موسوعة القانون الدولي الاسلامي ج8 حقوق المرأة في الاسلام

ISBN 9789957168267
الوزن 0.800
الحجم 17*24
الورق ابيض
الصفحات 360
السنة 2014
النوع مجلد

تُعَانِي الْمَرْأَةُ مُنْذُ القِدَمِ، مِنْ وَاقِعٍ قَانُونِيٍّ وَاجْتِمَاعِيِّ مُتَدَنٍ، وَتُعَامَلُ مُعَامَلَةً سَيِّئَةً مِنْ قبل الْعَائِلَةِ وَالدينِ وَالمُجْتَمَعِ وَالدَّوْلَةِ. وَلَمْ تَمْنَحْ الأدْيَانُ الْوَضْعِيَّةُ أَيَة حُقُوق لِلْمَرْأَةِ بِمَا يَتَنَاسَب وَوَضعهَا. وَقَدْ اسْتَمَرَّ هَذَا الْوَاقِعُ قُرُوناً عَدِيدَةً إِلَى وَقْتٍ قَرِيبٍ. وَكَانَتْ الْحروبُ الَّتِي وَقَعتْ بَيْنَ الدَّوْلِ الْغَرْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَبِخَاصَّةٍ فِي الْحَرْبيْن العَالَمِيّتيْن الأولَى وَالثَّانِيَةِ، وَالْحُرُوبُ الدُّوَلِيَّةُ وَالأهْلِيَّةُ الَّتِي شَهدتهَا الْعَدِيدُ مِنْ دُوَلِ العَالمِ، وَمَا لَحقَ بِالْمَرْأَةِ مِنْ قَتْلٍ وَتَعْذِيبٍ وَتَشْرِيدٍ وَاغْتِصَابٍ، الأمْرُ الَّذِي يَتَطَلّبُ الوقُوفَ أَمَامَ هَذِهِ الْحَالَةَ الإنْسَانِيَّةَ وَالعَمَلُ عَلَى حِمَايَةِ الْمَرْأَةِ. فَالْمَرْأَةُ كَانَتْ وَلا تَزَالُ مُحْور الانْتِهَاكَاتِ الَّتِي تَلحَق بِالْبَشَرِيَّةِ مِنْ جَرَّاءِ الأزمَاتِ وَالْحروبِ. وَبِالإضَافَةِ إِلَى ذَلِك فَإِنّ مَا يُصِيبُ الزَّوْجَ وَالابْنَ وَالأبَ وَالأمَّ وَالأخَ يُصِيبُ الْمَرْأَةَ وَيَمسُ حُقُوقهَا. فَهِيَ أَكْثَر المُتَضَررِينَ مِنْ جَرَّاء المنازَعَات الْمُسَلَّحَةِ الدُّوَلِيَّةِ وَالأهْلِيَّةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. وَقَدْ تَنَبَهَ المُجْتَمَعُ الدُّوَلِيُّ إِلَى وَاقِعِ الْمَرْأَةِ. وَعَلَى الرّغمِ مِنْ عَقْدِ الْعَدِيدِ مِنَ الاتِّفَاقِيَّاتِ الدُّوَلِيَّةِ الَّتِي مَنَحَتْ الْمَرْأَةَ بَعْض حُقوقِهَا، إِلا أَنَّ هَذِهِ الاتِّفَاقِيَّاتِ لَمْ تَجدْ التَّطْبِيقَ الْعَمَلِيَّ لِحِمَايَةِ الْمَرْأَةِ، بِسَبَبِ عَدَمِ وُجُودِ قُوَّةٍ تَنفِيذِيَّةٍ لِهَذِهِ الاتِّفَاقِيَّاتِ، لأنَّ الاعْتِرَاف بالحُقُوقِ الْوَارِدَةِ فِيهَا إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى حِسَابِ الرَّجُلِ الَّذِي يَملكُ المَالَ وَحَق إصْدَارِ القَوانِيَنَ، الأمْر الَّذِي حَرمَ الْمَرْأَةَ مِنَ العَدِيدِ مِنَ الحُقُوقِ. وَعَلَى الرَغمِ مِنْ أَنَّ التَّطَوُّر الَّذِي يَشْهَدُهُ العَالم فِي الْمَجَالاتِ كَافَّةِ قَدْ وَصلَ إِلَى مَرْحَلَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، فَإِنَّ الْمَرْأَة لا تَزَالُ تُعَانِي مِنَ انْتِهَاكِ حُقُوقِهَا، وَلَمْ يُعْتَرفْ لَهَا بِذِمَةٍ مَالِيَّةٍ مُنْفَصِلةٍ، حَتَّى فِي الدَّوْلِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي عَقَدتْ الْعَدِيدَ مِنَ المُعاهَدَاتِ الدُّوَلِيَّةِ وَشَرَعَتْ القَوانِيَنَ الْخَاصَّة بِحِمَايَةِ الْمَرْأَةِ. وَالشَّيْءُ المُفَارقُ لمُتَطلبَاتِ الحَقَائِقِ، هُوَ أَنَّ الأقَلِّيَّاتَ مَهْمَا كَانَ نَوْعهَا هِيَ الَّتِي تُطَالبُ بِحُقُوقِهَا مِنْ طغيَانِ الأكْثَرِيَّةِ حَتَّى فِي الدَّوْلِ العَرِيقَةِ بِالدِّيمُقْرَاطِيَّةِ، بَيْنَمَا تُعَدُّ الْمَرْأَةُ هِيَ الأكْثَرِيَّةُ فِي التِعدَادِ السُكَانِي فِي جَمِيع دُوَلِ العَالمِ، وَلَكِنَّهَا تُعَانِي فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ، مِنَ الاضْطِهَادِ والتَشَردِ والتَرَملِ، والتَّعْذِيبِ، وَكظْمِ الحُقُوقِ وَإهدَارِ الْحُرِّيَّاتِ، وَمِنْ تَسَلطِ الأقَلِّيَّةِ وَهُمْ الرِّجَالُ وَالقَابِضُونَ عَلَى السُّلْطَةِ. وَكَانَتْ الشَّرِيعَةُ الإسْلاميََّةُ قَدْ سَبَقتْ جَمِيعَ الْمُجْتَمِعَاتِ الدُّوَلِيَّةِ فِي حِمَايَةِ حُقُوقِهَا وَضَمَان مُسْتَقْبَلهَا. فَقَدْ وَرَدَتْ الْعَدِيدُ مِنَ الآيَات فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ، وَالأحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ، وَمَا وَضَعهُ فِي ضَوْءِ ذَلِك الْفُقَهَاءُ المُسْلِمُونَ قَدْ ضَمِنَتْ حُقُوق الْمَرْأَةِ بِشَكْلٍ مُخْتَلَف تَمَاماً عَمَا عَلَيْهِ فِي الدَّوْلِ الْمُتَقَدِّمَةِ. فَقَدْ أَقَرَّ الإسْلام لِلْمَرْأَةِ ذِمَةً مَالِيَّةً مُنْفَصِلةً عَن الْعَائِلَةِِ وَعَن الزَّوْج، وَمَنْحهَا الحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ وَالشَخْصِيَّةَ بِشَكْلٍ مُسْتَقِلٍّ وَكَامِلٍ. وَمَنْحهَا حُقُوقهَا الْمَشْرُوعَة سَوَاء أَكَانَتْ مُتَزَوِّجَة أَمْ غَيْرِ مُتَزَوِّجَة. وَأقرَ لَهَا أَهْلِيَّةً قَانُونِيَّةً وَقَضَائِيَّة كَامِلَةً. وَأَمَا فِيمَا يَتَعلقُ بِالْولايَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ عَلَيْهَا، إِنَّمَا أُقرتْ لِحِمَايَةِ الْمَرْأَةِ وَعَدَم اسْتِغْلالِهَا مِنْ قبل الآخَرِينَ. فَالْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ تَتَمَتَّعُ بالعَدِيدِ مِنَ الحُقُوقِ الَّتِي أقَرَّهَا القَانُونُ الدُّوَلِيُّ الْعَام، إِلا فِيمَا يَتَعلقُ بِالمسَاسِ بِدِينهَا وَطَبِيعَة المُجْتَمَعِ الإسْلاميِّ، وَالْمُحَافَظَة عَلَى عَفَافِهَا وَشَخْصِيَّتِهَا وَأَدَمِيتهَا. وَسَنَتَنَاوَلُ حُقُوقَ الْمَرْأَةِ الثَّابِتَةِ فِي الشَّرِيعَةِ الإسْلاميََّةِ، دون أَنْ نَعتَمدَ عَلَى مَذهبٍ مُعَيَّنٍ، مَعَ مُقَارَنَتهَا بِمَا هُوَ وَارِد فِي المُعاهَدَاتِ الدُّوَلِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ الإنْسَانِ بِصُورَةٍ عَامَّةٍ، وَمَا وَرَدَ فِي المُعاهَدَاتِ الدُّوَلِيَّةِ الْخَاصَّةِ بِحُقُوقِ الْمَرْأَةِ بِصُورَةِ خَاصَّةٍ، وَالجُهُودِ الدُّوَلِيَّةِ الْخَاصَّةِ بِحِمَايَةِ الْمَرْأَةِ

الصفحةالموضوع
11 المقدمة
الْبَابُ الأوَّلُ
حُقُوقُ الْمَرْأَةِ الاجْتِمَاعِيَّةِ فِي الإسْلامِ
15 الْفَصْلُ الأوَّلُ: مَوقُعُ الْمَرْأَةِ فِي الإسْلامِ
17 الْمَبْحَثُ الأوَّلُ: مَفْهُومُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ
26 الْمَبْحَثُ الثَّانِي: شَخْصِيَّةُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ
37 الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: مَوْقِعُ الْمَرْأَةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ
45 الْمَبْحَثُ الرَّابعُ: مَوْقِعُ الْمَرْأَةِ فِي الدِّينِ الإسْلامِيّ
55 الْمَبْحَثُ الخَامِسُ: خَيْر نِسَاءِ الْعَالَمِينَ
63 الْفَصْلُ الثَّانِي: حَقُّ الْمَرْأَةِ بِالتَعْلِيمِ وَالعَمَلِ فِي الإسْلامِ
65 الْمَبْحَثُ الأوَّلُ: تَعْلِيم الْمَرْأَةُ فِي الإسْلامِ
80 الْمَبْحَثُ الثَّانِي: عَمَلُ الْمَرْأَةُ فِي الإسْلامِ
95 الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: تَوَلِّي الْمَرْأَةُ الْقَضَاءَ فِي الإسْلامِ
105 الْفَصْلُ الثَّالِثُ: حَقُّ الْمَرْأَةُ بِالزَّوَاجِ فِي الإسْلامِ
107 الْمَبْحَثُ الأوَّلُ: حَثُ الإسْلامُ عَلَى الزَّوَاجِ
120 الْمَبْحَثُ الثَّانِي: الْعَلاقَةُ الزَّوْجِيَّةُ فِي الإسْلامِ
130 الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: حَقُّ الزَّوْجَةِ بِالْمَهْرِ وَالنَّفَقَة
134 الْمَبْحَثُ الرَّابعُ: الْمُحَرَّمَاتُ مِنَ النِّسَاءِ
149 الْمَبْحَثُ الخَامِسُ: تَعَددُ الزوجَاتِ فِي الإسلام
الْبَابُ الثَّانِيَ
حُقُوقُ الْمَرْأَة السِّيَاسِيَّةِ فِي الإِسْلاَمِ
159 الْفَصْلُ الأَوَّلُ: حَقُّ الْمَرْأَة بِالْمُسَاوَاةِ فِي الإِسْلاَمِ
161 المَبْحَثُ الأَوَّلُ: أَسَاسُ حَقُّ الْمَرْأَة بِالْمُسَاوَاةِ فِي الإِسْلاَم
170 المَبْحَثُ الثَّانِي: نِطَاقُ حَقُّ مُسَاوَاةِ الْمَرْأَة بِالرَّجُلِ فِي الإِسْلاَمِ
190 المَبْحَثُ الثَّالِثُ: تَكْرِيم الْمَرْأَة فِي الإِسْلاَمِ
207 الفَصْلُ الثَّانِي: حَقُّ الْمَرْأَةِ فِي مُمَارِسَةِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ
209 الْمَبْحَثُ الأَوَّلُ: مَفْهُومُ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ وَحَقُّ الْمَرْأَةِ بمُمَارِسَتِهَا
217 الْمَبْحَثُ الثَّانِي: بَيْعَةُ النِّسَاءِ
233 الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: حَقُّ الْمَرْأَةِ بِالشُّورَى
237 الْمَبْحَثُ الرَّابعُ: تَوَلَّى الْمَرْأَةُ الْمَنَاصِبَ الْحُكُومِيَّةَ
242 الفَصْلُ الثَّالِثُ: حُدُودُ حُرِّيَّةِ الْمَرْأَةِ فِي الإِسْلاَمِ
244 الْمَبْحَثُ الأَوَّلُ: حُرِّيَّةُ الْمَرْأَة بِالتَّفْكِيرِ وَالرَّأْيِّ فِي الإِسْلاَمِ
259 الْمَبْحَثُ الثَّانِي: حُرِّيَّةُ الْعَقِيدَةِ للْمَرْأَةِ فِي الإِسْلاَمِ
268 الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: ثَقَافَةُ الْمَرْأَةِ فِي التَّسَامُحِ
285 الْمَبْحَثُ الرَّابعُ: حُرِّيَّةُ الْمَرْأَة بالتَّنَقُّل وَاللُّجُوء السِّيَاسِيّ
295 الْفَصْلُ الرَّابعُ: حِمَايَةُ الْمَرْأَةِ فِي الإِسْلاَمِ
297 الْمَبْحَثُ الأَوَّلُ: حِمَايَة النِّسَاءُ فِي المنِّازَعْاتِ الْمُسَلَّحَةِ
303 الْمَبْحَث الثَّانِيَ: حِمَايَةُ سَمْعَةُ الْمَرْأَةِ وَشَّرَفهَا
310 الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: حِمَايَةُ الْمَرْأَةِ مِنَ التَّعْذِيبِ
323 الْمَبْحَثُ الرَّابعُ: حِمَايَةُ الْمَرْأَةِ مِنْ الرِّقِّ
337 الْمَبْحَثُ الخَامِسُ: تَحْرِيمُ قَتْل النساء الْمُشْرِكَاتِ
347 المراجع والمصادر

الكتب ذات العلاقة

كتب المؤلف

القانون     الدولي موسوعة القانون الدولي الاسلامي ج8 حقوق المرأة في الاسلام
 
اضافة الكتاب الى سلة المشتريات
  الكمية:
حذف الكتاب:
   
   
 
 
انهاء التسوق
استمر بالتسوق
9789957168267 :ISBN
موسوعة القانون الدولي الاسلامي ج8 حقوق المرأة في الاسلام :الكتاب
أ.د سهيل حسين الفتلاوي :المولف
0.800 :الوزن
17*24 :الحجم
ابيض :الورق
360 :الصفحات
2014 :السنة
مجلد :النوع
$25 :السعر
 
:المقدمة

تُعَانِي الْمَرْأَةُ مُنْذُ القِدَمِ، مِنْ وَاقِعٍ قَانُونِيٍّ وَاجْتِمَاعِيِّ مُتَدَنٍ، وَتُعَامَلُ مُعَامَلَةً سَيِّئَةً مِنْ قبل الْعَائِلَةِ وَالدينِ وَالمُجْتَمَعِ وَالدَّوْلَةِ. وَلَمْ تَمْنَحْ الأدْيَانُ الْوَضْعِيَّةُ أَيَة حُقُوق لِلْمَرْأَةِ بِمَا يَتَنَاسَب وَوَضعهَا. وَقَدْ اسْتَمَرَّ هَذَا الْوَاقِعُ قُرُوناً عَدِيدَةً إِلَى وَقْتٍ قَرِيبٍ. وَكَانَتْ الْحروبُ الَّتِي وَقَعتْ بَيْنَ الدَّوْلِ الْغَرْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَبِخَاصَّةٍ فِي الْحَرْبيْن العَالَمِيّتيْن الأولَى وَالثَّانِيَةِ، وَالْحُرُوبُ الدُّوَلِيَّةُ وَالأهْلِيَّةُ الَّتِي شَهدتهَا الْعَدِيدُ مِنْ دُوَلِ العَالمِ، وَمَا لَحقَ بِالْمَرْأَةِ مِنْ قَتْلٍ وَتَعْذِيبٍ وَتَشْرِيدٍ وَاغْتِصَابٍ، الأمْرُ الَّذِي يَتَطَلّبُ الوقُوفَ أَمَامَ هَذِهِ الْحَالَةَ الإنْسَانِيَّةَ وَالعَمَلُ عَلَى حِمَايَةِ الْمَرْأَةِ. فَالْمَرْأَةُ كَانَتْ وَلا تَزَالُ مُحْور الانْتِهَاكَاتِ الَّتِي تَلحَق بِالْبَشَرِيَّةِ مِنْ جَرَّاءِ الأزمَاتِ وَالْحروبِ. وَبِالإضَافَةِ إِلَى ذَلِك فَإِنّ مَا يُصِيبُ الزَّوْجَ وَالابْنَ وَالأبَ وَالأمَّ وَالأخَ يُصِيبُ الْمَرْأَةَ وَيَمسُ حُقُوقهَا. فَهِيَ أَكْثَر المُتَضَررِينَ مِنْ جَرَّاء المنازَعَات الْمُسَلَّحَةِ الدُّوَلِيَّةِ وَالأهْلِيَّةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. وَقَدْ تَنَبَهَ المُجْتَمَعُ الدُّوَلِيُّ إِلَى وَاقِعِ الْمَرْأَةِ. وَعَلَى الرّغمِ مِنْ عَقْدِ الْعَدِيدِ مِنَ الاتِّفَاقِيَّاتِ الدُّوَلِيَّةِ الَّتِي مَنَحَتْ الْمَرْأَةَ بَعْض حُقوقِهَا، إِلا أَنَّ هَذِهِ الاتِّفَاقِيَّاتِ لَمْ تَجدْ التَّطْبِيقَ الْعَمَلِيَّ لِحِمَايَةِ الْمَرْأَةِ، بِسَبَبِ عَدَمِ وُجُودِ قُوَّةٍ تَنفِيذِيَّةٍ لِهَذِهِ الاتِّفَاقِيَّاتِ، لأنَّ الاعْتِرَاف بالحُقُوقِ الْوَارِدَةِ فِيهَا إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى حِسَابِ الرَّجُلِ الَّذِي يَملكُ المَالَ وَحَق إصْدَارِ القَوانِيَنَ، الأمْر الَّذِي حَرمَ الْمَرْأَةَ مِنَ العَدِيدِ مِنَ الحُقُوقِ. وَعَلَى الرَغمِ مِنْ أَنَّ التَّطَوُّر الَّذِي يَشْهَدُهُ العَالم فِي الْمَجَالاتِ كَافَّةِ قَدْ وَصلَ إِلَى مَرْحَلَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، فَإِنَّ الْمَرْأَة لا تَزَالُ تُعَانِي مِنَ انْتِهَاكِ حُقُوقِهَا، وَلَمْ يُعْتَرفْ لَهَا بِذِمَةٍ مَالِيَّةٍ مُنْفَصِلةٍ، حَتَّى فِي الدَّوْلِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي عَقَدتْ الْعَدِيدَ مِنَ المُعاهَدَاتِ الدُّوَلِيَّةِ وَشَرَعَتْ القَوانِيَنَ الْخَاصَّة بِحِمَايَةِ الْمَرْأَةِ. وَالشَّيْءُ المُفَارقُ لمُتَطلبَاتِ الحَقَائِقِ، هُوَ أَنَّ الأقَلِّيَّاتَ مَهْمَا كَانَ نَوْعهَا هِيَ الَّتِي تُطَالبُ بِحُقُوقِهَا مِنْ طغيَانِ الأكْثَرِيَّةِ حَتَّى فِي الدَّوْلِ العَرِيقَةِ بِالدِّيمُقْرَاطِيَّةِ، بَيْنَمَا تُعَدُّ الْمَرْأَةُ هِيَ الأكْثَرِيَّةُ فِي التِعدَادِ السُكَانِي فِي جَمِيع دُوَلِ العَالمِ، وَلَكِنَّهَا تُعَانِي فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ، مِنَ الاضْطِهَادِ والتَشَردِ والتَرَملِ، والتَّعْذِيبِ، وَكظْمِ الحُقُوقِ وَإهدَارِ الْحُرِّيَّاتِ، وَمِنْ تَسَلطِ الأقَلِّيَّةِ وَهُمْ الرِّجَالُ وَالقَابِضُونَ عَلَى السُّلْطَةِ. وَكَانَتْ الشَّرِيعَةُ الإسْلاميََّةُ قَدْ سَبَقتْ جَمِيعَ الْمُجْتَمِعَاتِ الدُّوَلِيَّةِ فِي حِمَايَةِ حُقُوقِهَا وَضَمَان مُسْتَقْبَلهَا. فَقَدْ وَرَدَتْ الْعَدِيدُ مِنَ الآيَات فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ، وَالأحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ، وَمَا وَضَعهُ فِي ضَوْءِ ذَلِك الْفُقَهَاءُ المُسْلِمُونَ قَدْ ضَمِنَتْ حُقُوق الْمَرْأَةِ بِشَكْلٍ مُخْتَلَف تَمَاماً عَمَا عَلَيْهِ فِي الدَّوْلِ الْمُتَقَدِّمَةِ. فَقَدْ أَقَرَّ الإسْلام لِلْمَرْأَةِ ذِمَةً مَالِيَّةً مُنْفَصِلةً عَن الْعَائِلَةِِ وَعَن الزَّوْج، وَمَنْحهَا الحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ وَالشَخْصِيَّةَ بِشَكْلٍ مُسْتَقِلٍّ وَكَامِلٍ. وَمَنْحهَا حُقُوقهَا الْمَشْرُوعَة سَوَاء أَكَانَتْ مُتَزَوِّجَة أَمْ غَيْرِ مُتَزَوِّجَة. وَأقرَ لَهَا أَهْلِيَّةً قَانُونِيَّةً وَقَضَائِيَّة كَامِلَةً. وَأَمَا فِيمَا يَتَعلقُ بِالْولايَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ عَلَيْهَا، إِنَّمَا أُقرتْ لِحِمَايَةِ الْمَرْأَةِ وَعَدَم اسْتِغْلالِهَا مِنْ قبل الآخَرِينَ. فَالْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ تَتَمَتَّعُ بالعَدِيدِ مِنَ الحُقُوقِ الَّتِي أقَرَّهَا القَانُونُ الدُّوَلِيُّ الْعَام، إِلا فِيمَا يَتَعلقُ بِالمسَاسِ بِدِينهَا وَطَبِيعَة المُجْتَمَعِ الإسْلاميِّ، وَالْمُحَافَظَة عَلَى عَفَافِهَا وَشَخْصِيَّتِهَا وَأَدَمِيتهَا. وَسَنَتَنَاوَلُ حُقُوقَ الْمَرْأَةِ الثَّابِتَةِ فِي الشَّرِيعَةِ الإسْلاميََّةِ، دون أَنْ نَعتَمدَ عَلَى مَذهبٍ مُعَيَّنٍ، مَعَ مُقَارَنَتهَا بِمَا هُوَ وَارِد فِي المُعاهَدَاتِ الدُّوَلِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ الإنْسَانِ بِصُورَةٍ عَامَّةٍ، وَمَا وَرَدَ فِي المُعاهَدَاتِ الدُّوَلِيَّةِ الْخَاصَّةِ بِحُقُوقِ الْمَرْأَةِ بِصُورَةِ خَاصَّةٍ، وَالجُهُودِ الدُّوَلِيَّةِ الْخَاصَّةِ بِحِمَايَةِ الْمَرْأَةِ

 
:الفهرس
 
:الكتب ذات العلاقة
 
:كتب المؤلف