الوسيط في القانون الدولي العام ج 3 (حقوق الانسان)

ISBN 9789957168933
الوزن 0.800
الحجم 17×24
الورق ابيض
الصفحات 264
السنة 2025
النوع مجلد

كان الاعتقاد العالمي السائد قبل القرن العشرين هو أن معاملة الدولة لمواطنيها تخرج على نطاق القانون الدولي، لأن الفرد سواء وحده أم على شكل مجموعة كان مجرد هدف لقانون الأمم لا أحد رعاياه. غير أن أسرة الأمم باتت منذ الحرب العالمية الأولى أكثر إدراكاً لضرورة ضمان الحد الأدنى لحقوق الفرد، وبالتالي أصبحت حقوق الإنسان موضوع اهتمام كبير وجاد في بعض الأحيان لدى الرعايا التقليديين للقانون الدولي وبدأ الفرد يظهر إلى حد ما على الأقل كأحد رعايا ذلك القانون، لأنه مقصود لذاته بهذه العناية على اعتباره عضواً في المجتمع البشري وبصرف النظر عن جنسيته أو ملته. وحقوق الفرد التي يتعرض لها القانون الدولي العام هي تلك الحقوق الطبيعية الأساسية المتصلة بشخصه كآدمي والتي يستوي بالنسبة لها جميع بني الإنسان. ولقد كانت الحرب العالمية الثانية مسرحاً لأبشع سلسلة من الجرائم التي ارتكبت ضد الجنس البشري في جميع العصور، وقد ارتكبت هذه الجرائم إشباعاً لنزعة عنصرية إجرامية جامحة، ودون أن يكون لها أي مبرر من ضرورات الحرب، فانتهكت حرمة الإنسان وأهدرت الحياة البشرية بشكل لم يسبق له مثيل، وبلغ عدد الضحايا عدة ملايين من النفوس البريئة بين رجال ونساء وأطفال من مختلف البلاد التي وطأتها أقدام القوات النازية. واستعمل في تنفيذ هذه الجرائم مختلف الوسائل الوحشية من قتل بالجملة رمياً بالرصاص أو بالغاز الخانق أو عن طريق المجاعة إلى سوء التغذية المستمر، مع فرض أشغال متوالية فوق الطاقة البشرية، إلى الحرمان من العناية الطبية والجراحية وفرض عقوبات وحشية، إلى التعذيب بكافة أشكاله، ويشمل الكي بالنار ونزع الأظافر والعمليات التجريبية على الكائنات البشرية الحية. هذا بالإضافة إلى الأعمال الأخرى التي اعتدي بها على حرية الأفراد وأموالهم؛ كإبعاد السكان ونقلهم بالجملة من بلادهم، وكتعبئة العمال جبراً للعمل في ألمانيا، وكحمل السكان المدنيين على ترك وطنهم للعمل في مجهود الحرب الألماني وغير ذلك. وكان من الطبيعي أن يتجه الاهتمام بعد انتهاء الحرب إلى إنزال العقاب أولاً بالمسؤولين عن هذه الجرائم، وقد تم ذلك بعد محاكمات أجريت في جميع البلاد التي كانت مسرحاً لها، وفي محاكمة رئيسة تناولت كبار رجال الحكومة النازية، محاكمة نورمبرج، واتجه الاهتمام ثانياً إلى إيجاد الضمانات الكفيلة بحماية حياة الإنسان وحريته وحقوقه من مثل هذا العبث في المستقبل. وقد مهد لذلك ميثاق الأمم المتحدة حينما ذكر في ديباجته أن: (شعوب الأمم المتحدة تؤكد إيمانها بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد)، ونص في مادته الأولى على أن تعمل هيئة الأمم المتحدة على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وبلا تفريق بين الرجال والنساء، ثم تكرر بعد ذلك النص على ضرورة احترام حقوق الإنسان عند الكلام عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وعلى الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي وعلى نظام الوصاية. وقد كان من نتيجة كل هذه النصوص أن أصبح من المقرر أن المسائل المتصلة بحماية حقوق الإنسان تخرج عن نطاق الأمور المتصلة بصميم الاختصاص الداخلي، وتخضع لإشراف دولي. ولتحقيق حماية إيجابية لحقوق الإنسان بدأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي بذل جهود منذ سنة 1946 للوصول إلى اتفاقات متعددة الأطراف بواسطة لجنة لحقوق الإنسان كهيئة صياغة. وفي النهاية أقرت الجمعية العامة في 10 كانون الأول سنة 1948 (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) دون معارضة وبامتناع ثماني عن التصويت (الكتلة السوفيتية ويوغسلافيا والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا)، وانطوت الخطوة التالية على وضع صيغ المعاهدات عرفت باسم (العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية). تبنت الجمعية العامة الوثائق الثلاث التي تمثل في الواقع تحقيق (القانون الدولي لحقوق الإنسان)، ومنذ أن تبنت الجمعية العامة هذه الوثائق عام 1966 والأمم المتحدة مستمرة في اعتماد الصكوك الدولية المتعددة الأطراف والمتعلقة بحقوق الإنسان.

الصفحةالموضوع
9 تمهيد
الباب الأول
حقوق الإنسان في وقت السلم
16 الفصل الأول: مصادر القانون الدولي لحقوق الإنسان
17 المبحث الأول: الشريعة الإسلامية
22 المبحث الثاني: الوثائق الدولية المعاصرة العالمية
24 أولاً: ميثاق الأمم المتحدة
25 ثانياً: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
28 ثالثاً: العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان
30 رابعاً: الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان
31 الفصل الثاني: حقوق الإنسان المحمية بالصكوك الدولية
32 المبحث الأول: الحقوق المدنية والسياسية
32 أولاً: الحق في الحياة والحرية وفي أمان الفرد على نفسه
39 ثانياً: إبطال الرق والممارسات الشبيهة بالرق
44 ثالثاً: تحريم صور معينة من السخرة أو العمل الإلزامي
46 رابعاً: الحماية من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
48 خامساً: الحماية من التعرض للاعتقال والاحتجاز التعسفيين
49 سادساً: حقوق الإنسان في مجال إقامة العدل
51 سابعاً: حق كل فرد في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده وفي العودة إلى بلده
52 ثامناً: حق التملك
52 تاسعاً: حرية الفكر والوجدان والدين والمعتقد
53 عاشراً: حرية الرأي والتعبير
54 حادي عشر: الحرية النقابية بما في ذلك الحقوق النقابية
57 ثاني عشر: حق كل فرد في أن يشارك في حكومة بلده
59 المبحث الثاني: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
60 أولاً: الحق في العمل
61 ثانياً: الحق في التعليم
63 ثالثاً: الحق في الصحة
65 رابعاً: الحق في غذاء كاف
66 خامساً: الحق في الإيواء الكافي والخدمات الكافية
67 سادساً: الحق في الثقافة
68 سابعاً: الحق في بيئة نظيفة
69 ثامناً: الحق في التنمية
70 تاسعاً: تحسين الحياة الاجتماعية
70 عاشراً: حقوق الإنسان والنظام الاقتصادي الدولي الجديد
72 الفصل الثالث: الإشراف على تنفيذ المعايير الدولية لحقوق الإنسان
74 المبحث الأول: المنظمات الدولية الحكومية
74 أولاً: الجمعية العامة
77 ثانياً: مجلس الأمن
79 ثالثاً: المجلس الاقتصادي والاجتماعي
80 رابعاً: مجلس الوصاية
80 خامساً: محكمة العدل الدولية
82 سادساً: الأمانة العامة
85 سابعاً: الهيئات المكلفة بمراقبة تنفيذ المعاهدات
89 المبحث الثاني: الوكالات المتخصصة
90 أولاً: منظمة العمل الدولية I.L.O
91 ثانياً: منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة F.A.O
92 ثالثاً: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة UNESCO
94 رابعاً: منظمة الصحة العالمية WHO
96 الفصل الرابع: آلية لرصد تنفيذ الحقوق المدنية والسياسية
97 المبحث الأول: اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المنشأة عام 1977م
97 أولاً: وظائف اللجنة
98 ثانياً: البروتوكول الاختياري الأول
99 ثالثاً: أنشطة اللجنة
101 رابعاً: المشاكل التي واجهتها اللجنة
102 المبحث الثاني: اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
102 أولاً: طرق عمل اللجنة
103 ثانياً: أنشطة اللجنة
104 المبحث الثالث: المنظمات غير الحكومية
107 أولاً: اللجنة الدولية للصليب الأحمر ICRC
111 ثانياً: منظمة العفو الدولية AMNESTY INTERNATIONAL
122 الفصل الخامس: الحماية الإقليمية لحقوق الإنسان
123 المبحث الأول: النظام الأوروبي لحماية حقوق الإنسان
123 أولاً: مجلس أوروبا
124 ثانياً: الأجهزة القائمة على تطبيق الاتفاقية
128 المبحث الثاني: النظام الأمريكي لحماية حقوق الإنسان
128 أولاً: ميثاق المنظمة
129 ثانياً: الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان
133 المبحث الثالث: النظام الأفريقي لحماية حقوق الإنسان
133 أولاً: الميثاق الأفريقي الخاص بحقوق الإنسان والشعوب
134 ثانياً: اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب
136 المبحث الرابع: حماية حقوق الإنسان في الدول العربية
136 أولاً: إعلان حقوق المواطن في الدول والبلاد العربية
138 ثانياً: مشروع ميثاق حقوق الإنسان والشعب في الوطن العربي
140 الفصل السادس: الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان
142 المبحث الأول: حقوق الطفل
142 أولاً: إعلان حقوق الطفل
143 ثانياً: مؤسسة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة
145 المبحث الثاني: اتفاقية حقوق الطفل
150 الفصل السابع: النهوض بالمرأة
151 المبحث الأول: موقف الشريعة الإسلامية من النهوض بالمرأة
151 أولاً: المساواة في الخلق والجنس
152 ثانياً: المساواة في العقيدة والتكليف والمسؤولية
152 ثالثاً: المساواة في إجراء عقد الزواج بالرضى والاختيار
153 رابعاً: المساواة في الأهلية القانونية
153 خامساً: الحق في العلم
153 سادساً: الحق في العمل
154 سابعاً: المساواة في الحقوق السياسية
160 المبحث الثاني: موقف الصكوك الدولية المعاصرة من النهوض بالمرأة
162 أولاً: المساواة
166 ثانياً: الحقوق السياسية ومشاركة المرأة
170 الفصل الثامن: حماية اللاجئين
171 المبحث الأول: وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى
173 المبحث الثاني: مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
175 المبحث الثالث: اللجنة التنفيذية لبرنامج مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين
176 المبحث الرابع: الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين
178 المبحث الخامس: البروتوكول الخاص بوضع اللاجئين
180 المبحث السادس: حقوق الإنسان ومشكلة اللاجئين
183 المبحث السابع: المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان
الباب الثاني
حقوق الإنسان في زمن الحرب والمنازعات المسلحة
189 الفصل الأول: القانون الدولي الإنساني
191 المبحث الأول: موقف الشريعة الإسلامية من حماية حقوق الإنسان في وقت الحرب
191 أولاً: الإسلام دعوة السلام
192 ثانياً: الباعث على القتال في الإسلام
193 ثالثاً: ما قبل المعركة
193 رابعاً: في المعركة
194 خامساً: ما يحل وما لا يحل
195 سادساً: بعد المعركة
196 المبحث الثاني: موقف الصكوك الدولية من حماية حقوق الإنسان أثناء المنازعات المسلحة
196 أولاً: التعاون الدولي من أجل تخفيف العنف والقسوة في المنازعات المسلحة
197 ثانياً: التقارير المتعلقة باحترام حقوق الإنسان أثناء المنازعات المسلحة
198 ثالثاً: البروتوكولان الإضافيان لاتفاقيات جنيف لعام 1949 المتعلقان بحماية ضحايا المنازعات المسلحة
199 رابعاً: حماية الصحفيين الذين يؤدون مهاماً خطرة في مناطق المنازعات المسلحة
201 المبحث الثالث: المركز القانوني للمقاتلين الذين يكافحون السيطرة الاستعمارية والأجنبية والنظم العنصرية
202 المبحث الرابع: إجراء دولي لحظر أو تقييد استعمال أسلحة معينة
202 أولاً: حظر استعمال الأسلحة النووية والنووية الحرارية
202 ثانياً: حظر تجارب الأسلحة النووية في الجو وفي الفضاء الخارجي وتحت سطح الماء
203 ثالثاً: اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر والبروتوكولات المرفقة بها
204 المبحث الخامس: التعاون الدولي لمنع الجرائم المرتكبة ضد السلم والحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية والمعاقبة عليها
204 أولاً: مبادئ نورنبرغ
205 ثانياً: مشروع قانون الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها
207 ثالثاً: اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية
209 الفصل الثاني: القواعد الأساسية لحماية حقوق الإنسان أثناء المنازعات المسلحة
211 المبحث الأول: القاعدة الأولى (تقييد حرية مهاجمة الأشخاص)
212 المبحث الثاني: القاعدة الثانية (يحظر قتل أو جرح عدو يستسلم أو يصبح عاجزاً عن القتال)
213 المبحث الثالث: القاعدة الثالثة (يجمع الجرحى والمرضى ويعتنى بهم بواسطة طرف النزاع الذين يخضعون لسلطته)
214 المبحث الرابع: القاعدة الرابعة (للمقاتلين المأسورين والمدنيين الذين يقعون تحت سيطرة الطرف الخصم احترام حياتهم وكرامتهم وحقوقهم الشخصية ومعتقداتهم)
215 المبحث الخامس: القاعدة الخامسة (يتمتع جميع الأشخاص بالضمانات القضائية الأساسية)
216 المبحث السادس: القاعدة السادسة (ليس لأطراف النزاع أو أفراد قواتها المسلحة حق مطلق في اختيار طرق وأساليب الحرب)
217 المبحث السابع: القاعدة السابعة (التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين)
217 أولاً: تعريف الأشخاص المدنيين والأعيان المدنية
217 ثانياً: حماية الأشخاص المدنيين والأعيان المدنية
218 ثالثاً: الحماية الخاصة لأعيان معينة
الملاحق
221 الملحق الأول: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مع العهدين والبروتوكول الاختياري
225 الملحق الثاني: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
233 الملحق الثالث: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
242 الملحق الرابع: البروتوكول الاختياري المتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
245 الملحق الخامس: الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وفي البروتوكولين الاختياريين والدول التي أصدرت الإعلان المنصوص عليه في المادة (41) من العهد حتى 29 تموز/ يوليه 1994
255 المصادر والمراجع

الكتب ذات العلاقة

كتب المؤلف

القانون     الدولي الوسيط في القانون الدولي العام ج 3 (حقوق الانسان)
 
اضافة الكتاب الى سلة المشتريات
  الكمية:
حذف الكتاب:
   
   
 
 
انهاء التسوق
استمر بالتسوق
9789957168933 :ISBN
الوسيط في القانون الدولي العام ج 3 (حقوق الانسان) :الكتاب
د.عبد الكريم علوان :المولف
0.800 :الوزن
17×24 :الحجم
ابيض :الورق
264 :الصفحات
2025 :السنة
مجلد :النوع
$20 :السعر
 
:المقدمة

كان الاعتقاد العالمي السائد قبل القرن العشرين هو أن معاملة الدولة لمواطنيها تخرج على نطاق القانون الدولي، لأن الفرد سواء وحده أم على شكل مجموعة كان مجرد هدف لقانون الأمم لا أحد رعاياه. غير أن أسرة الأمم باتت منذ الحرب العالمية الأولى أكثر إدراكاً لضرورة ضمان الحد الأدنى لحقوق الفرد، وبالتالي أصبحت حقوق الإنسان موضوع اهتمام كبير وجاد في بعض الأحيان لدى الرعايا التقليديين للقانون الدولي وبدأ الفرد يظهر إلى حد ما على الأقل كأحد رعايا ذلك القانون، لأنه مقصود لذاته بهذه العناية على اعتباره عضواً في المجتمع البشري وبصرف النظر عن جنسيته أو ملته. وحقوق الفرد التي يتعرض لها القانون الدولي العام هي تلك الحقوق الطبيعية الأساسية المتصلة بشخصه كآدمي والتي يستوي بالنسبة لها جميع بني الإنسان. ولقد كانت الحرب العالمية الثانية مسرحاً لأبشع سلسلة من الجرائم التي ارتكبت ضد الجنس البشري في جميع العصور، وقد ارتكبت هذه الجرائم إشباعاً لنزعة عنصرية إجرامية جامحة، ودون أن يكون لها أي مبرر من ضرورات الحرب، فانتهكت حرمة الإنسان وأهدرت الحياة البشرية بشكل لم يسبق له مثيل، وبلغ عدد الضحايا عدة ملايين من النفوس البريئة بين رجال ونساء وأطفال من مختلف البلاد التي وطأتها أقدام القوات النازية. واستعمل في تنفيذ هذه الجرائم مختلف الوسائل الوحشية من قتل بالجملة رمياً بالرصاص أو بالغاز الخانق أو عن طريق المجاعة إلى سوء التغذية المستمر، مع فرض أشغال متوالية فوق الطاقة البشرية، إلى الحرمان من العناية الطبية والجراحية وفرض عقوبات وحشية، إلى التعذيب بكافة أشكاله، ويشمل الكي بالنار ونزع الأظافر والعمليات التجريبية على الكائنات البشرية الحية. هذا بالإضافة إلى الأعمال الأخرى التي اعتدي بها على حرية الأفراد وأموالهم؛ كإبعاد السكان ونقلهم بالجملة من بلادهم، وكتعبئة العمال جبراً للعمل في ألمانيا، وكحمل السكان المدنيين على ترك وطنهم للعمل في مجهود الحرب الألماني وغير ذلك. وكان من الطبيعي أن يتجه الاهتمام بعد انتهاء الحرب إلى إنزال العقاب أولاً بالمسؤولين عن هذه الجرائم، وقد تم ذلك بعد محاكمات أجريت في جميع البلاد التي كانت مسرحاً لها، وفي محاكمة رئيسة تناولت كبار رجال الحكومة النازية، محاكمة نورمبرج، واتجه الاهتمام ثانياً إلى إيجاد الضمانات الكفيلة بحماية حياة الإنسان وحريته وحقوقه من مثل هذا العبث في المستقبل. وقد مهد لذلك ميثاق الأمم المتحدة حينما ذكر في ديباجته أن: (شعوب الأمم المتحدة تؤكد إيمانها بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد)، ونص في مادته الأولى على أن تعمل هيئة الأمم المتحدة على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وبلا تفريق بين الرجال والنساء، ثم تكرر بعد ذلك النص على ضرورة احترام حقوق الإنسان عند الكلام عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وعلى الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي وعلى نظام الوصاية. وقد كان من نتيجة كل هذه النصوص أن أصبح من المقرر أن المسائل المتصلة بحماية حقوق الإنسان تخرج عن نطاق الأمور المتصلة بصميم الاختصاص الداخلي، وتخضع لإشراف دولي. ولتحقيق حماية إيجابية لحقوق الإنسان بدأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي بذل جهود منذ سنة 1946 للوصول إلى اتفاقات متعددة الأطراف بواسطة لجنة لحقوق الإنسان كهيئة صياغة. وفي النهاية أقرت الجمعية العامة في 10 كانون الأول سنة 1948 (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) دون معارضة وبامتناع ثماني عن التصويت (الكتلة السوفيتية ويوغسلافيا والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا)، وانطوت الخطوة التالية على وضع صيغ المعاهدات عرفت باسم (العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية). تبنت الجمعية العامة الوثائق الثلاث التي تمثل في الواقع تحقيق (القانون الدولي لحقوق الإنسان)، ومنذ أن تبنت الجمعية العامة هذه الوثائق عام 1966 والأمم المتحدة مستمرة في اعتماد الصكوك الدولية المتعددة الأطراف والمتعلقة بحقوق الإنسان.

 
:الفهرس
 
:الكتب ذات العلاقة
 
:كتب المؤلف