الوافي في النظام الدستوري

ISBN 9789957168537
الوزن 0.850
الحجم 17*24
الورق ابيض
الصفحات 448
السنة 2023
النوع مجلد

الحمدُ لله الذي هداني لهذا، وما كُنت لأهتدي لولا أن هداني الله، وما توفيقي إلاّ بالله. فلقد بدأت في كتابة هذا الكتاب قبل خمس سنوات، حين شعرت بقلّةِ المؤلّفات المتخصصة التي تشرح النظام الدستوري الأردني وتُبيّن نظام الحكم في الأردن ومدى حاجة كلّيات الحقوق في الأردنّ التي زاد عددها على أربع عشرة كلّية وفيها حوالي ستّة آلاف طالب وطالبة، يقوم على تدريسهم والإشراف على بحوثهم ما يُقارب مائتين وخمسين عضو هيئة تدريس. وليست كلّيات الحقوق وحاجاتها من الكتب القانونية هي التي تدفعني وزملائي إلى تأليف الكتب وكتابة البحوث فحسب، وإنّما هناك مؤسسات قانونيّة متعددة تتكوّن من مجموعة كبيرة من رجال القانون هم بحاجة أيضاً إلى الكتب والبحوث التي يجدون فيها ضالتهم ويدعمون بها آراءهم سواءً كانوا قضاة أم محامين أم مستشارين أم سياسيين. وبالرغم من أنّ النظام الدستوري الأردني كان من الموضوعات التي تولّيت تدريسها على مدار الثمانية والعشرين عاماً في كلّ من جامعة مؤتة والجامعة الأردنيّة وجامعة عمّان العربية وأكاديمية الشرطة الملكيّة وكلّية الحرب والمعهد القضائي معتمداً على مجموعة محددة من المؤلفات، إلاّ أن مهمتي في إعداد هذا الكتاب لم تكن سهلة وميسّرة، بل كانت مليئة بالصعوبات والتحدّيات، وتمثلت في قلّة عدد المراجع وحساسية بعض الموضوعات واختلاف مكوّنات ومستويات الفئات المستهدفة منه والتعديلات الدستورية اللاحقة التي أُجريت في 1/1/2011 والتي صدرت في 28/9/2011 ونشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 1/10/2011 وطالت أكثر من ثُلث مواد الدستور، والإسراف في تغيير وتعديل التشريعات الأساسية ذات العلاقة بالنظام الدستوري الأردني خاصّة قانون الانتخاب لمجلس النوّاب رقم (25) لسنة 2012 المعدّل بقانون رقم (28) لسنة 2012 وصدور قانون الهيئة المستقلّة للانتخاب رقم (11) لسنة 2012 وقانون المحكمة الدستورية رقم (15) لسنة 2012 وغيرها. لا بل إنّ زيادة الوعي الدستوري لدى العامّة والخاصّة ــ خاصّة بعد ما يُسمّى بالربيع العربي ــ قد زاد من مساحة المسؤولية وثقل المهمّة والجهد المطلوب. لقد كان للتعديلات الدستورية وصدور كثير من القوانين التي أشرنا إلى البعض منها آثار مهمة في الواقع الدستوري والسياسي الأردني تمثّلت بإجراء انتخابات نيابية لمجلس النوّاب السابع عشر 23/1/2013 وفق أحكام التعديلات الدستورية الحديثة والتي أصبحت سارية المفعول في 1/1/2011 وقانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (25) لسنة 2012 المعدّل بإشراف الهيئة المستقّلة للانتخاب، وما تضمنته هذه التشريعات من أحكام متطوّرة لضمان سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها وما قرّرته هذه الأحكام من إشراف قضائي على غالبية مراحلها وانتهاء في حقّ القضاء ممثلاً بمحكمة الاستئناف في الفصل في صحّة نيابة عضو مجلس النوّاب. أعود فأقول بأنّه قد واجهتني صعوبات كثيرة وتحدّيات جمّة أثناء إعداد هذا الكتاب كانت توقفني تارّةً وتؤخّرني عن الكتابة تارّةً أُخرى، لكنني ما ألبث أن أستجمع قوتي وفكري وأعيش بين مراجعي وأبحاثي لأعود مترجلاً وممتطياً قلمي للكتابة في أصعب الميادين العلميّة التي أصبحت تتزاحم فيها الآراء وتتلاطم فيها الأهواء، لكن الوفاء للعلم وللوطن وللمواطن كان مصدر إلهام وقوة للمضيّ في هذا المشوار الصعب. وسوف يتبيّن للقارئ بعد اطّلاعه على هذا المؤلف مثلما يطلع على مؤلفات زملائي في القانون الدستوري والنظام الدستوري الأردني أن أستاذ الجامعة وبخاصّة أستاذ القانون الدستوري لا يعيش ــ كما يرى البعض ــ في برج عاجي وإنّما في ميدان العمل السياسي البنّاء، لأنّه إذا كانت السياسة هي إدارتنا وكرامتنا فإنّ علم القانون بحث وتفكير بعيد عن كلّ أسباب التأثير. وإذا كان رجال الحكم يبحرون في سفينتهم في بحر السياسة، فإنّ رجال العلم يجب ألاّ يكونوا في تلك السفينة ــ ليس هرباً أو استعلاءً ــ وإنّما لأنه يجب أن يكونوا في المنارة التي توجّه بضوئها السفينة إلى برّ الأمان. لقد حاولت في عرض موضوعات هذا الكتاب أن أشرح ما هو كائن على ضوء النصوص الدستورية وأن أبيّن ما يجب أن يكون على ضوء النظريات والاتجاهات الفقهية، لأضع أمام القارئ رُؤى مستقبليّة يمكن أن تعينه وتساعده كلاً في موقعه سواءً أكان أكاديمياً أم قانونياً أم سياسياً. توقّفت عند بعض الموضوعات فشرحتها شرحاً مفصّلاً يتلاءَم ما يتطلبه الموضوع والموقف، وعرضت البعض منها عرضاً موجزاً ينسجم مع طبيعته وخصوصيّته، وكلّي أمل أن يحقّق هذا المنهج خدمة للجميع. إنّ الكتابة في النظام الدستوري الأردني لا تتطلب من المؤلّف الوقوف عند شرح الدستور الأردني لعام 1952 مع تعديلاته التي زادت على ستين تعديلاً وما يحويه هذا الدستور من قواعد وأحكام تبيّن الدولة ونظام الحكم فيها والسلطات الثلاث والعلاقة فيما بينها وبين المواطن وضمانات حُسن إدارة الدولة، ومسؤولية الحاكم والمحكوم فيها فحسب، بل إنّ فهم النظام الدستوري لأي دولة لا يقف عند معرفة مكوناته القانونيّة المجرّدة بل يمتدّ إلى ما يحيط به من مؤسسّات ونشاطات غير رسميّة لها تأثير كبير فيه وعلى مصادر متعدّدة يُسميها الفقه الدستوري بالقوى المستترة، كجماعات الضغط بأنواعها، والأحزاب السياسية بأيديولوجيّاتها، والصحافة بتوجّهاتها وانتماءاتها، والرأي العامّ بمكوناته واتّجاهاته مع ما لهذه المؤسسّات الرسميّة وغير الرسميّة من استحقاقات عرفية وارتباطات وجذور تاريخية. وحيث إنّ النظام الدستوري الأردني الحالي المبني على نصوص دستور المملكة الأردنيّة الهاشميّة لعام 1952 مع تعديلات يمثّل مرحلة دستورية متطوّرة لمراحل تاريخية ودستورية مرّت بها الدولة الأردنيّة، فقد آثرت أن يُقسم هذا الكتاب إلى قسمين:  القسـم الأول: وأعرض فيه التطوّر التاريخي والدستوري للدولة الأردنيّـة (1921 ــ 1952).  القسـم الثاني وأُخصّصه للنظام الدستوري للمملكة الأردنيّة الهاشميّة في ظلّ دستور (1952) المعدّل. وبهذا أكون وبتوفيق من الله قدْ قدّمت للمكتبة القانونية العربيّة والمكتبة القانونيّة الأردنيّة مؤلّفاً خامساً أُضيفه إلى مؤلّفاتي الأربع السابقة وهي «الأحزاب السياسية ودورها في النظم السياسية المعاصرة» و«مبادئ في النظم السياسية» و«الوجيز في القانون الدستوري» و«الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري» الذي طُبع اثنتا عشرة طبعة ابتداءً من عام 2000 وحتّى عام 2013، بالإضافة إلى ما يزيد على خمسين بحثاً علمياً وورقة عمل قُدّمت في مؤتمرات وندوات أردنيّة وعالمية. وأخيراً إلى أساتذتي عهداً بالوفاء ودعاءً بالرحمة والمغفرة، وإلى زملائي العلماء الأفاضل وإلى أبنائي الأعزّاء الذين اختاروا التعليم رسالةً لهم، أُوصيكم بتقوى الله والمحافظة على علمكم وقُدُسيّة رسالتكم، استمروا بالعطاء والصدق والوفاء لأمّتكم ووطنكم وأبنائكم، تمسّكوا بكرامتكم وعزّة نفسكم احتراماً لقُدسيّة ورفعة علمكم، كرامة وعزّة الإمام الشافعي رحمه الله حين بَعث إليه الخليفة العبّاسي هارون الرشيد طالباً منه أن يأتي ليُدَرِّسَ أبناءَه في قصره، فردَّ عليه الإمام الشافعي قائلاً: «يا أمير المؤمنين إنَّ العلم لا يأتي وإنّما يؤتى إليه»، وموضوعيّة وتواضع أبي حنيفة النعمان إذ كان يُردِّدُ دائماً: «علمنا هذا رأي فمن جاء بأفضل منه قبلنا».

الصفحةالموضوع
9 المقدمة
القسم الأول
التطور التاريخي والدستوري للدولة الأردنية (1921 ــ 1952)
16 الباب التمهيدي: إضاءة تاريخية لنشأة الدولة الأردنية
35 الباب الأول: القانون الأساسي لشرق الأردن 1928
36 الفصل الأول: أسلوب نشأة القانون الأساسي لعام 1928
43 الفصل الثاني: خصائص القانون الأساسي لشرق الأردن لعام 1928
46 الفصل الثالث: نظام الحكم في القانون الأساسي 1928
57 الباب الثاني: دستور المملكة الأردنية الهاشمية 1946
58 الفصل الأول: أسلوب نشأة دستور المملكة الأردنية الهاشمية لعام 1946
60 الفصل الثاني: خصائص دستور المملكة الأردنية الهاشمية 1946
65 الفصل الثالث: نظام الحكم في دستور المملكة الأردنية الهاشمية 1946
القسم الثاني
النظام الدستوري للمملكة الأردنية الهاشمية في ظل دستور 1952 المعدّل
80 الباب التمهيدي: إضاءة تاريخية لنشأة دستور 1952 وخصائصه
81 الفصل الأول: ظروف وأسباب صدور دستور 1952
86 الفصل الثاني: خصائص دستور 1952
107 الباب الأول: السلطة التنفيذية
108 الفصل الأول: الملك
108 المبحث الأول: تولي العرش
111 المبحث الثاني: اختصاصات الملك
113 المطلب الأول: اختصاصات الملك المقيّدة
162 المطلب الثاني: اختصاصات الملك التقديرية
182 الفصل الثاني: مجلس الوزراء
182 المبحث الأول: تكوين مجلس الوزراء
188 المبحث الثاني: اختصاصات مجلس الوزراء ومسؤولياته
203 الباب الثاني: السلطة التشريعية
204 الفصل الأول: تكوين مجلس الأمة
204 المبحث الأول: تكوين مجلس الأعيان
208 المبحث الثاني: تكوين مجلس النواب
211 المطلب الأول: الناخب
231 المطلب الثاني: المرشح
260 الفصل الثاني: اختصاصات السلطة التشريعية
260 المبحث الأول: الوظيفة التشريعية
260 المطلب الأول: اقتراح القوانين
262 المطلب الثاني: إقرار القوانين
263 المطلب الثالث: التصديق والإصدار
265 المبحث الثاني: الوظيفة المالية
277 الباب الثالث: السلطة القضائية
278 الفصل الأول: تكوين السلطة القضائية
278 المبحث الأول: أنواع المحاكم
278 المطلب الأول: المحاكم النظامية
284 المطلب الثاني: المحاكم الدينية
287 المطلب الثالث: المحاكم الخاصة
288 المبحث الثاني: المحاكم المتخصصة وعلاقتها بالسلطتين التنفيذية والتشريعية
288 المطلب الأول: القضاء الإداري (محكمة العدل العليا)
293 المطلب الثاني: المحكمة الدستورية
297 الباب الرابع: مبدأ الفصل بين السلطات والعلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية
299 الفصل الأول: العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية
300 الفصل الثاني: مظاهر تدخل السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية
306 الفصل الثالث: مظاهر تدخل السلطة التشريعية بالسلطة التنفيذية
327 الملحق: دستور المملكة الأردنية الهاشمية 1952

الكتب ذات العلاقة

كتب المؤلف

القانون     النظم السياسية والقانون الدستوري الوافي في النظام الدستوري
 
اضافة الكتاب الى سلة المشتريات
  الكمية:
حذف الكتاب:
   
   
 
 
انهاء التسوق
استمر بالتسوق
9789957168537 :ISBN
الوافي في النظام الدستوري :الكتاب
أ.د نعمان احمد الخطيب :المولف
0.850 :الوزن
17*24 :الحجم
ابيض :الورق
448 :الصفحات
2023 :السنة
مجلد :النوع
$25 :السعر
 
:المقدمة

الحمدُ لله الذي هداني لهذا، وما كُنت لأهتدي لولا أن هداني الله، وما توفيقي إلاّ بالله. فلقد بدأت في كتابة هذا الكتاب قبل خمس سنوات، حين شعرت بقلّةِ المؤلّفات المتخصصة التي تشرح النظام الدستوري الأردني وتُبيّن نظام الحكم في الأردن ومدى حاجة كلّيات الحقوق في الأردنّ التي زاد عددها على أربع عشرة كلّية وفيها حوالي ستّة آلاف طالب وطالبة، يقوم على تدريسهم والإشراف على بحوثهم ما يُقارب مائتين وخمسين عضو هيئة تدريس. وليست كلّيات الحقوق وحاجاتها من الكتب القانونية هي التي تدفعني وزملائي إلى تأليف الكتب وكتابة البحوث فحسب، وإنّما هناك مؤسسات قانونيّة متعددة تتكوّن من مجموعة كبيرة من رجال القانون هم بحاجة أيضاً إلى الكتب والبحوث التي يجدون فيها ضالتهم ويدعمون بها آراءهم سواءً كانوا قضاة أم محامين أم مستشارين أم سياسيين. وبالرغم من أنّ النظام الدستوري الأردني كان من الموضوعات التي تولّيت تدريسها على مدار الثمانية والعشرين عاماً في كلّ من جامعة مؤتة والجامعة الأردنيّة وجامعة عمّان العربية وأكاديمية الشرطة الملكيّة وكلّية الحرب والمعهد القضائي معتمداً على مجموعة محددة من المؤلفات، إلاّ أن مهمتي في إعداد هذا الكتاب لم تكن سهلة وميسّرة، بل كانت مليئة بالصعوبات والتحدّيات، وتمثلت في قلّة عدد المراجع وحساسية بعض الموضوعات واختلاف مكوّنات ومستويات الفئات المستهدفة منه والتعديلات الدستورية اللاحقة التي أُجريت في 1/1/2011 والتي صدرت في 28/9/2011 ونشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 1/10/2011 وطالت أكثر من ثُلث مواد الدستور، والإسراف في تغيير وتعديل التشريعات الأساسية ذات العلاقة بالنظام الدستوري الأردني خاصّة قانون الانتخاب لمجلس النوّاب رقم (25) لسنة 2012 المعدّل بقانون رقم (28) لسنة 2012 وصدور قانون الهيئة المستقلّة للانتخاب رقم (11) لسنة 2012 وقانون المحكمة الدستورية رقم (15) لسنة 2012 وغيرها. لا بل إنّ زيادة الوعي الدستوري لدى العامّة والخاصّة ــ خاصّة بعد ما يُسمّى بالربيع العربي ــ قد زاد من مساحة المسؤولية وثقل المهمّة والجهد المطلوب. لقد كان للتعديلات الدستورية وصدور كثير من القوانين التي أشرنا إلى البعض منها آثار مهمة في الواقع الدستوري والسياسي الأردني تمثّلت بإجراء انتخابات نيابية لمجلس النوّاب السابع عشر 23/1/2013 وفق أحكام التعديلات الدستورية الحديثة والتي أصبحت سارية المفعول في 1/1/2011 وقانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (25) لسنة 2012 المعدّل بإشراف الهيئة المستقّلة للانتخاب، وما تضمنته هذه التشريعات من أحكام متطوّرة لضمان سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها وما قرّرته هذه الأحكام من إشراف قضائي على غالبية مراحلها وانتهاء في حقّ القضاء ممثلاً بمحكمة الاستئناف في الفصل في صحّة نيابة عضو مجلس النوّاب. أعود فأقول بأنّه قد واجهتني صعوبات كثيرة وتحدّيات جمّة أثناء إعداد هذا الكتاب كانت توقفني تارّةً وتؤخّرني عن الكتابة تارّةً أُخرى، لكنني ما ألبث أن أستجمع قوتي وفكري وأعيش بين مراجعي وأبحاثي لأعود مترجلاً وممتطياً قلمي للكتابة في أصعب الميادين العلميّة التي أصبحت تتزاحم فيها الآراء وتتلاطم فيها الأهواء، لكن الوفاء للعلم وللوطن وللمواطن كان مصدر إلهام وقوة للمضيّ في هذا المشوار الصعب. وسوف يتبيّن للقارئ بعد اطّلاعه على هذا المؤلف مثلما يطلع على مؤلفات زملائي في القانون الدستوري والنظام الدستوري الأردني أن أستاذ الجامعة وبخاصّة أستاذ القانون الدستوري لا يعيش ــ كما يرى البعض ــ في برج عاجي وإنّما في ميدان العمل السياسي البنّاء، لأنّه إذا كانت السياسة هي إدارتنا وكرامتنا فإنّ علم القانون بحث وتفكير بعيد عن كلّ أسباب التأثير. وإذا كان رجال الحكم يبحرون في سفينتهم في بحر السياسة، فإنّ رجال العلم يجب ألاّ يكونوا في تلك السفينة ــ ليس هرباً أو استعلاءً ــ وإنّما لأنه يجب أن يكونوا في المنارة التي توجّه بضوئها السفينة إلى برّ الأمان. لقد حاولت في عرض موضوعات هذا الكتاب أن أشرح ما هو كائن على ضوء النصوص الدستورية وأن أبيّن ما يجب أن يكون على ضوء النظريات والاتجاهات الفقهية، لأضع أمام القارئ رُؤى مستقبليّة يمكن أن تعينه وتساعده كلاً في موقعه سواءً أكان أكاديمياً أم قانونياً أم سياسياً. توقّفت عند بعض الموضوعات فشرحتها شرحاً مفصّلاً يتلاءَم ما يتطلبه الموضوع والموقف، وعرضت البعض منها عرضاً موجزاً ينسجم مع طبيعته وخصوصيّته، وكلّي أمل أن يحقّق هذا المنهج خدمة للجميع. إنّ الكتابة في النظام الدستوري الأردني لا تتطلب من المؤلّف الوقوف عند شرح الدستور الأردني لعام 1952 مع تعديلاته التي زادت على ستين تعديلاً وما يحويه هذا الدستور من قواعد وأحكام تبيّن الدولة ونظام الحكم فيها والسلطات الثلاث والعلاقة فيما بينها وبين المواطن وضمانات حُسن إدارة الدولة، ومسؤولية الحاكم والمحكوم فيها فحسب، بل إنّ فهم النظام الدستوري لأي دولة لا يقف عند معرفة مكوناته القانونيّة المجرّدة بل يمتدّ إلى ما يحيط به من مؤسسّات ونشاطات غير رسميّة لها تأثير كبير فيه وعلى مصادر متعدّدة يُسميها الفقه الدستوري بالقوى المستترة، كجماعات الضغط بأنواعها، والأحزاب السياسية بأيديولوجيّاتها، والصحافة بتوجّهاتها وانتماءاتها، والرأي العامّ بمكوناته واتّجاهاته مع ما لهذه المؤسسّات الرسميّة وغير الرسميّة من استحقاقات عرفية وارتباطات وجذور تاريخية. وحيث إنّ النظام الدستوري الأردني الحالي المبني على نصوص دستور المملكة الأردنيّة الهاشميّة لعام 1952 مع تعديلات يمثّل مرحلة دستورية متطوّرة لمراحل تاريخية ودستورية مرّت بها الدولة الأردنيّة، فقد آثرت أن يُقسم هذا الكتاب إلى قسمين:  القسـم الأول: وأعرض فيه التطوّر التاريخي والدستوري للدولة الأردنيّـة (1921 ــ 1952).  القسـم الثاني وأُخصّصه للنظام الدستوري للمملكة الأردنيّة الهاشميّة في ظلّ دستور (1952) المعدّل. وبهذا أكون وبتوفيق من الله قدْ قدّمت للمكتبة القانونية العربيّة والمكتبة القانونيّة الأردنيّة مؤلّفاً خامساً أُضيفه إلى مؤلّفاتي الأربع السابقة وهي «الأحزاب السياسية ودورها في النظم السياسية المعاصرة» و«مبادئ في النظم السياسية» و«الوجيز في القانون الدستوري» و«الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري» الذي طُبع اثنتا عشرة طبعة ابتداءً من عام 2000 وحتّى عام 2013، بالإضافة إلى ما يزيد على خمسين بحثاً علمياً وورقة عمل قُدّمت في مؤتمرات وندوات أردنيّة وعالمية. وأخيراً إلى أساتذتي عهداً بالوفاء ودعاءً بالرحمة والمغفرة، وإلى زملائي العلماء الأفاضل وإلى أبنائي الأعزّاء الذين اختاروا التعليم رسالةً لهم، أُوصيكم بتقوى الله والمحافظة على علمكم وقُدُسيّة رسالتكم، استمروا بالعطاء والصدق والوفاء لأمّتكم ووطنكم وأبنائكم، تمسّكوا بكرامتكم وعزّة نفسكم احتراماً لقُدسيّة ورفعة علمكم، كرامة وعزّة الإمام الشافعي رحمه الله حين بَعث إليه الخليفة العبّاسي هارون الرشيد طالباً منه أن يأتي ليُدَرِّسَ أبناءَه في قصره، فردَّ عليه الإمام الشافعي قائلاً: «يا أمير المؤمنين إنَّ العلم لا يأتي وإنّما يؤتى إليه»، وموضوعيّة وتواضع أبي حنيفة النعمان إذ كان يُردِّدُ دائماً: «علمنا هذا رأي فمن جاء بأفضل منه قبلنا».

 
:الفهرس
 
:الكتب ذات العلاقة
 
:كتب المؤلف