الموظف
326 الفرع الأول: حقوق الموظف:
330 الفرع الثاني: واجبات الموظف العام
337 المطلب الثالث: تأديب الموظف العام
337 الفرع الأول: المخالفة التأديبية
339 الفرع الثاني: السلطة التأديبية
339 الفرع الثالث: الإجراءات والضمانات التأديبية
340 الفرع الرابع: العقوبة التأديبية
341 المطلب الرابع: انتهاء خدمة الموظف العام
347 المبحث الثالث: المبادئ القانونية في القضاء الإداري المصري
الفصل الثامن
القرار الإداري
360 المبحث الأول: القرار الإداري في فقه القانون الإداري المقارن
360 المطلب الأول: مفهوم القرار الإداري
360 الفرع الأول: الأهمية
360 الفرع الثاني: التعريف
360 الفرع الثالث: الشروط
362 المطلب الثاني: أركان القرار الإداري
362 الفرع الأول: الاختصاص
363 الفرع الثاني: الشكل
363 الفرع الثالث: المحل
364 الفرع الرابع: السبب
364 الفرع الخامس: الغاية
365 المطلب الثالث: أنواع القرارات الإدارية
365 الفرع الأول: من حيث المظهر الخارجي
365 الفرع الثاني: من حيث تكوينها
365 الفرع الثالث: من حيث المخاطبين بأحكامها
366 الفرع الرابع: من حيث أثرها اتجاه الأفراد
366 الفرع الخامس: قرارات غير خاضعة لرقابة القضاء
366 المطلب الرابع: سريان القرار الإداري
368 المطلب الخامس: تنفيذ القرار الإداري
369 المطلب السادس: نهاية القرار الإداري
373 المبحث الثاني: القرار الإداري في النظام السعودي
373 المطلب الأول: مفهوم القرار الإداري
374 المطلب الثاني: القواعد القانونية التي قررها ديوان المظالم
الفصل التاسع
العقد الإداري
384 المبحث الأول: نظرية العقد الإداري
386 المطلب الأول: سلطات الإدارة إزاء المتعاقد معها
388 المطلب الثاني: حقوق المتعاقد في مواجهة الإدارة
389 المطلب الثالث: حق المتعاقد في إعادة التوازن المالي للعقد ونظرياته
393 المبحث الثاني: العقد الإداري في النظام السعودي
393 المطلب الأول: إبرام العقود الإدارية
395 المطلب الثاني: شروط عقود المنافسات والمشتريات الحكومية
396 المطلب الثالث: طرق اختيار المتعاقد مع الإدارة
399 المطلب الرابع: العقد الإداري في قضاء ديوان المظالم
الفصل العاشر
المال العام
406 المبحث الأول: نظرية المال العام
416 المبحث الثاني: المال العام في النظام السعودي
416 المطلب الأول: مفهوم المال العام
417 المطلب الثاني: وسائل استعمال المال العام
418 المطلب الثالث: وسائل حماية المال العام
419 الـــــــــــخــــــــاتــــمـــــة
423 المصادر والمراجع

الكتب ذات العلاقة

كتب المؤلف

القانون     الاداري القانون الاداري السعودي
 
اضافة الكتاب الى سلة المشتريات
  الكمية:
حذف الكتاب:
   
   
 
 
انهاء التسوق
استمر بالتسوق
9789957169015 :ISBN
القانون الاداري السعودي :الكتاب
د.عبد القادر الشيخلي :المولف
0.850 :الوزن
17×24 :الحجم
ابيض :الورق
432 :الصفحات
2015 :السنة
مجلد :النوع
$20 :السعر
 
:المقدمة

ظهر القانون بصيغته الحالية مع ظهور الدولة الحديثة، فالتلازم عضوي بينهما، ولا يمكن للدولة أن تمارس وظائفها وتحقق أهدافها دون وجود منظومة من التشريعات وعلى رأسها الدستور، ولذلك وصفت الدولة الحديثة بالدولة القانونية أو دولة القانون، وتعني وجود دستور ينظم سلطاتها الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، ووجود فصل نسبي بين هذه السلطات، إذ إن الفصل المطلق بينها مستحيل عملاً، أما الفصل النسبي فيقتضي التعاون بين هذه السلطات الثلاث، كما يقتضي أن تراقب كل سلطة السلطة الأخرى، وتعني الدولة القانونية أيضاً احترامها لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وأن تتداول السلطة بموجب انتخابات تشريعية حرة، وأن يتوافر الاستقلال والحياد للسلطة القضائية، فإذا لم يكن الأمن مستتباً بالدولة، ولم يكن القانون سائداً فيها ومحترماً من قبل الحكام والمحكومين على حد سواء وصفت هذه الدولة بالدولة الفاشلة. والسلطة الإدارية المتفرعة عن السلطة التنفيذية هي أكبر السلطات في الدولة عدداً ومهاماً، ولذلك اقتضى الأمر سن قواعد قانونية لتنظيم نشاطها تنظيماً واضحاً وتحقيق أهدافها بسلاسة، وهذه القواعد هي قواعد القانون الإداري الذي يضبط سير مرافق الدولة العامة سواء بقرارات إدارية أو بعقود إدارية، وكذلك أنشطتها الضبطية. وأصبح الفرد في الوقت الحاضر يخضع للسلطة الإدارية منذ ولادته حيث يستخرج أبواه شهادة ميلاده، وتعامله يستمر طيلة حياته مع إدارات الدولة حسب احتياجاته حتى وفاته إذ يتعين استخراج شهادة وفاته، فالسلطة الإدارية تنظم حياة الفرد والجماعة في مختلف شؤونهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لذلك فإن دراسة القانون الإداري تعطي للقارئ فكرة واضحة عن سياسات الدولة ووظائفها وقراراتها، ولذلك فإن دارس القانون يمتلك ثقافة قانونية تؤهله لمعرفة أسباب ونتائج الكثير من المشكلات أو السياسات أو القرارات سواء أكانت عامة أم خاصة، ومن هنا تظهر جدوى دراسة القانون الإداري والتعمق به وبخاصة للفرد الذي يهتم بتنظيم مهنته أو حرفته أو تخصصه طبقاً لمبادئ القوانين النافذة في الدولة. ويفرغ نشاط السلطة الإدارية في أسلوبين متميزين، هما المرفق العام، وهو الأسلوب التقليدي في أداء الخدمات العامة، أما الأسلوب الإداري الثاني فيتمثل بالضبط الإداري، وهو الأسلوب الذي يهدف إلى الحفاظ على النظام العام في الدولة. ومن امتيازات السلطة الإدارية: التنفيذ المباشر، فهي تقتص حقوقها بموجب هذه الوسيلة التي منحها لها المشرع، فلا تلجأ إلى القضاء وإنما تنفذ قراراتها جبراً، كما أنها تحصل على ديونها بالتنفيذ المباشر، يضاف إلى ما تقدم أن من امتيازات الإدارة: نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة مقابل تعويض مالي عادل، كما تملك الإدارة سلطة تقديرية واسعة في إطار الصالح العام. وأبادر إلى القول إن هذه الموضوعات يجري تناولها في نطاق أسسها العامة، أما الاختلافات الفقهية فلم أتطرق إليها إلا قليلاً، كي لا أثقل على القارئ أو الدارس القانوني، فهذا المنهج في تناول هذه الموضوعات يعطي فكرة عامة عنها لكي يحببها لمن يقرؤها، ومن ثم يستطيع التعمق بها في كتب الفقه الإداري العربية. وتستخدم السلطة الإدارية وسيلتين كبريين، الأولى بشرية تتمثل في الموظفين العسكريين أو الموظفين المدنيين في الدولة، والثانية مادية، وهي أموال الدولة، سواء أكانت أموالاً عامة، أم أموالاً خاصة مملوكة لها. كما تستخدم الإدارة في مباشرة سلطتها أداتين جوهريتين، هما القرار الإداري، والعقد الإداري، الأول تباشر فيه سلطاتها بإرادتها المنفردة. والثانية تلجأ إلى الاتفاق مع الأفراد بموجب شروط إدارية متفق عليها بين الطرفين. من ذلك يتبين لنا أن السلطة الإدارية تملك امتيازات تنفرد بها وذلك لمباشرة أعمالها وتحقيق أهدافها، فهي تكون في هذه الحالة سلطة عامة تملك وسائل القانون العام وخصائصه، إذ تمثل الكيان الهيكلي للدولة من ناحية التنظيم الذي يخضع للقوانين والأنظمة واللوائح، فلا يمكن للدولة أن تؤدي وظائفها إلا بواسطة سلطة إدارية تملك قدرات منحها له القانون وذلك لأنها تمثل الصالح العام، فدائماً كفة الإدارة تعلو على كفة الأفراد لأنها تمثل صالح الدولة والمجتمع، بينما الفرد لا يمثل إلا نفسه أو جماعته المحدودين ويكون بهذه المثابة ممثلاً للصالح الخاص. والقضاء الإداري يعمل على الموازنة بين حقوق وامتيازات السلطة الإدارية وبين حقوق وحريات الأفراد. فلا تكون كفة الإدارة أرجح من كفة الأفراد إذا كانت متعسفة أو متنكبة عن القانون، أما إذا كان الأفراد يتمتعون بحقوق شرعية فلا يمكن للجهة الإدارية الاعتداء على هذه الحقوق وهذا ما يضمن ذلك القضاء الإداري الذي يحمي الإدارة من أضرار الأفراد، كما يحمي هؤلاء من أضرار الإدارة. إذ يوازن بين الصالح العام الذي له الأولوية دائماً وبين صالح الأفراد بشرط أن يكون مشروعاً. وجدير بالذكر إن القانون الإداري يعد من أهم فروع القانون العام، وذلك لأنه القانون الذي ينظم نشاط إدارات الدولة بموجب القواعد التي ابتكرها أولاً مجلس الدولة الفرنسي، وفقه القانون العام الفرنسي، فقد ابتكرا أهم نظريات ومبادئ القانون الإداري بشكله المعاصر، إذ إن الإدارة لا يمكن أن تخضع لقواعد القانون المدني الذي تحكمه قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين" فهذا القانون ينظر للأفراد على أساس المساواة التامة بينهم، بينما لا يمكن إجراء المساواة بين الأفراد وبين الجهة الإدارية، ومن ثم فهذه الجهة احتاجت إلى قواعد قانونية تنبثق من طبيعة الإدارة وخصائصها، وهذا ما قام به القضاء والفقه الإداريان في فرنسا، وهي تجربة رائدة نشأت في القرن الثامن عشر إلا أنها امتدت في الوقت الحاضر الآن إلى عموم أنظمة القضاء في دول العالم. كل هذه المواضيع ومتعلقاتها، ستجدونها في هذا الكتاب الذي نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق فيه، وبه الاستعانة وعليه التوكل و إليه المصير.

 
:الفهرس
 
:الكتب ذات العلاقة
 
:كتب المؤلف